الانتخابات بين “الشحادة” و”الذئاب المنفردة”

محمد شمس الدين

كلما اقترب موعد الانتخابات، تزداد الضبابية حول امكان اجرائها، ومن الواضح أن هناك أطرافا في البلد تفضّل عدم إجراء الانتخابات والتوجه نحو التمديد. ولكن برز أمر لافت الاثنين، هو الاجتماع التحضيري للانتخابات في وزارة الداخلية، بالتعاون مع الأمم المتحدة وبحضور عدد من السفراء المعتمدين، مما يدل على رغبة إقليمية ودولية بحصول الانتخابات في لبنان.

لكن ما سبب وجود السفراء فعليا؟ وهل من الممكن حصول انتخابات في هذا الجو المتأزم داخليا وإقليميا؟

حضور السفراء للدعم اللوجيستي

أشار مصدر سياسي لموقع “لبنان الكبير” إلى أنّ “الاجتماع في وزارة الداخلية مع بعض سفراء الدول الأجنبية هدفه تأمين التمويل اللوجيستي لإجراء الانتخابات، ولا سيما أنّ بعض الدول وبخاصة من الاتحاد الأوروبي، أعلنت سابقاً عن رغبتها في تقديم الدعم لإجرائها، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان، لأنّ الأمور اللوجيستية للانتخابات تحتاج إلى فريش دولار، إن لجهة الأوراق أو المحابر أو حتى المحروقات، لذلك هناك محاولة من الوزير مولوي لتأمين كلفة الانتخابات، وقد يكون جمع السفراء المهتمين ليطلب منهم جميعاً الدعم مرة واحدة، بدلاً من أن يطلب من كل سفير على حدة”.

أما لجهة تشدّد الداعمين الأجانب بمراقبة الانتخابات، رأى المصدر أنه “تجليطة” لأنهم فعلياً “يحتاجون إلى جيش كامل للمراقبة بشكل فعال، وفي الانتخابات السابقة أرسلوا عدداً محدوداً من المراقبين، ويكون عملهم في غرفة العمليات التي تتلقى الشكاوى الانتخابية والتنسيق معها، وبالتالي من الصعب جداً أن تكون هناك مراقبة حثيثة للانتخابات”.

الخلايا النائمة طريق البند السابع

في المقابل، هناك هاجس محلي وإقليمي – دولي من تطيير الانتخابات، وفي هذا الإطار اعتبر مصدر أمني لموقع “لبنان الكبير” أنّ “الخوف ليس من السياسيين الذين يطمح بعضهم إلى تأجيل الانتخابات، لكنهم لن يصرحوا بذلك جهاراً خوفاً من ردود فعل شعبية ودولية، علماً أنّ تأجيل الانتخابات لا يمكن أن يحصل إلا عبر مجلس النواب، الذي سيحتاج إلى الاجتماع ودرس بند التمديد للمجلس، وهنا المشكلة. فلن يتجرأ أي فريق سياسي على التصويت بالتمديد، ولذلك الخوف هو من عمل أمني قد يفرضه. هذه هي الطريقة الوحيدة لتمريره، لكن طبعاً لن يجرؤ أحدٌ في السلطة على التخطيط لعمل أمني، لكون انكشافه بهذه الحالة يعني انتهاءه على الساحة اللبنانية. لكن هناك خوفاً من الخلايا الإرهابية النائمة، خصوصاً أنّ وضع الحدود اللبنانية – السورية غير سوي، بل إنها غير مضبوطة فعلياً. لذلك تتشدّد القوى الأمنية اليوم بمتابعة نشاط الخلايا الإرهابية”.

وتابع المصدر: “قُبض منذ فترة على إرهابي لديه متفجرات في منزله، وتبيّن أنه على اتصال بمشغّله في دولة أوروبية. الخطورة الكبرى هي أنّ هذه الخلايا تعمل وفقاً لاستراتيجية (الذئب المنفرد)، إذ يمكن أن ينفّذ شخص واحد عملاً تخريبياً أمنياً، أما إذا كانوا ذئاب منفردة عدّة موزّعين بين المناطق، فهنا لا يمكن تصوّر ما قد ينتج عن أفعالهم”.

ويتخوّف المصدر من أن تنفجر الخلافات الإقليمية في لبنان، تحديداً لأنه أرض خصبة للرسائل الإقليمية. أما إذا قررت بعض الدول معالجة وضع لبنان نهائياً، فقد تحصل انفجارات أمنية تطيّر الانتخابات النيابية، وتلقائياً تطير انتخابات رئيس الجمهورية، وعندها قد يجتمع مجلس الأمن، ويتم وضع لبنان تحت البند السابع، مما يضرب عصفورين بحجر واحد: تحييد “حزب الله” وتأمين أمن إسرائيل، وتغيير النظام اللبناني، وهو حلم أكثر من نصف الشعب اللبناني.

لم يشهد التاريخ أغرب من هذا البلد، بلد يشحد مسؤولوه ثمن كلفة العملية الديموقراطية لشعبه، هي حلقة جديدة سيسجلها التاريخ عن الذلّ الذي سبّبه الطبقة الحاكمة، على أمل ألا يسجّل أعداد ضحايا حرب البند السابع، في حال تحقّقت هواجس المرجعيات الأمنية وانتشرت الذئاب المنفردة لتعبث بأمن لبنان.

شارك المقال