وفوجئوا بسلاح “حزب الله”!

عالية منصور

لـ”حزب الله” تاريخ طويل من عمليات الاغتيال والقتل والعمليات الإرهابية، عملياته لم تكن يوماً محصورة بحدود لبنان الجغرافية، فهو لطالما كان الذراع الميليشيوية الاولى للجمهورية الاسلامية في ايران.

قليل من البحث عن ارتكابات الحزب تجعلنا ندرك انه يكاد لا يوجد بلد عربي او اجنبي إلا ووصلت اليه يد الحزب، قتلاً او تفجيراً او تهريباً او تجارة مخدرات او تبيض اموال، فكيف الحال مع لبنان واللبنانيين، بالنسبة إلى الحزب “الاقربون أولى بالمعروف” ولو كان المعروف ترهيباً وقتلاً.

من تجارة المخدرات وتبيض الأموال في أميركا اللاتينية، الى تصدير الكبتاغون الى الدول العربية، وتجارة السلاح في أفريقيا، والعمليات الإرهابية داخل لبنان وخارجه، من الكويت الى السعودية والعراق، الى مشاركته بحرب بشار الاسد على السوريين وكذلك مشاركته مع الحوثيين حربهم ضد الشرعية في اليمن، الى الاغتيالات في لبنان والتي لم يكن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أولها ولا اخرها وان كانت هي العملية الزلزال، الى اجتياح بيروت والجبل في ايار 2008، من دون ان ننسى “مسيرة” القمصان السود… قائمة جرائم وانتهاكات الحزب لا تتسع لها مقالة رأي، وليس فيها من جريمة مخفية ولا نذيع سراً ان تحدثنا عن اي من جرائمه، ومع ذلك كله نقطتان لافتتان جداً استوقفتاني بالأمس:

النقطة الأولى، انه وبعد ما شهدته بيروت بالأمس من اشتباكات بعد قرار”حزب الله” وحركة “أمل” التظاهر أمام قصر العدل رفضاً لأداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وما لحق ذلك من اشتباكات أدت إلى سقوط 6 ضحايا على الاقل، فاجأنا البعض بأنه فوجئ بأداء الحزب والحركة تباعاً، وكأنه كان ينتظر فعلاً ان يشارك الحزب بتظاهرة “حضارية” فيرفع مناصروه الأعلام اللبنانية والشعارات المطالبة بالعدالة والحقيقة، وكأن نيترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ العاصمة ودمرت بيروت وتسببت بقتل أكثر من 200 ضحية لا علاقة للحزب بتخزينها، ولا هي أدخلت الى لبنان لتهرّب الى حليف الحزب بشار الأسد ليقتل بها الشعب السوري.

البعض اكتشف بالامس أن “حزب الله” ميليشيا وبدأ “يتحفنا” قراء ومشاهدون باكتشافه واستنتاجاته، وكأن جولة الحرب التي عشناها امس لم نعشها مرارا وتكرارا في السنوات الـ 17 الأخيرة.

النقطة الثانية، التي لا تقل إثارة عن الاولى، هي إصرار البعض ان اللبنانيين قادرون بسلاحهم الفردي على التصدي لـ”حزب الله” بل وقد يجبرونه على تسليم سلاحه للدولة اللبنانية ليتحول بعدها الى حزب سياسي مسالم يدعو للحفاظ على سيادة الدولة وسلمها الاهلي، ولكن ما ينقصهم هو الإرادة.

“حزب الله” الذي ارتكب جرائم ارهابية على مساحة لبنان والعالم العربي ووصل الى اميركا واوروبا وافريقيا. “حزب الله” الذي تقف خلفه دولة لم تتخل يوماً عن تقديم الدعم المادي والسياسي واللوجسيتي له، يريد البعض ان يحاربه بمسدس عيار 5 ميليمترات؟!

هل يعني هذا ان لا سبيل الا بالرضوخ لـ”حزب الله”؟ بكل تأكيد لا، بل يعني ذلك ان الدخول بمعركة عسكرية غير متكافئة لن تكون الا انتحاراً، او بالأصح نحراً للمدنيين وهذا ما عشناه امس، ونحراً لما تبقى من مفهوم الدولة.

ان مسألة “حزب الله” وسلاحه لم تعد مسألة لبنانية، وان كانت “القوى السيادية” صادقة برغبتها بالتصدي للحزب فما عليها الا تشكيل جبهة سيادية تشكل عامل ضغط في اي مفاوضات مع ايران والدول العربية والغربية، بدل التلهي بمناكفات بين بعضها البعض من اجل مقعد نيابي هنا وكرسي وزاري هناك، ولترفض ان يكون لبنان جائزة ترضية يقدمها روبرت مالي لايران كحافز ومشجع، اما الدعوة الى السلاح مقابل السلاح، فهذه بكل تأكيد لن تؤثر في الحزب ولن تردعه لا الأمس ولا الغد، بل على العكس ستثبت ما يقوله الحزب بأن “الدولة عاجزة”.

فكفى بكم لعباً بأرواح الناس ومصيرها. ندرك أن “حزب الله” ارهابي، ولسنا بحاجة لنعيش جولات كجولة امس لنثبت ذلك طالما ان احدكم لا يستطيع الصمود بوجهه لـ 24 ساعة، بل أكثر من ذلك تريدون من الناس الصمود وتقديم حياتهم وانتم في قصوركم آمنون.

شارك المقال