لعبة الدولار… تجار تابعون للأحزاب

محمد شمس الدين

طلع الدولار، نزل الدولار، إنها لعبة “اللقيطة” التي يعيشها المواطن اللبناني يومياً، حيث يتقلب سعر الدولار عدة مرات في يوم واحد صعوداً وهبوطاً. وبعيداً عن الأسباب الاقتصادية وسياسات الدولة لسعر صرف الدولار، هناك أسباب أخرى تقف خلف هذا التلاعب الفاضح بأسعار العملة الخضراء، وبالتالي تتلاعب بمعيشة اللبنانيين.

يلوم مسؤولو الدولة اللبنانية تطبيقات تعمل من خارج البلد، ويحمّلونها مسؤولية التلاعب بسعر صرف الدولار. ويقولون إن هناك أشباحا غير معروفة تقف خلف هذه التطبيقات. لكن الحقيقة في مكان آخر. فالأساس هم التجار في السوق السوداء، الذين يتواجد أزلامهم على قارعة الطريق في كل المناطق اللبنانية، وأمام عيون الأجهزة الأمنية، ولا يجرؤ أحد على توقيفهم، فكيف يمكن لعنصر من قوى الأمن أن يوقف أزلام التجار المدعومين، الذين يستغلون أي فرصة لتحقيق أرباح طائلة؟
تتوزع مركزيات التجار بين مختلف المناطق، وتعتبر مركزية شتورة هي الأقوى وتمتلك أكبر مخزون من العملات التي يمكن التجارة بها، والتجار الذين يحددون سعر الصرف ليسوا بغرباء، هم أزلام محسوبون على مختلف الأحزاب اللبنانية، ويعرفهم أعضاء مجموعات الدولار على الواتساب بالأسماء، ومن يتابع هذه المجموعات يتعرف الى الحيل المتّبعة لرفع سعر صرف الدولار أو تخفيضه وفقا لمصلحة التاجر الكبير، الذي يسعى لتحقيق ربح على حساب وجع الناس.

ومن الحيل المتبعة، يكون التاجر الذي يدير مركزية الدولار لديه كمية من الدولارات، ويرى أن سعر الصرف هو 25 ألف ليرة للدولار الواحد، فيرسل رسالة الى الغروب او المجموعة: “موجود 10 آلاف دولار على 25500، يرد عليه أحد الأعضاء (ثبّت) أي بمعنى اشتريت. فيبدأ الأعضاء الآخرون بارسال عروضات مماثلة على هذا السعر”. ثم يرسل مدير مركزية آخر عرضا آخر: “موجود 20 ألف دولار على 26000 ويرد عليه أحد الأعضاء (ثبت)، وتعاد العملية عدة مرات ويسير أعضاء المجموعات حسبما يعرض هؤلاء”.

لكن الخدعة بالموضوع هي أن الذي يعرض والذي يوافق على العرض، يكونان في غرفة واحدة قرب بعض، وعندما يقول الموافق على العرض أنه اشترى هو لا يشتري شيئا، هو فقط يرفع السعر كي يستطيع شريكه تحقيق أرباح طائلة عبر البيع للآخرين.

كذلك، من الممكن أن تكون العملية معكوسة فإذا كان التاجر يملك كميات كبيرة من الليرة، وإذا كان سوق الدولار 25000، يطلب شريك التاجر الذي يدير مركزية الدولار مبلغا بسعر أقل، مثلا مطلوب 20 ألف دولار على 24000، ويرد التاجر على المجموعات بالقبول. يحدث هذا على مدار النهار، ويرتفع وينخفض السعر وفقا للعبة بين هؤلاء، بينما يعاني بقية الشعب بسبب جشعهم.
أما أبرز هؤلاء التجار الذين يحظون بتغطية من الأحزاب أو على الأقل من مسؤولين فيها، معروفون إما بأسمائهم أو بألقابهم، وهم: الحاج عبد الفتاح، فضل الله، غابي، ستيفاني، مظفر، مرشد، علي.خ، محمد.د، ح.اللقيس، علي.غ، محمد.ص، سمير.ي، ط.الصراف، رامي.ش.
كل المعنيين بموضوع الدولار يعرفون هذه الأسماء، ويتاجر معهم عدد من المرتبطين بالمصارف ومصرف لبنان، وبعضهم لديه ارتباطات مع سفارات إقليمية.
إذا من أوصل لبنان إلى جهنم هو نفسه من يعذب شعبه فيها، وقاحة لا مثيل لها، ولا من يحاسب. لم يكفِهم سرقة مدّخرات وأحلام الشعب اللبناني، بل يسعون لتحقيق الربح أيضا على حساب معاناته وقهره.

شارك المقال