سهام “رسائل روما” تصيب “حزب الله” وأزمة التأليف إلى ما دون الصفر

رواند بو ضرغم

كلام الرئيس المكلف سعد الحريري من روما لم يستفز النائب جبران باسيل فحسب، بل أصابت سهامه “حزب الله” أيضاً وإيران من خلفه، حين قال أن هناك مشاكل خارجية تتعلق بجبران وحلفائه، وأن فريقاً أساسياً في لبنان يعطل تشكيل هذه الحكومة، وهذا الفريق معروف من هو.

وإن كانت الحصة الأكبر في رسائل روما وجهت إلى باسيل، باعتبار أنه المعرقل في نظر المجتمع الدولي، وأنه يريد انهيار لبنان لكي يضمن استمراريته السياسية ما بعد عهد عون، إلا أن الحريري قصد بكلامه أيضاً “حزب الله” من دون أن يسميه، فاتهمه بالسعي لوضع اليد على كل شيء في البلد، من القطاع المصرفي إلى القطاع الإنتاجي والاتصالات، لأنه يريد السيطرة على هذه القطاعات ومراقبتها.

وعلى مقلب آخر، أجرى الحريري مقارنة بين وجهتي نظر اقتصاديتين: فريق (يمثله الحريري) يريد اقتصاداً حراً والتوجه شرقاً وغرباً أي أميركا وأوروبا والصين وروسيا وكل دول العالم، مقابل فريق (يقصد “حزب الله”) لا يريد العمل إلا مع جهة واحدة أي شرقاً، وهناك فريق لبناني يدعم هذا الفريق الأخير (قاصداً “التيار الوطني الحر”)… في طيات هذا الكلام استناد إلى رفض “حزب الله” منذ مطلع التسعينيات حتى اليوم سياسات الخصخصة والتشركة في كافة القطاعات وسعيه نحو سياسة التأميم واستنساخ أنظمة إيران وسوريا في لبنان.

كلام الحريري استاء منه “حزب الله”. فلم يمرَّ أكثر من خمس ساعات حتى مررت “كتلة الوفاء والمقاومة” رسالة إلى الرئيس المكلف اعتُبرت بمثابة ” تنقير” تعبيراً عن الاستياء. وقالت الكتلة في بيانها: “تشاور الرئيس المكلف واتفاقه مع رئيس الجمهورية لإصدار مراسيم الحكومة ليسا ترفاً ولا استنساباً، بل هما الممر الطبيعي والدستوري لولادة الحكومة حين تتوفر الجدية المطلوبة.”

مرر “حزب الله” رسالة مخففة قدر المستطاع إلى الرئيس المكلف، ما يوحي أن موقفه من رئاسة الحريري للحكومة بدأ يتغير أو أقله يهتزّ… صحيح أن “كتلة الوفاء للمقاومة” لم تكلف الحريري، إنما اعتبرت رئاسته للحكومة حاجة في المرحلة الراهنة ولمشاركته كرئيس أكبر تيار سني في إنقاذ البلاد مع باقي الفرقاء السياسيين.. أما اليوم وبعد مرور تسعة أشهر على التكليف من دون تأليف، بدأ الحزب يلوّح بالانقلاب على نهج التسهيل الذي انتهجه طوال فترة التأليف. وفي ظل انقطاع التواصل بين الرئيسين، دعا الحزب الحريري إلى لقاء عون لأن انسداد الأفق الحكومي وسط الانهيار الاقتصادي الحاد لم يعد مقبولاً… هذه الدعوة جاءت على الرغم من أنه يعلم أن الحل ليس عند عون إنما عند باسيل… والحريري من جهته لا يمانع التوجه إلى بعبدا، ولكن بعد إظهار نوع من التقدم والإيجابية، غير أنه باقٍ على رفضه لقاء باسيل.

وما يدور من بحث جدي في بعبدا عن بديل تصل أصداؤه إلى بيت الوسط، حيث يُطرح جدياً اسمي فؤاد مخزومي وجواد عدرا لرئاسة الحكومة بعد إحراج الحريري وإخراجه.. ولكن الحريري ثابت في صموده حتى اللحظة ولن يسلم البلد إلى محور إقليمي ولن يفرط بنظام الطائف.

التأليف عاد إلى ما دون الصفر:

لن يمون أحد على عون، أكان قداسة البابا أو السيد حسن نصرالله… فالمكتوب ما بين سطور قرار بعبدا، لا حكومة يرأسها الحريري ولا تعاون بين التيارين حتى نهاية العهد. و”حزب الله” يعلم أنه حتى لو أقدم الحريري على وضع تشكيلة حكومية من ٢٤ وزيراً وسلمها لعون ووضع حقيبة الداخلية من حصة فريق رئيس الجمهورية، سينتقل عون إلى المطالبة بحقيبة العدل.. وهكذا ستبقى الأزمات تتوالد.

تراجعت نتائج مشاورات التأليف إلى ما دون الصفر، فالمشكلة ليست فقط في الحقائب، إنما أيضاً في تقسيم الحكومة وتسمية الوزراء المسيحيين.

ففي منطق توزيع الحقائب على الكتل وفقا لـ”٣ ثمانات” يجب أن توزع على الشكل الآتي

– ٨ لفريق رئيس الجمهورية ( ٦ مسيحيين + أرمني + درزي) – ٨ وزراء ( ٥ للثنائي الشيعي + ٢ مردة + ١ قومي )

– ٨ وزراء ( ٥ سنة للحريري وحلفائه + ١ درزي لجنبلاط + ويبقى مسيحيان).

يفترض أن يسمي الحريري هذين الاسمين المسيحيين، إلا أن عون يرفض تسمية الحريري للمسيحيين، وهذا ما يهدم هيكلية “3 ثمانات”، فإصرار عون وتياره على التذرع بحقوق المسيحيين لكسب مقاعد وزارية وللحصول على حصة تتعدى الثلث المعطل، يهدم كل أمل في ولادة حكومة، يُفترض أن تكون مهمتها إصلاحية وإنقاذية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً