إيران على بُعد أشهر من القنبلة النووية!

محمد شمس الدين

المفاوضات في فيينا لا تبشّر بالخير، تصريحات وردود واتهامات متبادلة بين الإيرانيين والأميركيين. يحصل كل ذلك في ظلّ تداول معلومات عن اقتراب الجمهورية الإيرانية من تصنيع قنبلة نووية، على الرغم من تحذير الكيان الإسرائيلي واشتعال الإقليم، فهل تبصر القنبلة النووية الإيرانية النور؟ وما تأثير امتلاك إيران للسلاح النووي في المنطقة؟

إيران على بُعد أشهر من القنبلة النووية

أشار الباحث في الشؤون الاستراتيجية نزار عبد القادر، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، إلى أنّ “إيران باتت من الناحية التكنولوجية على بُعد أشهر من صنع السلاح النووي وليس سنوات، فعندما تصل دولة إلى نظافة يورانيوم بنسبة 60% يصبح من السهل جداً أن ترفعها إلى 90 أو 93% خلال أشهر، وإيران اليوم قطعت المرحلة التي تتطلّب وقتاً طويلاً للحصول على الوقود النووي، أي اليورانيوم النظيف بنسبة أعلى من 90% أو البلوتونيوم من اليورانيوم المحروق(Reprocess) “.

وأوضح: “إيران حققت إنجازاً أيضاً باقترابها من الوقود النووي الذي يستعمل في القنبلة النووية، لأنها استطاعت تحويل غاز اليورانيوم إلى معدن صلب، وهو في الواقع ما يُستعمل في الرؤوس النووية. خطوتان أساسيتان في التكنولوجيا النووية وصلت إليهما إيران خلال فترة التفلّت منذ خروج الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي عام 2018 إلى عام 2021، واستطاعت إعادة تركيب أجهزة طرد مركزي متطوّرة تسمّى “ب 4″، الأمر الذي سمح لها بأن تنتج كميات أكبر وأكثر خصوبة من اليورانيوم، بينما الاتفاق النووي عام 2015 كان يحدّد عدد وحدات الطرد المركزي ونوعيتها، وإيران منذ انهيار الاتفاق قامت بتسريع الدورة النووية عندها”.

واعتبر عبد القادر أنّ “امتلاك الوقود النووي الصانع للقنبلة النووية لا يكفي وحده، هناك تكنولوجيا تتطلّب تطوّراً معيناً، وهي ترتبط بصنع القنبلة النووية، ولكن هناك غموضاً عن مدى تطوّر إيران في هذا الحقل، وكذلك فإنّ الرأس النووي يحتاج إلى ناقل، وأحد لا يعلم إن كانت الصواريخ الباليستية الإيرانية مثل شهاب 3، الذي يصل مداه إلى 1400 كلم، يسمح تصميمه بحمل رأس نووي”.

ويجزم عبد القادر أنّ إيران ليست بعيدة سوى بضعة أشهر عن إنتاج الكمية الكافية من اليورانيوم المخصّب لصنع القنبلة النووية، ولكن أحداً لا يعلم إن كانت قادرة في مجال التقنيات الأخرى.

أما الخبير العسكري والاستراتيجي عمر معربوني رأى أنّ “إيران لديها القدرة العلمية على صنع القنبلة النووية، لكن العائق أمامها هو ذاتي، إذ أنّ هناك فتوى شرعية إيرانية تحرّم امتلاك السلاح النووي، وهذه الفتوى لا يمكن أن تُلغى إلا بفتوى جديدة”.

وتابع: “لكن افتراضاً أنها أقدمت على هذه الخطوة، فإن هذا يثبت المعادلات في المنطقة، ويتيح لإيران المجال بعدم الدخول في حرب، بحيث يمكنها من فرض معادلاتها بالقوة”. لكن حتى هذه اللحظة، لا يعتبر معربوني أنّ “إيران بحاجة لها، لأنّ معادلات القوة في الإقليم تصب لمصلحة إيران وحلفائها، وأولها سوريا وكل محور المقاومة”.

خطر على استقرار المنطقة

ويتخوّف عبد القادر من أنّ “السلاح النووي الإيراني قد يتسبّب بسباق تسلح في المنطقة ويضرب استقرارها، لأنّ امتلاك إيران للقنبلة النووية قد يدفع دولاً بحجمها، مثل مصر وتركيا والسعودية، لإطلاق المغامرة والسعي إلى إمتلاك السلاح النووي لمواجهة الخطر النووي الإيراني، فيما يعتبر الإيرانيون أنّ امتلاك السلاح النووي يبقى الضمانة ضدّ أي غزو عسكري أميركي وغربي”.

واعتبر عبد القادر أنّ السلاح النووي في يد دول عظمى مثل روسيا والصين وأميركا وفرنسا ليس خطراً، لأنه هناك نضوجاً عسكرياً واستراتيجياً بين العسكري والسياسي، بينما امتلاك الدول الوسطى والصغرى للسلاح النووي خطر، لعدم امتلاكها هذا النضوج، ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتها واستعمالها له. فمثلاً، حمّلت إسرائيل في حرب 1973 مع الدول العربية قنبلة نووية على إحدى طائراتها وكادت تستعملها.

يذكر أنّ إسرائيل تخشى بقوة أي سلاح نووي قد تمتلكه إيران، إن كان من ناحية القرب الجغرافي أو من مساحة الكيان الإسرائيلي الصغيرة، التي لا تحتاج إلى أكثر من قنبلتين لتدميرها نووياً.

لكن يبقى السؤال، برأي عبد القادر، إن كانت إيران ستحذو حذو الدول التي تمتلك القدرة النووية وتحجم عنها، مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، أم أنها ستتبع منهج دول مثل باكستان وكوريا الشمالية والهند، وتلعب على الوقت لتطوير السلاح النووي؟

حالة الشرق الأوسط اليوم تشبه حالة أوروبا قبل 100 عام، صراع على النفوذ وسباق للتسلح، لذا على الدول الاعتبار من تجارب الماضي، لئلا يشهد العالم مأساة أخرى مثل هيروشيما وناغازاكي، وعلى أمل أن يكون العالم يوماً خالياً من السلاح النووي المدمّر.

وقال صانع القنبلة الذرية الأولى ألبرت آينشتاين يوماً: “لا أعلم بأي سلاح سيحاربون في الحرب العالمية الثالثة، لكن سلاح الرابعة سيكون العصي والحجارة”.

شارك المقال