لبنان ليس على جدول التقارب الإماراتي – الإيراني

محمد شمس الدين

ينقسم اللبنانيون اليوم بتأييدهم لمحاور المنطقة بينما يشهد الإقليم زيارات للدول المتناحرة بين بعضها، وكان البارز أخيراً مشهد زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران، على أمل أن تنعكس هذه الخطوات الإقليمية إيجاباً على لبنان، بما أنه أثبت أنه غير قادر على حل أزماته بنفسه.

تؤكد أوساط “حزب الله” لموقع “لبنان الكبير” أن “الزيارة الاماراتية إلى إيران ليست بالخبر الضخم، هو اليوم يأخذ ضجة على الساحة اللبنانية نسبة لتوقيته، لكن البلدان بينهما علاقات تاريخية لم تنقطع بعز الأزمة في المنطقة، على الرغم من كل الخصومات والخلافات على بعض الملفات، فالجالية الإيرانية في الإمارات كبيرة جداً، وتملك تأثيراً كبيراً في الاقتصاد الإماراتي، بل إن أكبر مشترٍ للنفط الإيراني هي دولة الإمارات. هذا من دون الأخذ بالاعتبار أن هناك حاجة للحوار في المنطقة، تحديدا أن اليمن أصبحت تشكل عبئا اقتصاديا ضخما على الدول العربية، بينما تميل الدفة فيها لجهة محور المقاومة”.

وتشير الأوساط إلى أن “الحروب في العالم لا تنتهي بسحق أحد الطرفين للآخر، بل هي تنتهي بتسويات يكون فيها للخاسر حصة وللرابح الحصة الأكبر، لذلك الإمارات تستبق أي تسوية مقبلة في المنطقة للمحافظة على دور مميز لها فيها، فهي قد أعادت تصفير (من صفر) المشكلات والخلافات مع كل خصومها في المرحلة السابقة، بدءا من تركيا وسوريا والآن إيران. أما عن لبنان فليست هذه الزيارة التي ستفضي إلى حل فيه، إنما يجب انتظار تسويات المنطقة، ومن ناحية شكل التسوية، فهي على الأرجح شبيهة باتفاق الطائف بطريقة أو أخرى، كما كانت دائما عبر تاريخ البلد”.

عن التقارب الإيراني – الإماراتي، قال النائب السابق فارس سعيد لموقع “لبنان الكبير”: “شو ذنب الطفولة بحرب الكبار؟، مصالح الدول بين بعضها لا علاقة لنا بها، فالمنطقة تنام على واقع وتستيقظ على آخر، كل ما يهمنا هو الحفاظ على البلد، ووحدته الداخلية، وعيشه المشترك، وحدوده الحالية، ودستوره، ووثيقة الوفاق الوطني، والالتزام بقرارت ومواثيق الشرعية الدولية”.

من جهته، أثنى الباحث في الشؤون الاستراتجية نزار عبد القادر على “القيادة الحكيمة لدولة الإمارات، التي تجهد لتحقيق مصالح بلدها وشعبها، فهي قد ذهبت إلى مؤتمر آبراهام لفرض معادلة إقليمية تحتمي من خلالها، لتستطيع تنمية بلدها عمرانياً واقتصادياً وسياسياً، بعكس القيادة اللبنانية التي تعمل فقط من أجل مصالحها الخاصة”.

وأضاف: “الطغمة الحاكمة اليوم لا تسأل حتى ما هي مصلحة لبنان وشعبه، بل إنها فاسدة تُرتهن للخارج من أجل تحقيق أكبر قدر من مكاسبها الخاصة، وهي ضربت علاقات لبنان مع أقرب الدول إليه، تلك الدول التي أعادت إعمار 250 قرية دمرت بسبب الحرب العبثية مع إسرائيل في 2006، بينما يقوم لبنان بإهانتها وإرسال عناصر الميليشيات لتهديد أمنها القومي، ويجعل من نفسه بلد ترانزيت للمخدرات التي تُصدّر إليها، بل إن لبنان لا يقبل حتى بأخذ موقف رسمي يؤيد الإجماع العربي، وذلك تجلى عندما كان جبران باسيل وزيرا للخارجية اللبنانية إذ رفض التصويت مع الإجماع العربي بإدانة الاعتداء على السعودية والدول العربية، هو كان وزير خارجية سوريا بالدرجة الأولى وإيران بالدرجة الثانية وليس وزير خارجية لبنان”.

الدول الناجحة تعمل لمصلحة بلادها، لا عدو دائم ولا صديق دائم، المصلحة العليا للبلد هي الأهم، الإمارات ستحافظ على مواقفها، التي قد تكون معاكسة لمواقف إيران، لكن البلدين يستبقان الحل الإقليمي، وسيعملان لمصلحة بلديهما، بينما لبنان سيبقى دائما في بانتظار الحل “الباراشوتي” الذي إما يُهدى إليه من دول أخرى، أم سيجد نفسه مجبورا على القبول به لانعدام الخيارات، وذلك بمساعي حكامه الذين أوصلوه إلى جهنم، بعد أن كان لبنان هو الرائد في الديبلوماسية الشرق – أوسطية.

شارك المقال