وسام الحسن… لو كُنتَ موجوداً بيننا!

راما الجراح

“حارس شجاع من حراس الأمن الوطني”، بهذه العبارات وصف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري اللواء الشهيد وسام الحسن في الذكرى التاسعة لاغتياله. الضابط المعروف عنه بأنه رجل أمن بارع ومحترف، قضى عمره في الاستخبارات والأمن، وكان معروفاً باتخاذه الحذر والحيطة كرجل استخبارات من الطراز الأول، كان صمام أمان كبيراً للبنانيين، وشكّل رمز الطمأنينة لهم بعدما استطاع كشف عدد من الشبكات الإجرامية، والخلايا الإرهابية، وخلايا التجسس الإسرائيلية، وسجل الكثير من الإنجازات وكان آخرها كشف مخطط نظام بشار الأسد للقيام بتفجيرات واغتيالات في لبنان.

بعد 9 سنوات على اغتياله، تعيد هذه العملية إلى الأذهان عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فاللواء الحسن كان يرمز اسمه إلى أمن لبنان، وركن كبير من أركان الاستقرار الأمني في لبنان، مارس عمله بمهنية مطلقة غير خاضعة للسياسة ولا للطائفية، وباغتياله اغتالوا لبنان لأنه كان يُشكل عثرة في درب أعداء وطننا بدليل ما حصل بالوطن بعد رحيله وما وصلنا إليه اليوم، إذ تمكنت المنظمات الإرهابية من عبور حدودنا، وغزا السلاح غير الشرعي مناطقنا من دون حسيب ولا رقيب، وتخوف اللبنانيون بشكل دائم من حروب مقبلة، ونعيش اليوم في حال عدم استقرار أمني وسياسي.

ويستعيد سياسيون ومسؤولون لبنانيون في ذكرى يوم استشهاده المشؤوم في 19 تشرين الأول 2012 أبرز محطات رجل المهمات الصعبة الذي عمل فعلاً لحماية لبنان من كل ما كان يحدق به من أخطار، وحتى اليوم لم يُقفل ملف التحقيق في اغتياله بعد، على الرغم من أنه لم يطرأ أي جديد على الملف القضائي.

شعبة المعلومات على نهج الحسن

يستذكر الوزير والنائب السابق جمال الجراح بعض مواقف وصفات اللواء النبيلة في ذكرى استشهاده ويقول لـ”لبنان الكبير” إن “اللواء وسام الحسن كان من أهم الشخصيات الأمنية الوطنية، وهمه الأساسي كان الوطن، من دون الخضوع إلى فئات أو إنتماءات سياسية وطائفية ومذهبية، والدليل على أدائه الوطني الكبير هو كشفه خلايا التجسس الإسرائيلية الكبيرة والتي تُحصى بالعشرات، وقدرته على تعطيلها واعتقال المتورطين، إضافة إلى توقيفه للخلايا التكفيرية والارهابية بعد كشفها، فهمه كان وطنيا بامتياز”.

ويضيف: “حاول بناء مؤسسة من الطراز الأول، وزودها بالكفاءات البشرية والتقنية والعالمية ليتمكن من القيام بعمله على أكمل وجه. ومن المؤكد أن استشهاده كان خسارة كبيرة للبنان واللبنانيين، وشعبة المعلومات كانت ولا تزال يمكننا الإعتماد عليها في الكثير من المحطات الأمنية الكبيرة والخطيرة، وهي تقوم بواجبها على أكمل وجه، ولا شك أن الخبرة والقدرات التي راكمها مع عناصره وضباطه، وضعهم على السكة الصحيحة بعد عدة تدريبات قاموا بها، خولتهم حماية البلد واللبنانيين وهذا ما كان يهدف إليه اللواء الراحل في نهجه وتفكيره”.

ويختم الجراح: “لو كان الشهيد وسام الحسن موجود بيننا اليوم لكان القيمة المضافة لفرقة شعبة المعلومات، وبغيابه خسروا قائداً مميزاً يمتلك مستوى كبيراً من الكفاءة والقدرات العالية، لكن ما يطمئن أن الشعبة في غيابه لا تزال تستشهد بروحيته وأخلاقه وتستفيد من الخبرة المتراكمة لمصلحة لبنان واللبنانيين”.

