التمديد… ضرب من الجنون!

رامي الريّس

تأخرت إستقالة الوزير جورج قرداحي على خلفيّة الأزمة السياسيّة والاقتصاديّة التي نشبت مع دول الخليج، ولكن أن “تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً”.

صحيحٌ أن عمق الأزمة مع الخليج العربي تتعدّى تصريح الوزير المذكور، ولكن كان لا بد من خطوة سياسيّة ما تصب في إطار إعادة ترميم العلاقات ولو بشكل جزئي مع العرب. لقد كان لبنان ويبقى جزءاً من البيئة العربيّة، وما الارهاصات غير الطبيعيّة التي يعيشها راهناً إلا لسلخه عن هذا المحيط وإلحاقه بمحاور إقليميّة لم تحقق نجاحاً واحداً في أي من الساحات التي سيطرت عليها.

المشكلة أن مقاربة الأزمة من زاوية مقاطعة لبنان ومعاقبة جميع أبنائه لا تفيد ولا تحقق النتائج المرجوة، كي لا يقال أنها تحقق النتائج العكسيّة تماماً، ذلك أن إنقطاع لبنان عن العرب يصب في مصلحة الأطراف المناهضة ويحقق أهدافها بشكل مباشر يجعلها تكون المستفيد الأول من هذا الانزياح إذا صح التعبير.

لبنان هويته عربيّة وموقعه الطبيعي هو بين العرب وكل ما يقال غير ذلك إنما ينافي الحقيقة ويجافي الواقع ويناقض الحقائق التاريخيّة والجغرافيّة.

المطلوب اليوم إستعادة ذاك الهامش الذي كان قائماً بين الدولة والمقاومة، لا أن تنقض المقاومة على الدولة وتمارس كل وظائفها ودورها. هذا الهامش يتيح للبنان الحفاظ على علاقات عربيّة سليمة مع المحيط ويسمح له أن يتنفس من الرئة العربيّة كما كان دائماً فلا يختنق بمشاريع تفوق قدرته وطاقته السياسيّة والاقتصاديّة.

منذ إنتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهوريّة في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2016؛ سقط هذا الهامش السياسي وصارت سياسة الدولة متطابقة مع التطبيق السيء لتفاهم مار مخايل وهو التفاهم الذي قضى على إمكانيّة قيام الدولة.

أما الكلام عن التمديد، فهو لا يعدو كونه ضربا من الجنون ومن الانفصام عن الواقع ولذلك نتائج كارثيّة لا تقل خطورة عن الواقع المرير الذي نعيشه راهناً.

شارك المقال