2021 تخلّل… و2022 تحلّل

هيام طوق
هيام طوق

شارفت سنة 2021 على اغلاق كتابها الاسود الذي تضمن 365 صفحة مليئة بالأحداث المرّة والأزمات المتنوعة على مد العين والنظر، فترحل من دون أن ينتقي اللبنانيون كلمة مبلسمة واحدة من صفحاتها أو يتأسفون على لحظة من أيامها التي مرت ثقيلة عليهم لا بل الأمرّ في تاريخهم.

لم تشأ ان تمر سنة 2021 من دون أن تترك جروحا عميقة تسببت بها أزمات سياسية وقضائية ومالية واقتصادية واجتماعية وصحية وما نتج عنها من تداعيات أمنية إذ تشعبت الملفات وتشابكت المشاكل من التعطيل في تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الى تعطيل من نوع آخر في عمل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مرورا بالتناحر بين الأطراف السياسية على خلفية قانون الانتخابات النيابية، والاشتباك الحاصل بين القضاء وبعض الأطراف السياسية على خلفية التحقيق في تفجير المرفأ، والتشنج بين لبنان ودول الخليج خصوصا السعودية بسبب التصريحات والمواقف الهجومية عليها، والوضع الاجتماعي والانهيار الحاصل على المستويات كافة، وغلاء اسعار السلع الاستهلاكية والمحروقات وكلفة الاستشفاء والدواء، فكاد الوضع ينفجر خلال أكثر من محطة وصولا الى التخوف من عودة الاغتيالات السياسية أو أن يشهد البلد “ميني” حرب أهلية.

كل تلك التطورات السلبية على الساحة اللبنانية بانتظار أن تجد سبيلا وأن تتبلور في صيغة ما سنة 2022 اما نحو الحلحلة أو التعقيد، يضاف اليها ملفات ستفرض إيقاعها على نمط الحياة السياسية، وربما ستحدد مستقبل البلد ان كان سيبقى ملبدا بالغيوم السود أو سيشهد انفراجا لتعود شمسه لتسطع في سمائه. ومن هذه الملفات استحقاق الانتخابات النيابية التي يعول عليها كثيرون للتغيير إلا ان مصيرها يبقى مجهولا، والانتخابات الرئاسية وما يمكن أن تحمل معها من مفجآت تعيد خلط الأوراق من دون أن ننسى المفاوضات الاقليمية والدولية خصوصا المحادثات النووية في فيينا والتي سيكون لها تداعيات على الواقع اللبناني سلبا أو ايجابا.

إذا، سنة 2022 الغنية بالاستحقاقات الداخلية والتداعيات الخارجية والمساعي الدولية لوضع البلد على سكة الانقاذ والاصلاح، هل ستكون سنة الانفراج أو الانفجار؟ وهل ستأتي نتائج الانتخابات النيابية والرئاسية على قدر الآمال؟ وهل سيحصد اللبنانيون محصولا وفيرا مما تزرعه المساعي الدولية للخروج من الأزمة؟.

على ما يبدو، فإن حجم المشاكل وتعددها يضع سنة 2022 تحت حمل ثقيل جدا لا يمكن القيام من تحته الا بعجيبة الهية أو خرق سياسي غير متوقع داخليا وخارجيا حتى ان المنجمين الذين وان صدقوا كذبوا، لم يتوقعوا بوادر ايجابية في السنة المقبلة لا بل حمّلوها الكثير من المآسي وعدم الاستقرار.

من الناحية السياسية، اعتبر مدير “معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية” سامي نادر ان “لا بوادر حلحلة في المدى المنظور على مستوى الصراع القائم مع ايران، وما لذلك من تداعيات على الوضع اللبناني. وهذه النقطة تشكل العقبة الاساسية أمام أي انفراج في لبنان، واذا استمرت الامور على ما هي عليه ستؤدي الى تفتيت البلد”.

وشدّد على ان “الدولة تتفتّت لأنها أصبحت رهينة ايران، ومؤسساتها مشلولة بسبب طرف ينفذ سياساتها، مما انعكس تعطيلا في عمل الحكومة وربطه بالقاضي طارق البيطار وغيرها الكثير من الشؤون السياسية والحياتية التي تتم عرقلتها اذا لم تأت موافقة لحساباتهم ومصالحهم، لافتا الى ان حزب الله ليس سوى ارتداد للموقف في طهران. وما يحصل مع إيران اليوم لا يشير الى ان هناك بوادر حلحلة مستدامة أو تسوية مستدامة أو دينامية للانفراج. وذلك، سيعرقل انتظام الحياة السياسية وعودة المؤسسات الدستورية الى لعب دورها في ظل أزمة اقتصادية مالية في تدهور مستمر”.

