“جي بي إس” يلاحق الصهاريج… ومكافحة التهريب بلا غطاء سياسي

لبنان الكبير

فُتح ملف التهريب على مصراعيه وبات يحتل الواجهة، تزامناً مع مسألة رفع الدعم وضبط كميات كبيرة من المخدرات وحبوب الكبتاغون مهربة في كميات من ثمار الرمان في المملكة العربية السعودية، وبعدما نشطت عمليات تهريب البضائع والسلع المدعومة والمحروقات من مادتي البنزين والمازوت وساد الفلتان الحدود اللبنانية السورية وبعض البلدان الأخرى، وفتحت شهية المهربين مع بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان.

وعلى الرغم من التحذيرات التي صدرت عن عدد من السياسيين والناشطين والإخبارات والشكاوى والتقارير الموثقة بالصور والفيديوات، إلا أن عمليات التهريب بكافة أشكالها لا تزال مستمرة وعلى عينك يا تاجر. في ظل عدم تحرك الدولة والأجهزة المعنية وعدم وضع القضاء المختص يده على هذا الملف الخطير.

وأكبر مثال على ذلك ما يقوم الجيش اللبناني بضبطه يومياً، وآخر مستجداته ما حصل بتاريخي 22 و23/4/2021 حيث أوقفت وحدات الجيش المنتشرة في البقاع والشمال تسعة مواطنين وستة سوريين، وضبطت 1100 ليتر من مادة المازوت، و28000 ليتر من مادة البنزين، إضافة إلى طنٍ ونصف طن من الخردة، وجميعها مُعدة للتهريب إلى الأراضي السورية، كما ضُبطت الآليات التي تُستخدم في عمليات التهريب، إضافة إلى سيارة تبيّن أنها مسروقة وسُلّمت المضبوطات وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص.

هذه المضبوطات ما هي إلا عينة صغيرة عما يجري على الحدود الشرقية، لا سيما في منطقة المصنع ومجدل عنجر والصويري ومناطق رأس بعلبك والهرمل، وعند الحدود الشمالية في وادي خالد وعكار، وكذلك عبر البحر، إذ إنه وبحسب مصادر مطلعة تدخل بعض السفن إلى المرفأ على أنها محملة بضائع لكنها تكون فارغة وتخرج محملة بضائع مدعومة.

ومع غياب القرار السياسي اتخذ الجيش اللبناني والقوى الأمنية إجراءات مكثفة لمكافحة التهريب ومنع الاحتكار وتشديد الرقابة على كافة المعابر الحدودية البرية الشرعية وغير الشرعية، إلا أن الأمور تتجه نحو الأسوأ بسبب الغطاء والحمايات التي يتمتع بها المهربون من بعض التجار الجشعين والمافيات الخارجة عن القانون، وجهات فاعلة على الأرض لا سيما من قبل “حزب الله” لدعم النظام السوري، من دون رقيب أو حسيب.

وعمليات التهريب هذه تحصل بصورة شبه يوميّة، ما يؤدي إلى استنزاف القدرة الماليّة لمصرف لبنان الذي يستعمل أموال المودعين لتغطية دعمها، ويُفاقم الشح بالعملة الخضراء (الدولار) ويستنزف قدرة الدولة اللبنانية على توفير السلع الأساسيّة للسوق المحليّة وتكبيدها خسائر كثيرة.

وعلم موقع “لبنان الكبير” من مصادر أمنية أنه في سبيل المكافحة والحد من عمليات تهريب مادتَي المازوت والبنزين عبر المعابرالحدوديّة البريّة بشكلٍ خاص، يتم العمل على تركيب أجهزة GPS على صهاريج المحروقات بهدف الحدّ من عمليات التهريب عبر الحدود.

وأشارت المصادر إلى أنّ الحدود الشمالية والمعابر فيها يتمّ ضبطها بشكل جيد نوعاً ما مع وجود أبراج المراقبة، على الرغم من نقص في عديد الجيش الذي يحول دون إمكانية تغطية كامل الثغرات على الحدود وأبرزها في البقاع والهرمل حيث يتم التهريب بسهولة أكبر في السيارات وعبرالغالونات.

كما اتخذت تدابير أمنية وعسكرية جديدة لا سيما من قبل مخابرات الجيش في البقاع، أدت إلى تخفيض عبور الشاحنات من 200 شاحنة الى 120 شاحنة ومادة الطحين من 5 آلاف طن الى ألف طن. ولفتت المصادر الى أن نسبة دخول الصهاريج المحملة بالبنزين والمازوت في منطقتي القصر والهرمل إنخفضت بنحو 90%، إذ إنه كان يجري إدخال أكثر من ألف صهريج أسبوعياً لتصبح الآن 100 صهريج فقط. وبعد إجراء سلسلة تحقيقات، تبين أن مناطق البقاع لا تحتاج إلا إلى ما بين 75 الى 100 صهريج أسبوعياً سعة ألف ليتر، ما يؤكد تهريب كل الكميات الزائدة إلى سوريا. كما يُستردّ بين سيارتين وثلاث مسروقة يومياً وتعاد إلى أصحابها.

أما ملف تهريب المخدرات وحشيشة الكيف والكبتاغون من لبنان فليس بجديد، لكنه هذه المرة اتخذ منحىً آخر مع ضرب القطاع الزراعي، ومع اتخاذ السعودية إجراءات بحق البضائع اللبنانية لا سيما الخضار والفاكهة ومنع دخولها إلى أراضيها، إذ يبلغ حجم المعدل السنوي للصادرات اللبنانية إلى المملكة حوالي 250 مليون دولار أكثر من 24 مليوناً منها من الفواكه والخضار المبردة.

هذا الأمر ألقى بثقله على المزارعين الذين يئنون أصلاً جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتردية، على الرغم من التأكيد أن هذه البضائع ليست لبنانية وقد خرجت عبر الترانزيت من سوريا الى مرفأ بيروت. ومن الممكن بحسب مصادر متابعة لهذا الملف أن تتخذ بعض الدول العربية الأخرى غير السعودية إجراءات مماثلة قد تؤدي الى شل حركة تصدير الخضار والفواكه اللبنانية.

وأكدت مصادر أمنية مطلعة لـ” لبنان الكبير” أنه منذ أربعة أشهر وحتى اليوم، داهمت القوى الأمنية والعسكرية عبر عمليات نوعية نحو سبعة معامل تصنّع حبوب الكبتاغون والحشيشة في مناطق عدة في البقاع وأقفلتها وصادرت محتوياتها. وتعزو المصادر عودة نشاط المهربين في هذه الأيام الى بدء موسم الصيف وعودة فتح الطرقات الجبلية والمعابر غير الشرعية التي يتم التهريب عبرها بعد أن تكون مقفلة في الشتاء بسبب الثلوج.

إذن التهريب على أنواعه مستمر من الدولارات إلى المواد والسلع المدعومة والمخدرات، من دون اتخاذ أي قرار سياسي لوقف التهريب وإعطاء الأمرة للجيش لضبط الحدود والمعابر مع سوريا بالكامل، والمواطن اللبناني يتحمل العواقب في دولة مهترئة ومعطلة، وأصبح القضاء فيه “مهزلة ولم يعد محطَّ ثقة” بعد ما حصل أمام “شركة مكتف للصيرفة” من قبل القاضية غادة عون بحسب ما وصفت مصادر ديبلوماسية غربية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً