“نيويورك صن”: ما هو الهدف من الصفقة النووية؟

حسناء بو حرفوش

تساءلت صحيفة “نيويورك صن” (NY Sun) الأميركية عن الهدف من العودة إلى صفقة بين الولايات المتحدة وإيران، مع الإعلان عن نية استئناف المفاوضات في مدينة فيينا نهاية الشهر الجاري، ورأت في الشروط الإيرانية “محاولة ابتزاز” لواشنطن من أجل الحصول على شروط أفضل. وإذ اعتبرت أن العودة إلى صفقة 2015 تمنح “إيران فرصة للتسلح وليس لنزع السلاح”، دعت للتوصل إلى اتفاقية جديدة بالكامل.

ووفق المقال الافتتاحي في الموقع الإلكتروني للصحيفة، “من المرتقب أن تُستأنف المحادثات مع “الكاماريلا” الإيرانية حول البرنامج النووي الإيراني في 29 تشرين الثاني في فيينا. ومع ذلك، يطرح السؤال حول الهدف من هذه المفاوضات. ولا شك في أنه بودّ روبرت مالي، مبعوث الرئيس جو بايدن، أن يرى استعداداً من الجانبين لتقديم التنازلات “الضرورية” من أجل عودة “متبادلة” إلى المواد المتعلقة بالتهدئة والتي كان الرئيس السابق باراك أوباما قد طرحها. كما تعتقد الإدارة بإمكانية “الوصول بسرعة وتنفيذ” العودة إلى الصفقة الأصلية.

وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، ترتبط “العودة إلى الامتثال” برفع العقوبات التي أعاد الرئيس السابق دونالد ترامب والكونغرس فرضها والموافقة على تخفيف العقوبات الأخرى المفروضة بحكم الاتفاق الأصلي. أما بالنسبة إلى إيران، فيعني الامتثال وقف تخصيب اليورانيوم. ومع ذلك، يقول المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن إيران تخصّب اليورانيوم بنسب لا تستطيع أي دولة التوصل إليها باستثناء تلك التي تمتلك أسلحة نووية.

زعزعة الشرق الاوسط

ما أبلغ ذلك البيان عن نسب تخصيب اليورانيوم! إذا كانت إيران لا تسعى حقيقة للحصول على سلاح نووي كما تصر، فلماذا تخصيب اليورانيوم أصلاً؟ للإجابة عن هذا السؤال، يجب القول إن أحد الأسباب يتعلق باستخدام وزيادة النفوذ في المحادثات. يمكن تسمية هذه الممارسة بالابتزاز. فقد طلبت إيران بالفعل إلغاء تجميد 10 مليارات دولار لمجرد العودة إلى طاولة المفاوضات. ويمكن أن يصل إجمالي التكاليف المطلوبة للتوصل لاتفاقية موقعة إلى 90 مليار دولار، من العقوبات المرفوعة والحسابات غير المحظورة. وقد يصب هذا الربح مباشرة في إطار الجهود المبذولة لزعزعة استقرار الشرق الأوسط.

ويمكن القول إن ما قدمه الرئيس السابق أوباما ووزير الخارجية جون كيري، في مقابل رفع العقوبات وإلغاء تجميد الأصول، منح إيران جدولاً زمنياً يمتد على 25 عاماً. لكن المفارقة هي أن هذه المدة ليست لحظر برنامج إيران النووي لكن لرفع جميع القيود المفروضة عليه. أضف إلى ذلك أن الاتفاق الخاص بين هذه الأطراف يلغي بشكل تدريجي القيود المفروضة على برنامج الصواريخ الإيراني ويرفع الحظر على تجارة الأسلحة الصغيرة ويضع حداً لقدرة المفتشين الدوليين في الداخل الإيراني. وبالتالي، يمكن القول إن هذا الجدول الزمني هو للتسليح وليس لنزع السلاح. ولا عجب برغبة إيران باستعادة الصفقة.

اتفاقية جديدة كلياً

يعتقد بعض المفاوضين الأميركيين أنه يجب السعي إلى اتفاقية جديدة وشاملة حقاً مع إيران، والتي من شأنها أن تحظر البحث والتطوير النووي بشكل دائم، وتقيد برامج الصواريخ الباليستية والطائرات الإيرانية المسيّرة وتعوق دعم طهران العالمي للإرهاب وتتصدى لانتهاكات الجمهورية الإسلامية المستمرة لحقوق الإنسان.

هذه هي الأهداف التي لم يتمكن المفاوضون التعساء في عهد أوباما من طرحها أو ربما لم يرغبوا في طرحها أصلاً على الطاولة، على الرغم من أنها تشكل تهديداً للسلم وللاستقرار في العالم. وتكمن المشكلة الأكبر في العودة إلى المفاوضات في عدم وجود حكومة شرعية للتوقيع لصالح إيران في ظل سيطرة مشروع الخميني على البلاد بعد ثورة 1979.

ويضفي استمرار الانخراط الديبلوماسي مع هذا النظام المزيد من الشرعية على حكمه، ويفرضه على شعب عانى تحت إملاءاته الدينية، وقام بانتفاضات شعبية مدفوعة بالغضب والاستياء من احتجازه رهينة، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تدعم هذه الانتفاضات بالشكل الكافي. لذلك من الصعب التفكير في أي شيء قد يستطيع المفاوضون الأميركيون فعله لتبرير استئناف المفاوضات.

ولن تؤدي المحادثات إلا إلى إضفاء المزيد من الشرعية على حكام إيران وتعزيز أهداف السياسة الخارجية لمؤيدي طهران في موسكو وبكين والأمم المتحدة، أو إلى التهدئة من خلال الحوار، كما ذكرنا (أي الجانب الأميركي) في الكثير من الأحيان. وفي الختام، تعهد الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، مواصلة المفاوضات “الموجهة نحو النتائج” وبعدم التراجع عن السعي وراء المصالح الإيرانية. بالتالي، يجب ألا تستعجل الولايات المتحدة بمساعدته”.

آخر تطورات الملف حتى الساعة

وكان كبير مفاوضي إيران في الملف النووي علي باقري كني أعلن الأربعاء الماضي، استئناف المحادثات الإيرانية مع القوى العالمية في 29 تشرين الثاني، وصرح في تغريدة عبر “تويتر” بالاتفاق على إعادة إطلاق المفاوضات التي تهدف لإزالة العقوبات التي وصفها بـ”غير المشروعة وغير الإنسانية”.

وكانت إيران والدول الأعضاء في مجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا) قد استهلت في نيسان الماضي محاولة إنقاذ الاتفاق النووي الذي انهار في 2018، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ثم توقفت المفاوضات منذ انتخاب الرئيس الإيراني المحافظ رئيسي في حزيران وسط التوقعات بانتهاج إدارته موقفاً أكثر تشدداً وحزماً.

شارك المقال