الدولة والدويلة!

رامي الريّس

بات واضحاً أن المطلوب عربياً ودولياً هو قيام مشروع الدولة في لبنان. فعندما تطالب دول معينة متضررة من تهريب المخدرات إلى اسواقها أن تضبط دول المنشأ حدودها وتمنع استعمالها لغايات مشبوهة ومنافية القانون؛ فإنها تمارس حقها الطبيعي في إغلاق أسواقها ومجتمعاتها أمام الآفات الاجتماعية الخطيرة.

إذا كان من غير المقبول أن يكون لبنان الساحة المفتوحة لتصفية الصراعات الإقليمية، كما كان دائماً؛ فمن غير المقبول أن يكون مصدراً للمشاكل والمقاتلين والمخدرات وسواها من الآفات إلى المجتمعات الأخرى.

إن القوى القابضة على القرار الوطني والسيادي لا تكترث لكل المشاكل السياسية والاقتصادية التي تولّدت جرّاء سياستها ومصادرتها قرار الحكومة اللبنانية. لا بل يمكن القول إن تطبيق أي من الخطوات التي أصبحت مطلوبة خليجياً وعربياً ودولياً تقوّض مشروعها وهذا ما يجعل العقبات تتوالد الواحدة تلو الأخرى بما يعيق العمل المؤسساتي والدستوري المنتظم الذي يمكن من خلاله إطلاق المسارات الاصلاحية.

لقد أصبحت البلاد رهينة مصالح بعض القوى الإقليمية، تتحكّم بها وحدها من دون شريك لها في ظل الانكفاء العربي واللامبالاة الغربية، وفي ظل انعدام موازين القوى بشكل فاضح مما يتيح اختطاف القرار السيادي اللبناني.

إن انتهاء لبنان الذي يمثل رسالة التعددية والتنوع إنما يصب لمصلحة تلك الأطراف، وقد لا يضر هذا السقوط بالضرورة بعض الاطراف الأخرى. ليست المشكلة الاساسية تتمثل في سقوط نظام سياسي واستبداله بآخر. فالنظام الطائفي والمذهبي غير مأسوف عليه لانه السبب الرئيسي خلف القسم الاكبر من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.

ولكن اضمحلال الصيغة اللبنانية من حيث أنها صيغة انفتاح وتحرر وديموقراطية، إنما يترك تداعيات خطيرة على العديد من المستويات، وهو ما قد يفوق توقعات جهات معينة. مهما يكن من أمر، لا يمكن الركون إلى الفكرة الاستسلامية إلى الابد، فلا بد للقيد أن ينكسر.

شارك المقال