“إن رأي اي انسان في اي قضية لا يمكن أن يكون أفضل من نوع المعلومات التي تُقدَم اليه في شأنها.
أعط أي انسان معلومات صحيحة ثم اتركه وشأنه، سيظل معرضاً للخطأ في رأيه ربما لبعض الوقت ولكن فرصة الصواب سوف تظل في يده الى الابد.
احجب المعلومات الصحيحة عن اي انسان او قدّمها اليه مشوهة او ناقصة او محشوة بالدعاية والزيف – اذاً فقد دمرت كل جهاز تفكيره – ونزلت به الى ما دون مستوى الانسان”.
آرثر سالزبورغر (مؤسس جريدة نيويورك تايمز)
لا أظن انني في حاجة بعد هذه المقدمة الى التوضيح او التشديد على خطورة العلاقة بين السياسة والصحافة لا بل والإعلام بصفة عامة، وخصوصاً في لبنان. والعلاقة بين السياسة والإعلام معقدة جداً وفي كل انحاء الدنيا لكنها في لبنان والعالم الثالث فهي اكثر تعقيداً، هذا لأن العلم الحديث في بلدنا منقول وكل انواع التجديد مظاهر مستعارة، لأن التغريب (مشتقة من الغرب) بالتقليد عمل سهل والتجديد الاصيل والحقيقي مشقة ما بعدها مشقة. ولهذا ترى وسائل التنوير تتحول الى ادوات تعتيم! كما ان وسائل التطور والنمو وحتى الامن عندنا ادوات يختلف استعمالها عن الهدف الذي قصده هؤلاء الذين سخروا لصنعها ما توصلوا اليه من علوم وتكنولوجيا. وبالمناسبة، وعلى سبيل المثال، فإن ما ينطبق على الإعلام في بلادنا ينطبق ايضاً على السلاح.
انا لا اقصد من خلال هذا عدم الاشارة الى ما اضطلعت به الصحافة اللبنانية من أدوارٍ بالغة الاهمية، ولا يمكن أحداً أن يأخذ بقعة داكنة على صورة ثم يتوهم أو يدّعي انها الصورة كلها.
ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو الانتخابات الأخيرة لنقابة المحررين والتي أتت بنتيجة غير مختلفة إطلاقاً عن سابقاتها ما يعيدنا بالزمن الى الوراء حين تزعّم رياض طه الحملة على زهير عسيران حتى عُزل من النقابة، وانتُخِب خلفاً له الاستاذ رياض طه وبعدها تقرر ان يزور اعضاء النقابة رئيس الجمهورية شارل حلو في قصر بعبدا. حدد لهم الموعد ولما وصلوا صاح بهم الجزويتي والصحافي السابق: “اهلاً وسهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان”! وقد اختصرت هذه العبارة المرحلة العكاظية من صحافة لبنان خير اختصار وأدق تصوير.
تحية إلى كل الأقلام الحرة…