أحد أعضاء “برلمان الشعب” لـ”لبنان الكبير”: كشفنا حقيقة قرداحي…

احمد ترو
احمد ترو

لا يُخفى عن الجميع ما تسبّب به وزير الإعلام جورج قرداحي للبنان من أزمة ديبلوماسية كارثية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج العربي كافة، إثر تصريحاته خلال برنامج “برلمان الشعب” الذي يقدّمه الإعلامي الكويتي شعيب راشد عبر منصات قناة “الجزيرة” الإلكترونية، ويعرض على موقع الـ”يوتيوب”.

كانت تصريحات قرداحي مناهضة للسعودية والإمارات ومناصرة لإجرام الحوثيين في اليمن الذين انقلبوا على النظام وبدأوا يسفكون دماء الشعب اليمني ويخطفون نساءه وييتّمون أطفاله، ووصف الحرب اليمنية بـ”العبثية ويجب أن تتوقّف”، بينما جدّد وقوفه إلى جانب النظام الأسدي الذي يسفك دماء الشعب السوري، وانتقد الثوار الأحرار الذين انقلبوا على هذا النظام. إنّ ما يبرّر هذا التناقض هو عبودية قرداحي للنظام الإيراني الذي يعبث باستقرار البلاد العربية، لا سيما لبنان واليمن والعراق. في المقابل، يؤيّد قرداحي التطبيع اللبناني مع إسرائيل.

معظم المواطنين غير المهتمين بالشؤون السياسية في لبنان والعالم العربي لم يكونوا على بيّنة من حقيقة قرداحي، لا وبل كانوا يعتبرونه مثالاً أعلى للرجل المثقّف والمنصف، لكن تجلّت الحقيقة وانكشف قناع العفّة الزائف عن وجهه الإجرامي، وذلك بعد عرض حلقة “برلمان الشعب” الذي استجوب فيها من مجموعة من الصحافيين العرب، وكان أبرزهم نائبة البرلمان وصال إدبلا من المغرب التي أدارت الاستجواب، إلى الإعلاميَيْن أحمد عجمي من مصر، ومحمود رحيل من سوريا الذي أجرى معه موقع “لبنان الكبير” حديثاً مطوّلاً على خلفية التصعيد الذي حصل بعد عرض الحلقة.

ترسّخ عقلية الأسد في تفكير قرداحي

بعد اطلاع المملكة العربية السعودية على مضمون الحلقة، قرّرت سحب سفيرها وليد البخاري من لبنان وعلى منوالها نسجت دول الخليج أيضاً، وفي حين كان الجميع يظنّ أنّ قرداحي سيستقيل للتعويض عن خطئه الجسيم، لكنه رفض الاستقالة، معتبراً نفسه غير مخطئ. وفي هذا الخصوص، يقول رحيل: “عدم استقالة قرداحي سببها عقلية نظام الأسد المترسخة في تفكيره وأعماله، فهو مستعد لبيع لبنان ومستعد ليكون سبباً في تراجعه وفي قطيعة الدول العربية له، حتى لا يستقيل”.

ويتابع: “قرداحي نسخة ثانية من عقلية بشار الأسد الذي دمّر سوريا برمّتها، وباعها مقابل كرسي الرئاسة والسلطة. وبالتالي، عدم استقالته توضح انعدام وطنيته، وتبعيته الخارجية لإيران ولميلشيات أمثال (حزب الله)، إذا قرداحي وزير لا قيمة له ولا مبدأ، ودفاعه عن نظام الأسد وعن ميليشيات الحوثيين و(حزب الله)، يؤكد لنا أنه تابع لهم وينقل رواياتهم ويتبنّى أكاذيبهم”.

عن التصعيد الذي حصل بين لبنان ودول الخليج، يقول رحيل: “قرداحي يستحقّ أكثر من هذا بكثير، ويجب أن يحاسب ويحاكم على هذه التصريحات، وعلى دعمه للإرهاب والإجرام، وعلى نقله وتبنّيه لرواية الظالمين والمجرمين. في الحقيقة، إنّ هذا الأمر لو كان في دولة تحترم القانون والحقوق لحوسب، فهو يدعم تنظيمات مصنّفة على قائمة الإرهاب. فقرداحي ظهر على حقيقته”، دائماً وفق وصف رحيل.

الوجه الزائف

في ما خص سحب قرداحي للثقة من البرلمان الشبابي، يقول رحيل: “تعرّى وجه قرداحي الزائف في هذا البرنامج الشبابي العربي. وعندما سحبت منه الثقة، بدأ يتكلّم عن البرلمان بسلبية، واعتبر أنه غير حقيقي ولا يمثل الشارع العربي، بينما عند دخوله للمرة الأولى، وقبل أن نتكلّم، قال إنّ فكرة البرلمان جميلة ورائدة، وعبّر عن سعادته بوجوده معنا. وبعد أن اختلفنا معه في الرأي، وسحبنا منه الثقة، راح يغيّر كلامه ويتناقض في نظرته ورأيه إزاء البرلمان”.

عن دعم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لقرداحي، يقول رحيل: “أمر طبيعي لأنه هو الذي رشّحه ليكون وزيراً للإعلام”.

لقرداحي مواقف متناقضة بشأن اليمن وسوريا، وفي هذا الخصوص يقول رحيل: “قرداحي متناقض جداً في مواقفه بشأن اليمن وسوريا، فهو يدعم الميليشيا الحوثية المسلّحة التي قامت بالانقلاب على النظام الشرعي في اليمن، بينما لا يدعم ثواراً أحراراً قاموا بثورة ضد ظالم ومجرم، أي أنه يدعم الحوثي المدعوم من الخارج، لكنه لا يدعم ثواراً أحراراً من الداخل السوري. ثمة تناقض كبير في مواقفه غير المبنية على أسس مبدئية، إنما على أساس مصالح وتبعات خارجية داعمة له”.

فاجأتني تمنيّات قرداحي

لم يُفاجأ رحيل بمواقف قرداحي تجاه سوريا، إنما فوجئ بموقفه إزاء بلده لبنان، حين قال: “حقيقة لم أُفاجأ بموقفه تجاه سوريا، لأنني كنت على اطّلاع على تصريحاته التي تؤيّد النظام، لكنني لم أتوقّع أن يكون بهذا القدر من الغباء والانحطاط الأخلاقي تجاه القضيّة السورية. تبيّن لي أنّ قرداحي غير مطّلع على التفاصيل في سوريا، أو أنه متعامٍ عنها، لأنّ مصالحه تقتضي ذلك. وكانت دائماً أجوبته: لا أعرف، ولا أحبّ التدخّل في الشأن السوري، مع العلم أنه كان يتدخل… فاجأني موقفه من مصر جداً، بينما كان موقفه من اليمن متوقعاً نوعاً ما، لأنّ أسياده لهم الموقف نفسه، فمن الطبيعي أن يتبنّى موقفهم”.

يضيف: “موقفه من لبنان هو أكثر ما فاجأني، فهو يتمنّى للبنان انقلاباً عسكرياً، فهل من أحد يتمنّى لبلده انقلاباً عسكرياً؟ ففي الوقت الذي تتمنّى فيه كل الشعوب أن تنال الحرية والديموقراطية وتبادل السلطات، يأتي شخص كقرداحي يتمنّى الانقلاب العسكري لبلده. بصراحة صُدِمت بهذا التصريح، وبالتالي هذا يؤكد أنه لا يحمل أي ثقافة ولا يمكن أن يكون سياسياً أبداً. فالسياسي مهما كانت مواقفه وتبعياته، لا ينطق بهذا الكلام”.

وعن تحوّله من محبّ لجورج قرداحي الإعلامي، إلى كاره لجورج قرداحي السياسي: “بصفتي إنسان سوري وعربي، بكل تأكيد كنت أحبّ وأحترم هذه الشخصية. لكن قبل أن أسمع هذه التصريحات. وأنا الآن أصبحتُ أكرهه، وأتمنى أن يُحاسب ويساءل على هذا الكلام المخزي الذي لا يمثّل الشارع اللبناني”.

من رحيل إلى قرداحي

في ختام الحديث مع رحيل، توجّه برسالة إلى قرداحي: “يا جورج قرداحي، لو كنت إنساناً ملتزماً بالأخلاق الإنسانية، ولم تقف مع المجرمين والطغاة والظالمين، ووقفت إلى جانب الشعوب والحق، ووقفت ضد الظالمين والقتلة. وقتها كان سيُحسب لك هذا الموقف، فأنت إعلامي يجب أن تكون مدافعاً عن حقوق الشعوب وحرياتهم، ولست إعلامياً تابعاً لجهات خارجية، مجرمة، قاتلة. وأنت يا قرداحي سقطت من عيوننا، ومن عيون كل الشعب العربي الذي لا يمكن أن يكون في صفّك ويدعمك في هذه التصريحات، وأنت خيّبت ظنّنا وآمالنا فيك، ولا يمكن للتاريخ أن يغفر لك”.

ويضيف: “في هذا المأزق الذي أنت واقع فيه حالياً، إذا كنت تحب أن تحفظ جزءاً من كرامتك، فعليك بالاستقالة من منصبك بإرادتك، وتترك هذا المكان لأهله، ولناس يمثلون اللبنانيين الأحرار الشرفاء، الذين لا يقبلون الظلم والإساءة لأي دولة أو شعب. وبهذا تنقذ بلدك من هذا المأزق الذي كنت السبب فيه”.

ويختم: “أتمنى يا قرداحي، إذا تركت الوزارة أن لا تعمل في السياسة مجدداً، لأنك لا تفقه في السياسة شيئاً، وأنت شخص تجيد القراءة من الجهاز اللوحي الخاص بك فقط، وتعرف أن تقول للشخص: (سامحو إذا بدك وإذا بدك لا تسامحو)”.

شارك المقال