يعوّض الله على “الكوتا” النسائية!؟

نور فياض
نور فياض

يحتلّ لبنان المركز الـ176 بين 188 دولة بتمثيل المرأة في البرلمان، فبعد مرور أكثر من نصف قرن على منحها حق التصويت والترشح، إلا أنها لم تأخذ فرصتها الحقيقية بعد في المشاركة السياسية. فهي تمثل 3% فقط من البرلمان على الرغم من الادعاء بتطبيق مبدأ المساواة الجندري إعلامياً من دون أن يُنفّذ عملياً.

منذ أيام، عُقدت جلسة في قصر الاونيسكو للتصويت على “الكوتا” النسائية، وكانت النتيجة سقوطاً مدوياً لها.

تعليقاً على ذلك، قالت النائبة رلى الطبش لـ”لبنان الكبير” إنّ “الذكورية لا تزال طاغية، فأكثرية النواب لا يريدون هذا القانون لذلك أسقطت عنه صفة العجلة”. وأردفت:”أحرجتهم في الجلسة وقلت لهم تتحدثون عن حقوق المرأة فأثبتوا دعمكم لها وأبدوا حسن نيتكم من خلال التصويت، وطبعا كان دعمهم للمرأة مقتصرا على الشعارات من دون التنفيذ، فسقط القانون. أصبح واضحاً انّ لا أحد يريد كوتا نسائية ولن يمر القانون مجدداً على الرغم من إعادته الى اللجان المشتركة و”يعوّض الله” إذا تضمن المجلس المقبل الوجوه ذاتها. لكن نحن سنسعى دائما لإقراره، فحق المرأة مكرّس بالدستور وعليها انتزاعه بيدها ولا تطلبه من أحد”.

“الكتل النيابية مجتمعة بدقيقتين لا غير، أسقطت القانون بطريقة مستفزة”، هذا ما أكدته النائبة عناية عز الدين لـ”لبنان الكبير”، لذلك رفعتُ الصوت عالياً مما دفع الرئيس بري المؤمن بمبدأ الكوتا الى مساندتي وإعادة النقاش لكنه سقط مجدداً. في هذا السياق، علّقت عز الدين على ما حصل معها في جلسة سابقة حين تقدّمت هي وكتلة التنمية والتحرير باقتراح قانون للانتخاب ومن ضمنه بند الكوتا لكن بعض نواب كتلتي لم يدعموني.

في الجلسة التشريعية الخاصة بالتصويت، تجنّب الرئيس بري طرح الثقة بصفة العجلة علّ التعديل يمر، لكن سرعان ما بدأوا النقاش واعترضوا على عدة نقاط مع العلم أن كل ما يتعلق بالقانون كان بمتناولهم وجعلناه مرناً لكي لا يتحججوا بوجود الاستثناءات.

النائب علي فياض اعترض بحجة عدم وضوح النص غير المتضمّن لبعض التفاصيل، أما التيار العوني فرفض بحجة الوضع المعقد الآن على أن يعتمد الكوتا في الانتخابات المقبلة، فيما أعلن النائب جوج عدوان نية التصويت على العجلة لأننا لا نستطيع التهرّب منه.

“مؤيدين ولكن…”

سقطت صفة العجلة مما يعني أنّ النقاش أيضاً سقط، فغالبية النواب لم يصوتوا على الكوتا للأسف، لأنهم مع مشاركة المرأة من دون أن تحتل مقاعدهم. وأنهت عزالدين بجملة: “كل مكسب نريد الحصول عليه سنأخذه بالقوة لأنهم لا يستطيعون مواجهة جمهورهم برفضهم لهذا الحق. هم يجاهرون بالدعم والموافقة مع “بس”… التي هي المصيبة”.

من جهتها، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون روكز أكدت إصرارها على الضغط لإقرار الكوتا من خلال ثلاثة تعديلات، مشيرة الى أنها والهيئة تعتبران أن الحكومة التزمت بذلك من خلال خطة وطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 16/25 حول المرأة والسلام والأمن المعتمد من الحكومة سنة 2019.

وتضيف: “إقرار الكوتا ليس للنقاش بل هو من لوازم المجتمع المدني والوطني لتبيان إصلاحاتهما. ونحن نسعى جاهدات لإقراره من دون أي استسلام ونريد خلق مواجهة لعلهم يلتزمون بها اتجاه اللبناني. على القوى السياسية فرض إرادتها بالتغيير لأنّ لا أحد يهدد وجود الآخر”.

كما نشير إلى أنّ الهيئة الوطنية أعدّت تعديلاً لقانون الانتخابات لتضمينه كوتا نسائية والذي تقدّم به النائب العميد شامل روكز إلى المجلس النيابي في 21/10/2021 بشكل صيغة موحّدة للاقتراحات التي سبق أن تقدّمت بها القوى السياسية المختلفة. ويرمي القانون إلى تعديل الفقرة أ من المادة الثانية من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44/2017 ليصبح كالآتي:

– يحدد عدد المقاعد النيابية وتوزيعها بين الطوائف بحسب الدوائر الإنتخابية وفق جدول معين.

– تعتبر فائزة المرشحة التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات ضمن اللوائح المؤهلة وعند التعادل تفوز الأكبر سناً.

ولفت النائب طوني فرنجية، في تصريح لـ”لبنان الكبير”، إلى “أهمية دور المرأة في المجتمعات وحتى في السياسة. فسابقا كان موقف الكتلة مغايراً للواقع الحالي. فمنذ 50 عاماً لم يكن للمرأة دور فعّال في الحقل العام وكنا ككتلة غير متحمسين لهذا البند باعتبار أنّ الكفاءة هي من توصل الشخص باختلاف جنسه. على عكس ما نشهده اليوم إذ إن نسبة الناشطات غدت مرتفعة في الدول التي تحكمها النساء نسبياً وأكثر فعالية من الرجال، كما لمسنا قوة وحضور المرأة في المجتمع وحتى في الكوادر السياسية فمثلاً دور المرأة في كتلتنا ريادي وهذا واحد من الأسباب التي غيّرت رؤيتنا بالكوتا إضافة إلى اعتمادها في العديد من البلدان المتقدمة لتسريع آلية المساواة بين الرجل والمرأة، فلماذا يريدون حرمان المرأة من المشاركة في الحقل العام؟ مع العلم أنّ السنوات القليلة المقبلة حتما ستشارك في الحياة السياسية”.

ويؤكد فرنجية: “لذلك نحن من القلائل الذين صوتوا على بند الكوتا بصفة المعجل التي لا نجد داعياً لرفضها ولا رمادية في الاختيار فإما مع وإما ضد، وليست بحاجة لنقاش فمثلاً الجندرية النسائية 30% على الترشيح و10 الى 15% للمقاعد في هذه الحالة يعتبرها البعض تمييزاً للمرأة عن الرجل. لذلك نحن مع الكوتا النسائية ومع صفة العجلة فهذا البند يعطي دفعاً للمرأة في الحياة السياسية”.

وختم فرنجية: “فلنكن جميعاً إلى جانبها وإلى جانب هذا القانون”.

أشار النائب ألان عون إلى “لبنان الكبير” إلى أنه “والنائب سيمون أبي رميا صوتا على القانون لكن لا يمكنه أن يشكو النواب غير المصوّتين، طرح جبران باسيل ضمن النقاشات فكرة وهي إنشاء لوائح مختلطة بالنساء والرجال. ومن الواضح أن الغالبية لم ترفع يدها واقترحوا إحالته على اللجان”. وختم عون: “أصبح هذا القانون مخوطرا، ولكن إذا كان لديهم نية في إقراره من الممكن أن يمر”.

يجاهر الجميع بقدرات المرأة ودعمهم لها ويصوّتون لمصلحة الكوتا النسائية إعلامياً فقط، أما عملياً فهم رحّلوا التعديل إلى اللجان والله وحده بيعرف متى سيقرّ.

شارك المقال