التقارب السعودي – الإيراني: حاجة مشتركة؟

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

تتسارع المواقف والتصريحات عن التقدم في المفاوضات السعودية – الإيرانية، مع إشارات متبادلة من الطرفين عن النية الجدية بمواصلة هذا المسار حتى التطبيع الكامل.

كثيرة هي الملفات المفتوحة من دون تسويات أو أنصاف حلول في المنطقة، ما يزيد من أهمية ملف العلاقات السعودية – الإيرانية، باعتبار ان ايجابياته إن تحققت ستفلش على كل الملفات الإقليمية تقريباً… بدءاً باليمن إلى العراق فسوريا حتى لبنان.

هذا التحريك الهادىء للمفاوضات السعودية – الإيرانية يأتي في سياق موجة صوتية صاخبة، عن تطبيع اجباري بين العرب ونظام بشار الأسد في دمشق، يبدو أن الهدف منه حرف الأنظار عن الجهة حيث يجري الحدث الفعلي، وليس شرطاً ان يكون المشهد السعودي – الإيراني هو هذا الحدث الفعلي بل ربما محطة أساسية فيه ودافعاً لبلوغ مآله الأخير.

ثم إن موجة الترويج للتطبيع مع نظام الأسد هي في الحقيقة دعوة الى تعويم هذا النظام، بانتظار أن يكون الروس قد أكملوا طبخ الانتقال السياسي في “سوريا المفيدة” المحكوم ببقاء الأسد حتى بدء التحول المفترض. كما أنها ترقى الى مسايرة اللاعبين الكبار على المشهد السوري: موسكو أولًا ثم طهران وأنقرة ثانيًا، بأمل حماية حساسيات جيو – سياسية لدول الجوار.

قبل موجة التطبيع مع الأسد راجت حملة التطبيع مع إسرائيل وأخذت مدى لافتاً قبل أن يلجمها “صد” سعودي وعدوان إسرائيلي على غزة في أيار الماضي، مما رفع منسوب “الحياء” العربي وأحيا ديبلوماسية “السترة” مجدداً.

حملة التطبيع مع إسرائيل مرت من دون ضجيج، ما أظهر الى أي مستوى نزلت القضية الفلسطينية في الأولويات الإقليمية، فصارت همّاً هامشياً يحضر في المناسبات الصوتية وفي التضامن البكائي عند كل عدوان إسرائيلي.

في خلفية المشهدين الفلسطيني والسوري، المتدني هو أيضاً الى مرتبة القضية الرتيبة، كانت الرياض وطهران تبدآن بحياكة سجادة مفاوضات باستخدام الخيطين السني – الشيعي، وهما الخيطان اللذان يشدان تقريباً كل المشكلات الإقليمية.

وبقدر ما ينعكس تقارب سعودي – إيراني برداً وسلاماً على التمذهب السني – الشيعي، فإنه سيخفف في حال اكتماله الكثير من الأثقال الداخلية، سياسياً واقتصادياً، على بلدين غنيين ينشدان تطوير بناهما في كافة المجالات.

فلا يخفى على أحد أن ايران في عهد الرئيس إبراهيم رئيسي، وتحت عباءة المرشد علي خامنئي، تواجه ضغوطاً داخلية شعبية بسبب تآكل بناها التحتية فيما كانت تستنزف خيراتها في النفوذ الإقليمي، وصار لزاماً أن تعكس هذه الدورة أو على الأقل ان توقفها.

كما لا يخفى على أحد أن السعودية في “عهد” ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تخوض تجربة عظيمة بإصلاحات داخلية على كل المستويات، بما في ذلك كسر المحظورات القديمة التي قامت عليها المملكة، لتمر حالياً بمرحلة انفتاح داخلي لم تعرفها قبلاً لا شك في انه سيتعزز مع انفتاح خارجي وهدوء على الجبهات الإقليمية.

شارك المقال