لبنان الـ”ستاليني”

الراجح
الراجح

المسألة الإعلامية في لبنان تتخذ هذه الأيام بعداً واسعاً لأنها جزء من كل، والكل هو النظام السياسي المعتمد منذ نهاية الحروب القذرة واعتماد وثيقة الوفاق الوطني أي اتفاق الطائف دستوراً جديداً للبلاد منذ العام 1989.

بعيداً من الانفعال وأساليب الخطابة التي يتقنها “الزعماء” وبعض من نوابهم ومسؤولو أحزابهم التي لم تخرج يوماً عن الطائف الذي جعلوه طائفياً حكاماً ومعارضة، مع العلم ان لبنان هو البلد الوحيد او يكاد يكون الوحيد في هذا العالم الذي ما زال نظامه السياسي والاقتصادي ستالينياً ولم يسقط منه عمود واحد بعد سقوط حائط برلين وانهيار إمبراطورية العم يوسف ستالين.

لا بد من توضيح الفكرة بطرح السؤال التالي: إلى ماذا ارتكز النظام السوفياتي الستاليني، وما هي مقوماته الاساسية؟

ثلاث ركائز أساسية:

أولاً: سيطرة الدولة عبر اجهزتها الظاهرة والمستترة على مقدرات السلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالضرورة تالياً الثقافية والفكرية.

ثانياً: إلغاء الفكر الآخر تحت عناوين تهديد الامن والسلم الأهلي، التآمر على السلطة. التخريب والعمل لعرقلة “المسيرة الاشتراكية”، الانحراف عن خط الحزب وآلياً الارتباط بدولة اجنبية.

ثالثاً: كم الأفواه واعتماد فلسفة الرأي الواحد.

هذا ما كان قائماً في بلاد ستالين، وبإمكاننا ان نرى اوجه التشابه والتجانس والتطابق في بلادنا.

إذا زهبنا باتجاه الاقتصاد المفترض أنه نظام اقتصادي حر وأن المبادرة الفردية هي قدس الاقداس يتبين لنا أنه كلام كذب ودجل، لأن الاقتصاد اللبناني قائم على الاحتكار والحصرية وهما مناقضان كلياً لمبدأ الاقتصاد الحر.

بعد الاقتصاد نذهب الى السياسة وقبلها نحو الاراضي، إذ ان التقارير الرسمية وحتى الخاصة تؤكد بعد اتفاقها على رقم واحد ان 34% من مساحة لبنان اي ما يعادل ثلاثة آلاف كيلومتر مربع هي ملك للأوقاف المسيحية والاسلامية، ومالكو هذه الاراضي الشاسعة لا يدفعون قرشاً واحداً كضريبة على الاملاك للدولة فيما تقوم الدولة من خلال وزارة الاشغال بشق الطرقات (من حساب الناس) في تلك الاراضي مما يحسّن من قيمتها ويرفع اسعارها.

نعود الى السياسة التي هي عصارة كل المعطيات السالفة، فنرى انسجامها الكامل وحمايتها الدائمة للأوضاع الاقتصادية ولآفتي الاحتكار والحصرية، وخير مثال ما نمر به الآن من تردٍ في الاحوال الاقتصادية والمعيشية المغطاة بقوانين ومراسيم تصدر عن الحكومة الستالينية ليصادق عليها مجلس النواب…

هذا في العام، وفي الخاص عبر مصرف لبنان الذي يتحكم بالسياسة النقدية وبجيوب اللبنانيين.

ماذا بقي من معزوفة النظام الديموقراطي والمبادرة الفردية وحرية الرأي وغير ذلك من الكلمات الجوفاء المفرّغة من أي مضمون عملي وعلمي؟

لا شيء، وعليه، إما ان تُحدث الثورة تحولات اجتماعية بعيدة المدى يصعب معها أن تتصور الوطن من دونها وإما اعلان لبنان بلد ستاليني يسقط عند أول هبة ريح خريفية…

شارك المقال