“فيروس” التشرذم السياسي يُصيب جهازَيْ نقابتي المحامين

هيام طوق
هيام طوق

بعد خمسة أيام، تجري انتخابات مجلس نقابتي المحامين في بيروت والشمال الأحد 21 تشرين الثاني الجاري، إثر إقفال باب الترشيحات على 42 مرشّحًا لملء تسعة مراكز بينها نقيب ويضاف إليه رديف في بيروت، وعلى 15 مرشّحًا لمنصب نقيب وثلاثة أعضاء في الشمال، إذ يشير عدد من المحامين إلى أنّ الاستحقاق النقابي في بيروت سيشكل “بروفة” لما ستكون عليه الانتخابات النيابية المقبلة، وأنّ النتيجة ستكون بمثابة عيّنة مصغّرة عما ستكون عليه نتائج الاستحقاق الدستوري المقبل، على الرغم من أنّ الكلّ يؤكّد أنّ التحالفات أتت نتيجة إمكانات المرشّح وما يمكن أن يقدّمه للنقابة.

ويتنافس على المقاعد التسعة لعضوية مجلس النقابة في بيروت 38 مرشحًا، بعد انسحاب عدد من المرشّحين. وبلغ عدد المرشّحين إلى منصب النقيب 9 بينهم 4 لديهم تجربة نقابية سابقة، وهم أعضاء سابقون في مجلس النقابة: ناضر كسبار، عبده لحود، فادي بركات ووجيه مسعد، إلى جانب 5 مرشّحين آخرين، هم: ألكسندر نجار، ميشال عيد، رمزي هيكل، مطانيوس عيد، وموسى خوري.

وأشار مصدر في نقابة المحامين في بيروت لـ”لبنان الكبير” إلى أنه من المتوقّع أن يقترع ما بين 3000 و4000 محامٍ، إذ أنّ مجموع عدد المحامين في النقابة 8500 محامٍ، وسدّد 7600 من بينهم اشتراكاتهم السنوية.

أما في طرابلس، فإنّ المعركة قائمة على انتخاب 4 أعضاء جدد، مسلمان ومسيحيان، من بينهم منصب النقيب الذي يتنافس عليه كل من: ماري تيريز القوّال، جوزف عبدو ، جورج جلّاد، طوني خوري، وبطرس فضّول، اذ تتمّ المداورة في منصب النقيب بين المسلمين والمسيحيين، وهذه المرّة سيخلف النقيب الحالي محمد المراد نقيب مسيحي.

وباستثناء اللائحة التي أعلنها “تيار المستقبل” و”المردة”، ودعمهما مرشّحة “المردة”، ماري تيريز القوّال لمنصب النقيب، وكلّ من مروان ضاهر ومحمود هرموش ومنير الحسيني، المقرّبين من التيار الأزرق، للعضوية، فإنّ الوضع في طرابلس مماثل لبيروت. لا تحالفات بين الأحزاب والتيارات ولا لوائح مكتملة، بل عمد كل طرف إلى ترشيح مرشّحيه. وبالتالي، فإنّ الوضع السياسي والتشرذم بين الأطراف انعكس جلياً على الانتخابات النقابية التي تسير على قاعدة “كل فريق يغنّي على ليلاه”، بانتظار النتيجة التي تحسمها الصناديق.

وإذا كانت الأنظار موجّهة إلى الانتخابات في بيروت حيث نقابة المحامين تعتبر أم النقابات التي انضوى تحت أعمدتها رجالات كبار من أهل السياسة والقانون، فإنها تحمل أبعادًا سياسية أكثر منها مهنية، خصوصًا أنّ المحامين يتعاطون بالشأن العام ولديهم ميول سياسية أكثر من غيرهم.

