الحاج حسن لـ”لبنان الكبير”: متمسكون بالأسواق الخليجية

فدى مكداشي
فدى مكداشي

تركت الأزمة السياسية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، نتائج سلبية على القطاع الزراعي الذي لطالما اعتمد على تصدير منتوجاته الى هذه الدول. فالقطاع الزراعي الذي يعتبر قطاعاً موسميًّا يرتبط بشكل مباشر ورئيسي بحركة التصدير. علماً أن لبنان اجتهد كثيراً للحصول على اتفاقيّة التعاون التجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي التي وُقّعت عام 2004، واعتبرت أولى الاتفاقيّات مع دول الخليج، إذ كان نصيب القطاع الزراعي منها وافراً إذ استطاع لبنان طوال سنوات أن يُصدر الكثير من منتوجاته الزراعية إلى تلك الدول.

أزمة التصدير

على الرغم من الأزمة ونتائجها فقد غابت وزارة الزراعة عن مسرح الأحداث إذ لم نسمع بأي خطوة أو مبادرة معالجة للنتائج الكارثية التي تتعلق بوقف تصدير المنتجات الزراعية اللبنانية. وفي هذا السياق، يوضح وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن، في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير”، أن “القطاع الزراعي يعاني من أزمة في التصدير الى بعض الأسواق بعد الأزمة الديبلوماسية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، لافتاً إلى أن وزارة الزراعة تعمل على فتح أسواق جديدة، كسوق العراق مثلاً، ونحن في صدد التحضير الى المزيد من الاتفاقيات، أما الأردن ومصر فقد فتحت كل منهما أسواقها لنا وأيضاً الإمارات العربية المتحدة فعلت ذلك وتحديداً في ملف التفاح”.

وعن التخوّف من أن تكون هذه الخطة تستبدل الأسواق الخليجيّة، يؤكد الحاج حسن أن “الوزارة ما زالت متمسكة بالأسواق التي كنا على علاقة جيّدة معها خلال سنوات طويلة، إذ إن هناك علاقات بينيّة استيراداً وتصديراً، لافتا إلى أنه عندما وعدنا المزارعين بالعمل على فتح أسواق جديدة فهو من باب أن لا يكون هناك أي أزمة في ما يتعلّق بموضوع كساد المواسم، خصوصاً أننا في موسم الحمضيات والبطاطا. وبالتالي، هذا الأمر يؤسّس لشراكة جديدة بيننا وبين الدول التي نستهدف أسواقها”.

ويشير إلى “الالتزام كوزارة بكل ما اتفق عليه بيننا وبين كل الدول، تحديداً في ما يتعلّق بالفحوص التي تُجرى عبر المعابر. وثانياً، التشدّد في هذا الأمر حتى لا يكون هناك أي شُحنة تسبب أزمة أو إشكالاً ديبلوماسياً في ما بعد. وبالتالي، نحن كوزارة ملتزمون لا بل حرصاء على أن تكون علاقاتنا مع كل الدول العربية الشقيقة جيّدة بخاصة مع المملكة وسوريا”.

خريطة الطريق

بالنسبة إلى خريطة طريق الوزارة التي وُضعت لعام 2025، يؤكد الوزير أنها “واضحة ومستدامة للقطاع الزراعي الذي كان يعاني منذ زمن بعيد من الإجحاف بحقه من الحكومات المتعاقبة والتي كانت تتعاطى معه وكأنه غير موجود ولا يُشكّل أي وزناً في الاقتصاد المحلي، لافتاً إلى أنه مع بدء الأزمة منذ ثلاث سنوات ثبت أن هذا القطاع سيكون المفصل الأساس والرافعة للنمو الذي سيحرّك العجلة الاقتصاديّة، مشيراً إلى أن الوزارة ستعمل على إطلاق في القريب العاجل ما يُعرف بالسجل الزراعي وسيكون هناك سجل لكل مزارع على مساحة الوطن، متمنيّاً أن يكون ثمّة رقم وطني لكل المواطنين منه رقم صحي واجتماعي لنصبح دولة قادرة أن تمكنن هذه المعطيات سواء كان انتخابياً أو في سائر المواضيع التي قد نحتاجها لاحقا”.

خسائر كبيرة

وعن حجم الخسائر في القطاع الزراعي جراء الأزمة الديبلوماسية، يوضح الخبير المالي والاقتصادي الدكتور بلال علامة أن “لبنان خسر ما يقدر بـ50 في المئة من صادراته من المنتجات الزراعية لهذه الدول بعد الأزمة الديبلوماسية التي عصفت بلبنان، إذ تقدر قيمة الخسائر السنويّة بمبلغ يقارب الـ200 مليون دولار أميركي وهو رقم كبير نسبة للواقع الاقتصادي اللبناني، إذ لم يعد لبنان يستطيع تحمّل خسارات متوالية لروافد الاقتصاد ومصادر الانتعاش المالي، مؤكداً أن على الدولة اللبنانية أن تعمد الى معالجة المشكلة وإعادة الحياة إلى الاتفاقية التي تتضمن إعادة تصدير المنتجات الزراعية إلى أسواق الدول المعنية لكون الصادرات الزراعية هي صادرات ترتبط بمواسم وبأنواع معيّنة في فترات معيّنة في السنة. وبالتالي، فإن خسارة هذه الأسواق قد تكون خسارة غير ممكن تعويضها في أي دولة أخرى بخاصة في غياب الاتفاقيات التي تراعي الروزنامة الزراعيّة وتوازن الإنتاج”.

عقبات الأسواق البديلة

وفي حال لم تستطع الدولة معالجة المشكلة، يرى علامة أن “البحث عن أسواق بديلة قد لا يكون سهل المنال نظراً إلى اختلاف طبيعة الدول والظروف التي تحكمها، معتبراً أن أفضل البدائل لدول مجلس التعاون الخليجي هي السوق العراقية التي تستطيع تأمين الظروف والمعطيات المناسبة. لكن الأمر دونه عقبات كثيرة، أوّلها غياب اتفاقيّة واضحة لتأمين التبادل التجاري الذي يعطي القطاع الزراعي حيّزاً لا بأس به. إضافة الى السوق التي ستتوافر في العراق، على الدولة أن تبحث جديّاً في التصدير الى الأسواق الأوروبية وهذه العمليّة بحاجة إلى إعادة نظر بنوعيّة الإنتاج اللبناني إذ إن المنتوجات الزراعية التي تستطيع دخول الأسواق الأوروبية يجب أن تتمتع بنوعيّة وجودة ومواصفات قد لا تكون متوافرة في المنتجات اللبنانية حالياً”.

شارك المقال