استقلال 2021… ذكرى على أنقاض وطن مخطوف

هيام طوق
هيام طوق

كأنه كتِب على هذا البلد الصغير بمساحته الجغرافية والكبير بتاريخه وحضارته ورسالته وإنسانه أن لا يتذوق يوماً طعم الاستقلال الحقيقي والسيادة المكتملة، لأنه بقي في نظر الكبار صغيراً وغير مؤهل لرفع رأسه بين البلدان المستقلة وان علمه لا يستحق أن يرفرف عالياً الى جانب اعلام الدول العظمى التي تَحكم ولا تُحكم.

البلد الذي مرّ على ولادة جمهوريته أكثر من 100 عام، تناوبت على حكمه السلطنة العثمانية ثم الانتداب الفرنسي قبل ان ينعم باستقلال هشّ لتعود وتُشرع أبوابه امام فتنة داخلية أدت الى حرب أهلية قطعت أوصاله وحطمت أحلامه فتم استغلاله حين دخلت الوصاية السورية بالتزامن مع احتلال إسرائيلي على أجزاء واسعة من أراضيه الجنوبية. وبعد زوال الاحتلال الاسرائيلي، وانسحاب الجيش السوري في الـ2005 اثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري، كان الاستقلال الثاني الذي لم يدم طويلاً لأنه وفق أطراف لبنانيين، خرج الاحتلال السوري من الباب ودخل الاحتلال الايراني من الشباك وانه لا بد من استقلال ثالث بعد سحب الوطن الصغير من بين أيدي اللاعبين الكبار الذين تبادلوا على مر السنوات استخدامه كورقة تفاوضية تتطاير في مهب رياح مصالح بلدانهم على حساب بلد وشعب دفعا الكثير ولا يزالان على طريق جلجلة صراعات الآخرين على أرضه. على أمل ألا يبقى يوم 22 تشرين الثاني مجرد تخليد لذكرى حكومة الاستقلال الوطنية التي ناضلت عشية إطلاق سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح من الاعتقال صباح 22 تشرين الثاني 1943 وتسليم فرنسا بمنح لبنان الاستقلال التام، بأن يحمل معه العام المقبل أي 22 تشرين الثاني 2022 كل بوادر الاستقلال الحقيقي الذي يولد بعد مخاض طويل من رحم الظلم والأحزان.

وتأتي الذكرى الثامنة والسبعين للاستقلال في ظل أسوأ أزمة سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية يعيشها البلد، اذ يعتبر كثيرون ان الاستقلال لم يعُد سوى ذكرى سنوية روتينية فارغة من المضمون بسبب ربط مصير لبنان بالمحور الايراني لتبقى حقيقة واحدة مرة لا بل الأمرّ في تاريخه: استقلال تحول الى قهر واستغلال، والآمال الى انهيار وانكسار على أنقاض شبه وطن.

وفي حين تغيب المظاهر الاحتفالية في الذكرى الثامنة والسبعين للاستقلال التي درج احياؤها قبل ثورة 17 تشرين 2019، اذ ستقتصر على احتفال رسمي مختصر في مقر وزارة الدفاع، يتضمن عرضاً عسكرياً رمزياً، فيما أصدرت رئاسة مجلس الوزراء مذكرة قضت بإقفال الإدارات العامة والمؤسّسات العامة والبلديات يوم 22 تشرين الثاني 2021 بمناسبة الذكرى.

قاطيشا: لا يمكن تحويل لبنان إلى محافظة ايرانية

اعتبر النائب وهبي قاطيشا ان “الذكرى لا معنى لها لأننا غير مستقلين بل نحن تحت الاحتلال الايراني بأذرع لبنانية بامتياز، لافتاً الى ان هناك قسماً من الشعب مؤمن بأن البلد يجب أن يكون جزءاً من امبراطورية كبيرة دينية اسمها إيران. النزاع حاليا في الداخل حيث الفقر وكل المؤسسات في حال انهيار بسبب الاحتلال الذي هو الأقسى على لبنان منذ 100 عام حتى اليوم وكأننا نعيش حال 1914”.

وشدد على “اننا نريد تحقيق الاستقلال الثالث فعلياً، وما يجري اليوم من احتلال لا يدوم لأن عناصره موقتة سواء أكانت خارجية أم داخلية، ولا يمكن للبنانيين أن ينصاعوا ويتحولوا الى محافظة ايرانية. لذلك، نرفع الصوت لأن تاريخنا لا يقبل الانصياع لأي محتل واغلب اللبنانيين في هذا الاتجاه”.

ورأى انه “من خلال الانتخابات النيابية وتشكيل أغلبية نيابية تطالب بالسيادة وحين يصبح لدينا مجلس نيابي سيادي وحكومة سيادية ورئيس جمهورية سيادي، حينها يكون على الجميع الانصياع لارادة الدولة، ونكون بذلك نساهم في تحقيق الاستقلال الثالث”.

حمادة: جبهة انتخابية لإضعاف فريق الهيمنة

شدد النائب المستقيل مروان حمادة على أن “العيد يجب أن يكون فرصة للتذكير بوجوب استعادة الاستقلال الذي كان موجوداً والذي عبثنا به، لكن كان يبقى من الاستقلال الشعلة والعنوان والمؤسسات ولو كانت على الطريق تفقد بعضاً من هالتها. واستعدنا الكثير من الاستقلال في 14 آذار 2005 لكن منذ هذا التاريخ حتى اليوم هناك من يدكّ الاستقلال، قصدت (حزب الله) والمشروع الفارسي بالتعاون مع أسوأ عهد منذ الفينيقيين”.

