“ذا إيريش تايمز”: الدنمارك أخطأت… سوريا ليست آمنة

حسناء بو حرفوش

سلط مقال نشر في صحيفة “ذا إيريش تايمز” الإيرلندية، الضوء على المخاطر التي يواجهها اللاجئون السوريون بمجرد عودتهم إلى الداخل السوري، وحذر من أن “سوريا ليست مكاناً آمناً على الإطلاق”. وقد تزامن نشر هذا المقال مع بلبلة في أوروبا، وتحديداً في هولندا مع تردد أصداء عن قرار إعادة اللاجئين إلى بلادهم.

وتشير كاتبة المقال، سالي هايدن، إلى أن “الدنمارك أصبحت أول دولة أوروبية تبدأ بتجريد اللاجئين السوريين من حقوقهم في الإقامة، إنطلاقاً من تقييمها لأن العاصمة السورية دمشق والمناطق المحيطة باتت آمنة، ما يتيح العودة إليها. وتتجاهل هذه الخطوة حقيقة أن السواد الأعظم من السوريين فر هرباً من بطش بشار الأسد ونظامه، الذي لا يزال مسؤولاً عن البلاد حتى اليوم، بعد 10 سنوات من اندلاع أكثر الحروب تدميراً في العالم”.

ونقل المقال عن مديرة مكتب الاستجابة بمنظمة إنقاذ الطفولة في سوريا سونيا خوش، أنه “لا يمكن ببساطة وصف أي جزء من سوريا بالمكان الآمن. لا تتماشى مثل هذه الحجة مع المعايير الدولية ولا تعكس الواقع على الأرض (…) الدنمارك كانت أول دولة توقع على اتفاقية اللاجئين في العام 1951. وبالتالي، ويشكل اتخاذها الخطوة الأولى بشكل فعال لإعادة الناس إلى مكان بعيد عن الأمان سابقة خطيرة”.

وتروي الكاتبة عن رحلة قامت بها إلى سوريا “في أواخر العام 2017، حيث خضعت باستمرار للمراقبة من قبل وزارة الإعلام التابعة للنظام (…) كانت القنابل لا تزال تتساقط بشكل مسموع على الغوطة الشرقية القريبة، التي ترزح تحت الحصار. لكن في باقي المدينة، بقي الناس أسرى للخوف: الخوف من الجنود الذين يحرسون نقاط التفتيش والخوف من المخبرين الذين يراقبون أي سلوك مشبوه. لم يخفَ على أحد استعداد النظام لمضايقة أو تجنيد أو احتجاز الناس في أي وقت، وأدرك الأشخاص الذين تحدثت إليه أنهم معرضون لخطر الاستجواب من قبل ضباط المخابرات”.

وقالت: “لن يكون إثبات حجم ما يحدث ممكنًا أبدًا، بسبب مستوى الخطر الذي يهدد أي شخص يتحدث أو يقدم معلومات. عندما كنت في سوريا، تمكنت ذات ليلة على الرغم من القيود، من مقابلة رجل عاد إلى سوريا من ألمانيا. أخبرني كيف اعتقل في مطار دمشق، وتعرض للتعذيب وسجن في زنزانة مكتظة مليئة بالعائدين الآخرين، ثم فرض عليه التجنيد في الجيش، حيث نجا بصعوبة من تفجير انتحاري. ولاحقًا، تلقيت معلومات من مصادر أخرى، عن عائدين اختفوا أو تعرضوا للقتل بعد وقت قصير من وصولهم إلى الأراضي السورية”.

وأوضحت انه “في العام التالي، استخدم تقريري في “إيريش تايمز” كدليل للطعن القانوني ضد الحكومة الألمانية، حيث جادل المحامون بضرورة منح الشباب السوريين مستوى أعلى من الحماية مقارنة بالمعايير غير الآمنة التي كانوا يحصلون عليها. سافرت جواً إلى برلين للإدلاء بشهادتي لكن القضية فشلت في النهاية، حيث قرر القضاة عدم وجود أدلة كافية على استهداف جميع العائدين الذكور بهذه الطريقة”.

وتابعت هايدن في مقالها: “سوريا ديكتاتورية وقد صنفها مؤشر حرية الصحافة للعام 2021، الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود”، في قائمة البلدان الثمانية الأقل حرية على مستوى العالم. ومنذ بدء الحرب، احتل دور تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا المزيد من العناوين الرئيسية في البلاد وهذه لعبة نظام الأسد، الذي أدان جميع قوى المعارضة على أنها “إرهابية”. لكن قوات الأسد هي التي أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين وهي التي قصفت بالبراميل المتفجرة مجتمعات بأكملها وأطلقت الغاز على الأطفال.”

وأشارت إلى أنه “بحلول العام 2019، اختفى ما يقرب من 128 ألف شخص في سجون الأسد، وفقًا لمجموعة مراقبة الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مع افتراض مقتل عشرات الآلاف. لقد قابلت محتجزين سابقين أظهروا لي ندوبًا على أجسادهم بسبب التعذيب الذي تعرضوا له. لا تزال علامات الحبال بارزة على معاصمهم، وعقولهم ما زالت مشوشة أيضًا، وإن كان ذلك أقل وضوحًا. تطاردهم ذكريات الماضي والكوابيس، بالإضافة إلى الخوف من الكشف عن هويتهم علانية”.

وتروي هايدن: “في العام الماضي، خاطر الناشط السوري المعروف مازن الحمادة بالعودة إلى وطنه، بعد إبرامه صفقة مع النظام السوري لضمان المرور الآمن. لكن لا أمان في سوريا خصوصاً لأي شخص يمتلك الجرأة للتحدث عما يجري. اختفى الحمادة فور وصوله. يخشى أصدقاؤه أنه تعرض للقتل (…) وتحتمي الغالبية العظمى من اللاجئين في البلدان المجاورة، مثل تركيا ولبنان والأردن، حيث يواجهون الاستغلال وتشويه السمعة بشكل متزايد. ويجمع السوريون الذين التقيت بهم على أنهم لا يستطيعون تصور العودة إلى ديارهم حتى يرحل الأسد عن السلطة. ويبدو الآن أن ذلك اليوم لن يأتي أبدًا”.

وتجزم الكاتبة أخيراً أن “الانتخابات السورية مجرد خدعة”: “لن تكون الانتخابات السورية المرتقبة حرة ولا نزيهة. لقد أجريت مقابلات مع معتقلين أخرجوا من زنازين السجون المكتظة في العام 2014 وأجبروا على التصويت لصالح الأسد. يقولون إن أي تصويت سيكون مجرد خدعة”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً