“حزب الله” لـ”لبنان الكبير”: مع رفع السقف وقطبة مخفية في مرسوم الحدود البحرية

ليندا مشلب
ليندا مشلب

البلد “مكربج” على كل المستويات، ومفاوضات الترسيم انضمت إلى الملفات المعلقة بانتظار الفرج.

قبل بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في تشرين الأول الماضي أعد العقيد الركن مازن بصبوص، عضو الوفد اللبناني المكلف التفاوض في الناقورة، دراسة تظهر أحقية لبنان بمساحة تبلغ حوالي ١٤٣٠ كيلومترًا مربعًا وتقع هذه المنطقة الإضافية جنوب النقطة ٢٣ وتنتهي عند نقطة تُسمى ٢٩، وهي أحد خطوط الحدود البحريّة المقترحة من قبل المكتب الهيدروغرافي البريطاني (UKHO) في العام ٢٠١١. وعند إطلاع رئيس الجمهورية ميشال عون على هذا الأمر تحمس لها وأعد مكتوباً لإرساله إلى الأمم المتحدة لكن لم يوقعه بعدما تبين أن تعديل المرسوم يحتاج إلى مجلس الوزراء، كون المرسوم الأساسي الرقم ٦٤٣٣ أقر في مجلس الوزراء قبل إرساله إلى الأمم المتحدة.

في كانون الثاني الماضي عندما زار الوسيط الأميركي جون دو روشيه بعبدا قال له رئيس الجمهورية: فلنتفاوض حسب المرسوم الجديد الذي يثبت الزيادة في حقوقنا المائية. أجابه دو روشيه أن الإسرائيليين لن يقبلوا. فاقترح عون إجراء تحكيم، فرد دو روشيه أن التحكيم يطيح بالمفاوضات لأنه يحتاج إلى وقت طويل. ولاحقا تبلغ عون من الأميركيين أن إسرائيل لن تستأنف المفاوضات إلا بعد العودة إلى المرسوم الأساسي بناء على “خط هوف”. بالموازاة أطلق الجيش اللبناني حملة إعلامية واسعة وماتراكاج لتسويق دراسته ووجهة نظره. وبدأت حملة مزايدات أزعجت رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال إظهاره وكأنه فرّط بحقوق لبنان وامتدت إلى تخوين كل من لا يوقع تعديل المرسوم.

عقد اجتماع في السراي الحكومي حضره كل المعنيين بهذا الملف، وقال أمامهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إنه لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء، وهو جاهز إذا أرادوا لتوقيع موافقة استثنائية على غرار المراسيم الأخرى التي حصلت على موافقات استثنائية منذ استقالة الحكومة. أرسل المرسوم إلى وزير الأشغال للتوقيع لكن رئيس “المردة” سليمان فرنجية كان منزعجاً بدوره من طريقة التعاطي مع هذا الملف قبل أن يغير رأيه ويطلب من الوزير نجار توقيعه شرط موافقة مجلس الوزراء، كذلك فعلت وزيرة الدفاع زينة عكر. وبعد إرسال المرسوم إلى السراي طلب دياب من الرئيس عون التوقيع معه للموافقة الاستثنائية، في هذا الوقت حط الموفد الأميركي ديفيد هيل في بيروت واجتمع مع رئيس الجمهورية الذي سأله: هل توقيع تعديل المرسوم يوقف المفاوضات؟ أجابه هيل: بالتأكيد ونحن لا نريد تعقيد الأمور وايجاد المشاكل في التفاوض. فطلب عندها عون أن تطرح القضية على طاولة المفاوضات في الناقورة بحضور خبراء دوليين بقانون البحار والمياه الإقليمية، وهم خبراء يؤخذ برأيهم من دون أن يكون قرارهم ملزماً، فوافق هيل وأبدى ارتياحه لطرح عون الذي اشترط أن تعلق إسرائيل قرارها ببدء سحب النفط من حقل “كاريش” في حزيران المقبل داخل المنطقة التي تصبح مشتركة مع لبنان بحسب ترسيم الجيش لها، واذا تبين أن “كاريش” مشتركة فنحتكم إلى المعاهدات الدولية باستثمار وتقاسم الخيرات المائية. وهنا كانت وجهة نظر الرئيس عون أنه إذا استطاع لبنان التفاهم حول الخرائط الجديدة لحقه في مياهه كان به، وإذا لم توافق إسرائيل نوقع حينها المرسوم ونرفع سقف مطالبنا.

غادر هيل واعداً بإرسال جواب إلى الرئاسة بعد مناقشة الأمر مع الجانب الإسرائيلي، ولا يزال رئيس الجمهورية ينتظر هذا الجواب باعتبار أن عدم توقيع المرسوم سيسهل استئناف المفاوضات، مع الإشارة إلى أنه مصر على أن يوافق عليه كل مجلس الوزراء لأن هذا المرسوم لا يمكن أن يمر بموافقة استثنائية، أولاً لأنه ليس شأناً داخلياً، وثانياً لتجنب تعريضه للطعن، خصوصاً أن الموافقات الاستثنائية لا تستند إلى نصوص قانونية وتعتبر من “الاختراعات”.

وبانتظار جواب هيل ماذا عن موقف “حزب الله” الذي غاب في كل هذه المعمعة؟

يقول قيادي بارز في الحزب لموقع “لبنان الكبير”: “إن المقاومة تلتزم بما تقرره الدولة في موضوع الترسيم البري والبحري، وهذه القضية هي عند السلطة الإجرائية والأفضل لمن يريد تحقيق مكاسب في عملية التفاوض أن يرفع سقف مطالبه وأهل الاختصاص أكثر دراية بهذا الملف”.

وعما إذا كان من مصلحة “حزب الله” أن تصبح لديه “شبعا بحرية” تضاف إلى “شبعا البرية” كرر القيادي قوله: “نلتزم بما تقرره الدولة”. إلا أن أخطر ما يقال في هذه القضية أن ثمة قطبة مخفية في هذا الملف، خصوصاً أن طلب تعديل المرسوم الذي أدى إلى توقف المفاوضات طرح من قيادة الجيش، وإذا سلمنا أن قائد الجيش هو حليف للأميركيين، فلماذا تعمل القيادة بعكس هذا الحلف، وهذا السؤال يحتاج إلى إجابات من المسؤولين الذين تركوا علامات استفهام كبيرة.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً