“الهيبة” في الخليل

زاهر أبو حمدة

انتهى المسلسل الشهير “الهيبة” بأجزائه الخمسة. وبعيداً من إبداع الكادر الفني والتمثيلي للعمل الدرامي، إلا أن الانتقادات طالته في أكثر من تفصيل. لكن الملاحظ أن هناك دونية ما في الانتقاد، فالمنتقد إن كان خبيراً أو مشاهداً يصفق لأعمال “الأكشن” والخيال العلمي في السينما الغربية والشرق آسيوية. تراه يرفض تفوق البطل العربي على أعدائه إنما يصدق “سوبر مان” جاكي شان، بروس لي… إلخ. وكذلك في المسلسلات، يتعاطف مع “البروفسور” وفريقه في المسلسل الاسباني الأشهر، أو مراد علم دار في “وادي الذئاب” التركي، أو يصدق اختراق ضابط شرطة لجزيرة مدججة بالأمن والرقابة في “لعبة الحبار” الكوري. هنا ليست الإشكالية في الإمكانيات المادية والإخراجية والدرامية المتفاوتة بين العرب والاخرين، لكن في طريقة تقبل المسلسل كصناعة تبغي الربح قبل كتابة السيناريو وتنفيذه بصرياً. ويكمن الهدف الثاني للسينما عموماً، في التسلية والمتعة ومن بعد ذلك تأتي الأهداف المركبة كالتثقيف والتعليم والتغيير والتوثيق.

وإذا كان “الهيبة” اتخذ الحدود اللبنانية – السورية مكاناً افتراضياً للقصة، فلدينا نموذج يشبهه إلى حد ما، وهو محافظة الخليل في فلسطين المحتلة. بقعة جغرافية يسكنها نصف مليون فلسطيني، وغالبيتها عشائر ممتدة وعائلات كبيرة. ومنذ أشهر، والخلاف بين آل العويوي وآل الجعبري، لم يُحل. قتلى وجرحى وتكسير محال ومن ثم نداءات فصائلية وتدخل رئيس السلطة محمود عباس وزيارة عاجلة لرئيس الوزراء محمد اشتية، ويبدو أن القضاء العشائري لم يستطع حل الصراع نهائياً. هذا يشبه المواجهات المباشرة في “الهيبة” بين عائلة شيخ الجبل والسعيد في الأجزاء السابقة، أما الغرباء المتدخلون تباعاً في “البلدة الاستراتيجية” هم الاحتلال في “مدينة الرحمن”. صحيح أن “الشاباك” يغذي الفرقة بين العشائر الفلسطينية، إلا أن النظام الفلسطيني يتحمل مسؤولية كبيرة إن كان بتهميش المنطقة المصنفة “ج” وفقاً لاتفاق أوسلو، أو بمعالجة الأمور دائماً بـ”بتبويس لحى” وفنجان قهوة. أما رئيس الغرباء في الحياة الفلسطينية أي الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتصوغ، فاقتحم الحرم الإبراهيمي في الخليل، تحت حراسة مشددة من جيش الاحتلال. عمل استفزازي، تحضيراً لضم لاحق للحرم وكل المدينة. واللافت أن من أشهروا السلاح الخفيف والمتوسط في المواجهات العشائرية لم يمنعوا أبو سياف وفقاً لـ”الهيبة” من تدنيس الحرم، فالاحتلال لا يختلف عن “داعش” بتاتاً. وإذا كان جبل، واجه “داعش” و”وديعهم” في رسائل مباشرة وغير مباشرة، فالخليل تنتظر “جبلها” ليوحدها ويطرد المحتلين منها.

شارك المقال