“القيصر الأميركي”… الأقوى في سوريا

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

غارة إسرائيلية على مواقع للميليشيات الإيرانية في سوريا. ما الجديد؟ غارة في عز النهار.

النهار السوري صار حافلاً وحاشداً بالألوان والاعلام والساحات والميادين. هنا كل الحروب تُخاض. أشبه بشاشة ضخمة لحرب إقليمية مجزّأة الى شاشات صغيرة كل واحد لجبهة من جبهات الحرب الإقليمية: واحدة للحرب الإيرانية – الإسرائيلية، واحدة للحرب التركية – الكردية، واحدة للحرب الروسية – الأميركية، واحدة للحروب العربية – الفارسية، وواحدة عتيقة هي الأصل لحرب النظام الأسدي على الثورة الشعبية.

“سوريا الأسد” صارت تسمية كوميدية سوداء لبلد تشظّى لسوريات مفصلة على قياسات “الطباخين الكثر”، فيما “الطبخة” غير معلوم بعد ما طعمها وما مكوناتها.

“سوريا الأسد” يُستدعى “رئيسها” بشار الأسد على وجه السرعة الى الكرملين، وقال البعض انه تم “شحنه” في طائرة نقل عسكرية وحيداً من دون مرافق.

“سوريا الأسد” هذه التي باتت تحضر في حسابات الآخرين من دون أي حساب لها، كدولة وشعب.

بل هي “سوريا بوتين”. أشبه بـ”منطقة ذات حكم ذاتي” في الاتحاد الروسي حيث “القيصر” الجليدي يستأنس في التمدّد في الدفء المتوسطي، متباهياً بأساطيل ومقاتلات وصواريخ عابرة للقارات والخيارات.

“سوريا الحكم الذاتي” كانت الطبق الرئيسي على مائدة فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت خلال لقائهما في مدينة سوتشي الروسية، في 22 تشرين الأول الماضي.

لكثرة الحساسيات واحتمالات التصادم غير المحمود، يحرص الروس والإسرائيليون دائما على ترسيخ خطوط التماس بينهما بما يحفظ مصالح كل منهما، فلا يقوم طرف بدعسة ناقصة تودي الى زحلقة كاملة نحو مواجهة يخسر فيها الجانبان.

مواجهة ايران في سوريا أولوية إسرائيلية بالدرجة الأولى تتفهمها موسكو التي تعتبر علاقتها بتل أبيب أولوية لحساباتها على مستوى المنطقة.

والى حين الموقعة الكبرى، في حال امتلكت طهران سلاحا نوويا، فإن إسرائيل ستواصل استهداف الوجود الإيراني في سوريا خشية حشد ترسانة صاروخية على حدودها السورية بعد الحدود اللبنانية.

وفي هذا السياق، تنشغل موسكو بالترتيب بعيد المدى لحصادها السوري، حين قطف عسل إعادة الاعمار، فلا يزعجها اقتتال حليفين في ميدان هامش الربح المفتوح سياسياً واقتصادياً.

وفي هذا الترتيب، فإن “القيصر الروسي” لا يمانع من أن يواجه حليف عبر الجو (إسرائيل) حليفه الآخر على الأرض (ايران) فما يربحه هذا وما يخسره ذاك يصبان في النهاية في سلته.

ويميل بوتين حاليا لمسايرة الإسرائيلي أكثر لما يملكه الأخير من مونة على الإدارة الأميركية قد تفيد في حال أراد “القيصر الروسي” إعفاء من “القيصر الأميركي” (قانون العقوبات على النظام السوري وحلفائه) لتمرير مشاريعه وشركاته في سوريا.

شارك المقال