وهم الحل في “صندوق الاقتراع”

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

يقولون إن حراكاً بين بقايا “14 آذار” لتشكيل لوائح للانتخابات النيابية بعشم تكرار تجربة “السياديين” في انتخابات 2005 و2009، حين خرجوا بكتلة هي الأكبر في تاريخ البلد، وبأمل فرض حقيقة ديموقراطية بسيطة: أكثرية تحكم وأقلية تعارض.

ولو كانت الأعمال بالنيّات، وتحديداً في السياسة، لقلنا عافاهم الله وسدّد خطاهم ليحققوا مرادهم ويعيدوا لبنان، الهزيل حالياً، الى سكّته الطبيعية، غير الطبيعية في أساس مبدئها الديموقراطي: فلا أكثرية تحكم بل أقلية تعارض وتعترض وتمنع بـ”7 أيار 2007″ ثم بـ”قمصان سود عام 2011″ حتى فاضت القوة، بما يتجاوز كثيرا “الديموقراطية التوافقية اللبنانية”، فسالت عبر الحدود لتمنع “ديموقراطية منشودة” وتحمي نظاماً أحادي الشكل قلباً وقالباً من السقوط.

لكن في السياسة الأعمال بالنتائج، بنتائج استخدام “صندوق الذخيرة” بدلاً من “صندوق الاقتراع”، فكان “حزب الله” هو الغالب بالقوة فامتلك حصة “شريك مضارب” في الدولة وأقام “دويلة طاغية” لا شريك له فيها. ومتى كانت مصلحته مع “الدولة” ضارَب وضرب خياراتٍ تعارضه وتلطّى خلف “الميثاقية التوافقية”، ومتى ارتد الى “الدويلة” مارس أحادية مفرطة خفف من حدتها الشكلية بتسميتها “ثنائية”.

هذه “القوة الفائضة” المتنقلة عبر حدود متعددة، عراقية – سورية – يمنية – لبنانية، لا تجد حالياً سقفاً لتطلعاتها بعدما باتت “أداة بطاشة” بيد “جمهورية ولي الفقيه” التي قامت أساسا على خلاف اجتهادي بين الشيعة أنفسهم، بين عرب وفرس، ونجحت في فرض خياراتها بمعادلة ذات خلفية نووية.

واذا كان صحيحاً القول إن الأزمة في لبنان، وبينه وبين محيطه العربي، هي أساساً بين الحزب وبين نصف اللبنانيين، على الأقل، فإن الصحيح أيضاً أن الحل لا يكون بنتائج الانتخابات، وقد جربناها أكثر من مرة، ولا بتسويات أو تفاهمات داخلية، وقد خبرنا أذاها مراراً.

وإذا كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يأمل “تجنيب لبنان مخاطر الصراعات في المنطقة” فإن الواقع هو أن لبنان، وبحكم فائض “حزب الله” يخرط نفسه في الصراعات، وبالتالي فإن “الحل” سيبقى رهنا بـ”تسوية كبرى” موزعة التفاصيل بين فيينا وأصفهان وإدلب وطرطوس والجولان وصولاً الى مأرب.

شارك المقال