لبنان في أكبر أزمة اقتصادية – ديبلوماسية: العهد هو المسؤول

يارا عرجة
يارا عرجة

ما زالت تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي حول الحرب في اليمن تتصاعد حتى كتابة هذه السطور. مقطع فيديو لمشاركة الإعلامي في برنامج “برلمان الشباب” في شهر آب، أي قبل تولّيه الوزارة، كان كفيلاً بعزل لبنان عربياً. تتوالى المواقف السياسية والشعبية المنددة بتصريح القرداحي والمطالبة باستقالته وسط انتقادات واسعة لمواقف الحكومة التي سرعان ما تبرّأت من أقواله، باعتبار أنّها تمثّل رأيه فقط ولا تعكس المزاج اللبناني المُتمسك بالعلاقات اللبنانية – الخليجية. ولكن عندما تكون الدويلة أكبر من الدولة، تكون الهيمنة الإيرانية حقيقة لا يمكن حجبها وأمراً واقعاً لا يمكن تفاديه.

التوقيت

قد يعتقد البعض أنّ ثمّة القليل من المُبالغة في ردود الفعل العربية، إلاّ أنّها تحرّكت وفق توقيت نشوب تصريحات القرداحي: محلياً، جاءت لإلهاء الرأي العام وتضليل الحقائق في ظلّ التوتر السياسي الناجم عن مسار التحقيقات في قضية تفجير المرفأ وعودة حرب الشوارع والميليشيات. أمّا إقليمياً، فاخترقت الصمت العالمي السائد إبّان إعلان إيران استكمالها لمفاوضات فيينا المتعلّقة بالسلاح النووي الشهر المقبل.

للعهد سوابق

يذكّرنا تصريح القرداحي بتصريح شربل وهبة، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة حسان دياب، والذي أساء للملكة العربية السعودية ودول التعاون الخليجي في شهر أيار الماضي. وبالتالي لا تكون المشكلة بالوزير القرداحي، إنّما بالعهد وصهر العهد والسلاح الذي يحمي العهد. إذ باتت واضحة أجندة “حزب الله” التي تقضي بقطع صلة الوصل بين لبنان وأشقائه العرب وزجّه في محور المقاومة والممانعة وربطه مباشرة بالمشروع الإيراني، وذلك عبر هيمنته على مؤسسات الدولة وحكوماتها التي لا تتشكّل إلاّ برضى جبران باسيل الذي يُدرك تماماً (كما عمّه) أنّ مفتاح السلطة بيد الإيرانيين. فاستقالة القرداحي لن تقدّم ولن تؤخر في حلحلة الأزمة، بل يجب استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون أوّلاً وكف يد صهره لارتهانهما إلى منظومة دمّرت لبنان وتستمرّ بذلك على الرغم من رفض أغلبية اللبنانيين لهذا النهج. المشكلة، إذاً، خليجية – إيرانية وما جورج قرداحي إلاّ فتيلة صغيرة يمكن أن تشتعل في كلّ حين وآخر.

ضربة مؤلمة لإيران

مع إيقاف الواردات اللبنانية إلى السعودية، خسر لبنان بحسب السفارة اللبنانية في السعودية، وجهة تصدير لا يمكن الاستهانة بها، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 600 مليون دولار سنوياً. كما يعيش في السعودية نحو 350 ألف لبناني، بينهم آلاف المستثمرين وأكثر من 600 مؤسسة لبنانية، فضلاً عن استثمارات اللبنانيين في المملكة التي تقدّر بالملايين وتحويلات اللبنانيين المقيمين في الخليج إلى ذويهم والتي تبلغ نحو 4.5 مليارات دولار سنوياً، بالإضافة إلى استيراد السعودية ودول الجوار 55.4% من إجمالي الصادرات اللبنانية من الفاكهة والخضار، مما يهدد القطاع الزراعي أيضاً. بذلك، لم توجّه السعودية ضربة ديبلوماسية فقط، إنّما ضربة اقتصادية أيضاً، مفادها أنّ وجود لبنان واستقراره بيد المملكة وليس إيران.

شارك المقال