وكشف مصدر متابع للانتخابات لـ”لبنان الكبير” أنّ المرشحين الأقوى والأوفر حظًا لمقعد النقيب حسب التداول بين الزملاء المحامين، هم: عبده لحود المدعوم من “القوات اللبنانية” و”الأحرار” و”الكتلة الوطنية”، وناضر كسبار المدعوم من أفرقاء من هنا وهناك، وألكسندر نجار المدعوم من “الكتائب اللبنانية” و”تيار المستقبل”، إلا أنّ منسق قطاع المحامين في “المستقبل” عماد السبع أكد لـ”لبنان الكبير” أنّ التيار لم يتّخذ موقفًا نهائيًا بعد بدعم أي مرشّح. أما “التيار الوطني الحر” الذي طلب من مؤيّديه عدم الترشّح خوفًا من النتائج، لكن على ما يبدو هذا لن يحصل حسب المصدر المتابع لأنّ هناك مرشحين ينتسبون إلى التيار الذي يدعم فادي بركات وسواه.

وأشار رئيس مصلحة المهن القانونية في حزب “القوات” جورج فيعاني لـ”لبنان الكبير” إلى أنه يتوقّع اقتراع ما بين 4000 و4500 محامٍ الأحد من دون إسقاط الأزمة المعيشية من الحسبان وصعوبة التنقل بسبب غلاء البنزين، مشددًا على أنه “على المحامين التصويت لمن يرونه مناسبًا في السير بالنقابة نحو الأفضل لأنها في وضع متراجع جدًا، والنقابة في حاجة لنقيب يلتفت لعموم المحامين ولمصلحتهم قبل أي شيء آخر للاستمرار في هذه المهنة” .

وفي حين تبدو قوّة “حزب الله” ضعيفة في النقابة، فقد لفت المحامي محمد عطية من حركة “أمل” إلى أنّ “الحركة تقارب الانتخابات نقابيًا وليست لدينا تحالفات، ونحن ندعم ترشيح مستقلين”.

وأعلن “الحزب التقدمي الاشتراكي” انسحابه من الانتخابات انسجامًا مع مواقفه في النقابات الأخرى، وفق مفوضة العدل في الحزب سوزان اسماعيل، التي أشارت إلى “أننا لم ندخل بأي تحالف ولا ندعم أحدًا من المرشّحين”.

أما على خط مجموعات الثورة التي حققت فوزًا في انتخابات نقابة المهندسين، فلا تبدو الصورة مماثلة في انتخابات نقابة المحامين، إذا لم يطرأ تغيّر ما، فالخلاف القائم بين مجموعاتها أضعف زخمها.

وأوضح منسق اللجنة القانونية في “المرصد الشعبي لمحاربة الفساد” جاد طعمة لـ”لبنان الكبير”، أنّ “هناك مساعيَ مستمرة لتظهر مجموعات الثورة موحّدة ضمن إطار مبادئ 17 تشرين التي جمعها مبدأ (كلّن يعني كلّن)، إذ يعتبر البعض أنّ هناك استثناءات على (كلن يعني كلن)، مما أدى إلى اختلاف في وجهات النظر من دون الفراق التام. أما في الشق المهني، فهناك سعي دؤوب لاختيار الافضل، ومجموعات الثورة لن تعلن لائحة، إنما تدعم مرشّحين”.

واعتبر أنّ “دعم ترشيح أشخاص تجربة جديدة تسعى إلى تكريس وصول فريق عمل يعمل بالتجانس مع بعضه البعض داخل نقابة المحامين أو داخل أي نقابة لنحسّن الأداء النقابي، إذ أنّ أساس التغيير ليس فقط في المجلس النيابي، إنما أيضاً في النقابات والقوى الحية في المجتمع”، لافتاً إلى أنه “إذا لم تكن النتيجة إيجابية الأحد، فهذا ليس دليلاً لليأس بل إلى وجوب إعطاء المزيد من الجهد والعمل للتأثير في الهيئة الناخبة”.

وشدّد على أنّ “مجموعات الثورة تعمل على التغيير في المشهد الوطني العام من خلال تقديم بديل للناس، وضمير الناس هو الذي يجعل مشروعنا ناجحاً أو فاشلاً. هنا الرهان على الناس من جهة، وعلى تمتّع المنضوين في مجموعات الثورة بحسّ المسؤولية الوطنية لئلا يُظهروا خلافاتهم إلى الملأ من جهة ثانية”.

شارك المقال