يا صديقي… انهم يرقصون فوق جثة الوطن

علي نون
علي نون

الاعلامي السعودي المعروف والمجتهد احمد العرفج، سألني بالامس عن الاسباب التي اوصلت الامور الى ذرى غير مسبوقة من التأزم بين بلدينا، ومالذي جرى ويجري فعليا حتى راح لبنان بعيدا في غربته عن الشأن العربي والاشقاء العرب؟

واحمد العرفج اشهر من ان يُعرّف بعجالة يكتبها صديق او محب… هو صاحب برنامج “يا هلا بالعرفج” على قناة “روتانا “خليجية، واحد رواد الاعلام في المملكة، وكاتب وصحافي والمعي وولاد اخبار وافكار غزيرة ومنعشة وتسر خاطر المحبين والاصدقاء، وتغيظ المبغضين والحساد وكارهي النجاح والناجحين…

وسؤاله لي يضمر حزنا ومرارة وتأسيا اكثر من كونه سؤال من لا يعرف، او من يجهل الدنيا وما فيها… وهو في الواقع يختصر اسئلة زملاء سعوديين وخليجيين كثر احبوا وطن الارز واخلصوا له في هواهم وحبهم والى حدود تفوق في احيان حدود لبنانيين كثر ايضا، لكنهم لا يستطيعون ان يستوعبوا ما يحصل وكيف للبنان ان يبلغ ذلك الدرك من التردي والتأزم والتراجع في كل نطاق واطار ومجال، حتى صار مضرب مثل في الدول المقتدرة التي يدمرها اصحاب السلطة فيها. والدول الجميلة التي تشوه وجهها مافيات سياسية عديمة الاخلاق. والمجتمعات الخلاقة والرائدة والمنفتحة على الدنيا والعالم، التي يأخذها الارهاب والتطرف والغلو الى زوايا القنوط والاندثار والقهر والانكسار.

وتلك الاسئلة وليدة اللحظة وما سبقها في الآونة الاخيرة، والتي وصلت الى ان تسجل فيها للمرة الاولى في تاريخ لبنان الحديث حادثة كبرى من نوع سحب سفراء او قطع علاقات ديبلوماسية مع اي دولة في هذا العالم، فكيف الحال والامر يتعلق بأقرب العرب اليه واحنّ الناس عليه واكثر من ساعده وأعانه في سنوات محنته الطويلة؟

والواقع الناشف والبارز والحاد في بروزه وحدته، هو ان المملكة العربية السعودية، وشقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي، وصلت الى القنوط او تكاد من إمكان تصليح ما أعوج من أداء رسمي لبناني ازاء ارتكابات وسياسات الجماعة السياسية التابعة لايران في لبنان، والممارسات التي اعتمدها ويعتمدها حزب ايران في لبنان، لجهة خطف القرار الشرعي بعد السيطرة على الشارع بالقوة العسكرية الميليشوية، وذهابه للقتال نيابة عن طهران في كل مكان جغرافي حطت فيه او تمكنت من اخذ جزء منه، أكان في اليمن او العراق او سوريا او غيرها… ثم السعي في ذلك المسار الى حدود المباشرة بالعدوان على الامن القومي والسيادة الوطنية للمملكة، من خلال تدريب ودعم وتنظيم وتسليح الجماعة الحوثية وتوجيه صواريخها وطائراتها المسيرة عن بعد باتجاه اهداف مدنية بشرية ومادية داخل السعودية وحواضرها…ثم من خلال تنظيم ورعاية عمليات تهريب الممنوعات والمخدرات الى الداخل السعودي، ثم غير ذلك من شؤون ذات طابع امني خطير… وارفاق ذلك كله بموجات لا تنتهي من الافتراء والتجني والتطاول بالاعلام والسياسة على المملكة وقيمها وتوجهاتها وسياساتها، ثم الانكى من هذا وذاك هو ان لا تتحرك السلطة اللبنانية بما يكفي للجم ذلك الشطط بجملته! بل وان يجهر بعض من فيها او من يتحكم بها، الاصطفاف الى جانب المحور الايراني الاسدي في وجه الاجماع العربي عموما والخليجي خصوصا.

ولم تكن مواقف جورج قرداحي، الوزير الاسدي في حكومة لبنان، سوى النقطة التي فاض معها وبعدها الكأس الطافح اصلا بتراكمات السنوات الماضيات… ثم ما تلا تلك المواقف الرعناء والقميئة والضحلة في واقع الحال، من مواقف سياسية لاهل السلطة من جهة، وللجماعة الايرانية من جهة موازية، وبما يدل على امعان في ارتكاب الغلط بحق السعودية… او بالاحرى مواصلة استهدافها نيابة عن ايران وخدمة لاجندتها السياسية وبعيدا بعيدا بعيدا عن مصلحة لبنان واهله ودولته وشرعيته ومؤسساته، وهو الذي يكاد ان يتسول قمح الخبز! بعد ان باشر السؤال عن مساعدته لتأمين حاجاته الخدماتية الاساسية في هذا الزمان ولجم تدهور اوضاعه المالية والاقتصادية الى اعمق هاوية ممكنة!

المحزن والمخيف يا صديقي احمد هو ان يستمر اهل الشطط في بيروت على شططهم، وان يتابعوا نهجهم ذاته برغم انه دمر لبنان ماليا واقتصاديا وخدماتيا وسياسيا وسياحيا وديبلوماسيا… ثم ان يحملوا غيرهم مسؤولية ارتكاباتهم… ثم ان تستمر اهازيجهم الانتصارية حتى لو صارت فوق جثة الوطن اللبناني.

شارك المقال