عمود أساسي من الأعمدة الأمنية

ويعتبر الوزير والنائب السابق عن حزب الكتائب إيلي ماروني أنّ “اغتيال اللواء وسام الحسن جاء في إطار اغتيال كل رجالات الوطن الذين نادوا بالإستقلال والحرية والسيادة والكرامة، وكان ضربة موجوعة للبنانيين والأجهزة الأمنية لأنه كان يمثل عمودا أساسيا من أعمدتها، وكالجرائم الأخرى التي حصلت في لبنان للأسف بقيت هذه الجريمة من دون الوصول إلى الحقيقة، ومن دون عدالة لهذا الرجل الذي أعطى وقته ودمه وحياته في سبيل خدمة لبنان”.

وتمنى أنه “لو أن وسام الحسن لم يرحل عنّا في ذلك التفجير الذي هزّ لبنان وكان موجوداً اليوم بيننا، لكنا لمسنا ضبطاً أكبر للجرائم، كما كنّا سنرى أمورا كثيرة كان يحتفظ بأسرارها ستنكشف بحقيقتها للرأي العام، واليوم اللواء وسام الحسن شهيد لبنان وكل اللبنانيين مثل جميع الشهداء الذين سقطوا في سبيل حماية هذا الوطن وأخُص بالذكر شهداء ثورة الأرز الذين دفعوا الثمن غالياً من أجل حريتنا وكرامتنا التي ما زلنا نبحث عنها في ظل منظومة فاسدة تحاول القضاء عليها”.

رجل أمن تابع للدولة فقط!

“ترك اللواء الشهيد وسام الحسن بصمة كبيرة داخل الأمن اللبناني وبخاصة داخل فرع المعلومات الذي أصبح الجهاز الأساسي في كشف الجرائم ومكافحة الإرهاب بفضله. وفي ظل الصراع السياسي في لبنان الذي كان سائداً حينذاك لم يكن يسمح بامتداده من السياسي إلى الأمني، فكان رجلاً وطنياً بامتياز على الرغم من أنه كان محسوباً على قوى ١٤ آذار، يقول النائب عن تكتل الجمهورية القوية عماد واكيم.

ويتابع: “يُشهد له بإتقان دوره بطريقة مهنية بحتة، بمعنى عندما كانت تأتيه معلومات عن عملية خطيرة تُهدد أشخاصاً من قوى 8 آذار لم يتردد يوماً في كشفها وإنقاذهم منها، فكان يلعب دوره كرجل أمن تابع للدولة اللبنانية اتجاه كل الأفرقاء، لكن فريق الممانعة لا يرغب بوجود رجل يعمل لصالح الدولة ويعتبر ميوله لقوى ١٤ آذار تُهمة، كما حصل منذ أيام في عين الرمانة حين كشفت كل التقارير أنهم مَن قاموا بالهجوم أولاً على الممتلكات العامة حتى اضطر الجيش إلى إطلاق الرصاص للدفاع عن نفسه، لكن بالنسبة لهم المتهمون هم القوات لأنهم من الفريق الآخر”.

ويُنهي حديثه بأنه “لو كان وسام الحسن موجوداً اليوم بيننا لكان وجوده قيمة مضافة على المستوى الوطني، فقد سعى كثيراً هو والشهيد وسام عيد لكشف جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبنَت المحكمة الدولية قرارها بحسب تحقيقاتهما، ولا شك أنه ترك وراءه مجموعة تلاميذ يُكملون طريقه، وأقول للجميع عندما نلمس خللاً أمنياً ما يخص شعبة المعلومات لا يكون الخطأ منهم بل تكون الأسباب سياسية”.

في الوقت الذي يمر به لبنان واللبنانيون بأصعب مرحلة سببها تحالف الفساد والسلاح، كم نفتقد لوسام الحسن الذي دفع حياته ليُجنب لبنان الكأس المرة، كم كنّا سنلمس إنجازاته في مواجهة المخاطر، وإحباط المؤامرات، ومنع إيقاظ الفتنة، وإنهاء مسلسل الإغتيالات والتهديدات، ومَنح اللبنانيين جرعة الأمان، لكن للأسف رحل الحسن وفقد لبنان صمام أمانه…

شارك المقال