واعتبر انه “يجب ان تكون هذه الذكرى حافزاً لخوض معركة الاستقلال بإرادة أقوى وبصوت أعلى وبتعبئة شعبية أشد وأعمق كي نصل الى الانتخابات النيابية ونحسم المعركة لصالح استقلال لبنان وسيادته وهويته واستعادة عافيته”.

وأوضح حمادة ان “الاستقلال يتفق عليه كل الشعب حتى الذين انضووا في (حزب الله) بفعل الانتماء المذهبي والتشدد، لكن اللبناني عموماً يمارس الاستقلال على الصعيد الفردي وهو يتوق الى الحرية، متحدثاً عن تجميع للقوى الاستقلالية وليس جبهة ضد (حزب الله) أي جبهة من أجل لبنان، تندرج منها اصطفافات انتخابية تكون اساسية لاضعاف فريق الهيمنة. هكذا يحصل الاستقلال الثالث اذ هناك الكثير من الدول التي حاربت للوصول الى الاستقلال أكثر من مرة”.

فتفت: للاختيار بين السلطة وتحرير البلد

وأكد النائب السابق أحمد فتفت انه “لا يمكن ان نحتفل بعيد الاستقلال ونحن بلد يقع تحت الاحتلال الايراني الذي يمثله “حزب الله” الذي هو حزب لبناني بالهوية لكن بممارساته وتوجهاته وإعلامه ومصادر تمويله هو حزب ايراني. وبالتالي، نحن تحت الاحتلال الايراني و”حزب الله” يفرض على الدولة ارادته بكل الامور الاساسية والمفصلية ، مشدداً على انه من المهم جداً في هذه المرحلة أن يتوحّد الشعب في وجه هذا الاحتلال، ومن ضمنهم أعضاء “حزب الله” الذين نتمنى عودتهم الى لبنانيتهم وليس كعملاء للسياسة الايرانية وللتوجهات العقائدية الايرانية الفارسية” .

ولفت الى “اننا نؤمن بالانتخابات النيابية، لكن لا أنتظر تغييرات جذرية في ظل وجود قوة السلاح مع “حزب الله” الموجه الى الداخل. المفصل الحقيقي هو عندما يكون هناك جبهة لبنانية حقيقية تطالب بالثوابت الدستورية والمحافظة على اتفاق الطائف الذي أخرج لبنان من الحرب الاهلية، والمحافظة على علاقات لبنان العربية وعلى الشرعية الدولية والقرارات الدولية. هذا يحتاج الى جبهة لبنانية، والى قرار من القوى السياسية التي عليها الاختيار بين السلطة الاضافية وموقع من هنا وآخر من هناك وبين تحرير البلد من خلال قرار استراتيجي حقيقي”.

وتابع: “على هذه القوى ان تخرج من غاياتها السلطوية ومن همومها الشعبوية وتذهب نحو سياسة موحدة لتحرير البلد. هذه القوى اذا لم يكن لديها الجرأة في البوح عن الموقف الاستراتيجي الحقيقي، واذا لم يكن لديها الجرأة في البوح برفع الغطاء نهائياً عن “حزب الله” وعن ممارساته التي يمثلها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحتى رئيس مجلس النواب، وطالبت باستقالتهم، تكون تشارك بتغطية على هذه الممارسات. ويكون على الدنيا السلام. السؤال المطروح: ماذا تريد القوى السياسية؟ وماذا يريد الشعب اللبناني؟”.

وشدد فتفت ختاماً على انه “لدينا ثقة كبيرة بالشعب، ونؤمن بأن الشاردين السلطويين سيدركون يوما ما ان كل هذه السلطة لا قيمة لها اذا استمر الاحتلال الايراني”.

ماروني: لبنان سيختفي بهمّة المنظومة الفاسدة

اعتبر النائب السابق إيلي ماروني ان “يوم 22 تشرين الثاني يبقى ذكرى لأننا لا نعيش الاستقلال طالما هناك شعب ليس لديه ولاء للوطن. فبعد أن انتهينا من هيمنة اسرائيلية وفلسطينية وسورية، اليوم نقع تحت هيمنة إيرانية إذ تحاول إيران توسيع محورها عبر إدخالنا في مشروع ولاية الفقيه. وهذا ما أدى الى انهيار لبنان على المستويات كافة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودولياً واقليمياً وسنصل الى وقت يختفي فيه لبنان عن الخريطة بهمة هذه السلطة والمنظومة الفاسدة التي لا تعنيها لا الكرامة ولا السيادة ولا الاستقلال”.

ورأى انه “اذا استطاع الشعب الخروج من التبعية والاستزلام لاقطاعية المنظومة الحاكمة، واذا اختار مجلساً نيابياً تنبثق منه سلطة سياسية يكون ولاؤها للبنان، نكون بدأنا الخطوة الاولى على طريق الاستقلال الذي هو ليس فقط التحرر من جيوش أجنبية على الارض انما هو اقتصاد مزدهر وثقافة حرة وحضارة وولاء للوطن، وكلها أمور مفقودة حالياً”.

وشدد ماروني على “اننا بحاجة الى جبهة سياسية تضم كل الاطراف والطوائف، تتضامن وتعمل يداً واحدة لبناء لبنان، مشيراً الى انه من مأساتنا في عيد الاستقلال، استشهاد الوزير بيار الجميل في مثل هذا اليوم. وهذه الشهادة لتأكيد المؤكد أنه ما زلنا مستمرين في النضال من أجل حرية وكرامة وسيادة واستقلال لبنان”.

شارك المقال