ولا يرى نادر “في المبادرة الفرنسية سوى حلول جزئية وصفقات ثنائية لا توصل الى نتيجة بل تفاقم الامور تعقيدا وتعمّق الأزمة أكثر فأكثر، معتبرا انه في حال شعرت بعض الاطراف السياسية ان الموازين في الداخل ستنقلب لصالح الآخرين لن يسهّلوا لا الانتخابات النيابية ولا الانتخابات الرئاسية”.

وأكد ان “كل الاحتقان الذي شهدناه في الـ2021 سيذهب الى الـ2022 إلا اذا حصل حركة ديبلوماسية أو قوة دفع من الخارج أو مؤتمر دولي يمكن ان يؤدي الى وضع البلد على مسار الحل، وإلا فالامور ذاهبة نحو التعقيد أكثر وأكثر، ونحو المزيد من التخلل والتحلل”.

اقتصادياً، قال الخبير الدكتور بلال علامة: “سنة 2021 كانت مليئة بالمشاكل والصعوبات، وانكشاف السلطة السياسية على حقيقتها فلم تعد قادرة على ادارة الحكم وفق الدستور والقوانين والأنظمة. 2021 كانت كارثية على الوضع اللبناني، والتراكمات والعجز الاقتصادي والمالي وصل الى ذروته فيما أثبتت السلطة السياسية عجزها عن ادارة الحكم بطريقة سليمة، وتركت آثارا سلبية جدا على سنة 2022 التي تحمل 3 استحقاقات مصيرية: الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية وانتخابات رئاسة الجمهورية التي تدور حولها الكثير من الشبهات والشكوك بإجرائها بطريقة طبيعية وسليمة. اذا، المخاض سيكون عسيرا جدا في الـ2022 لأن الأزمة المالية والاقتصادية التي شهدتها سنة 2021 أصبحت بحجم لا تسمح لسنة 2022 أن تسير بطريقة طبيعية”. وأضاف: “وضع الدولار وارتفاع سعره بشكل جنوني انعكس على كل القطاعات واسعار السلع والخدمات، في وقت عجزت الدولة عن المواكبة أو التعويض على المواطنين بأي تدبير أو قرار لا لناحية دفع الاجور ولا لناحية الدعم وتأمين المتطلبات أو سياسات الحماية الاجتماعية والصحية في الحد الادنى. وبالتالي، العام المقبل سيشهد انفجارا على المستوى الاجتماعي والصحي وربما التربوي لأن السلطة ستقف عاجزة عن معالجة أي مشكلة”.

واعتبر انه “في حال أقدمت السلطة على محاولة تطيير الاستحقاقات سيكون لبنان في موقع صعب جدا. اضافة الى ان 2022 سيكون عام الرئاسة بامتياز، واذا تعذر هذا الامر ستكون العواقب وخيمة واكثر من كارثية”.

ورأى ان “ما هو مطلوب بالحد الادنى هو ان تشهد الـ2022 معالجات سريعة للمشاكل المتفجرة التي لا يمكن تخطيها من دون علاج مشكلة الدخل والاجور وتراجع الايرادات واقفال مؤسسات القطاع الخاص تباعا ووضع القطاع العام المتردي وغلاء المعيشة، كل ذلك اذا لم تتم معالجته، نحن مقبلون على مشكلة أكبر بكثير، مشددا على ان المدخل الوحيد الذي يشكل بارقة ضوء في النفق المظلم هو ان تجري الاستحقاقات بشكل طبيعي وتتجدد الحياة السياسية لنستعيد الثقة بلبنان ومؤسساته”.

ولفت الى ان “المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تجري على قدم وساق وقطعنا المرحلة الاولى لكن لا يمكن لأي برنامج عبر صندوق النقد ان يبصر النور ويطبق في لبنان الا اذا التزمت السلطة السياسية الشروط المطلوبة وأولها الاصلاحات وثانيها التخلي عن المصالح، وهذا لن يكون متوافرا. وبالتالي، هذا البرنامج لن يطبق لأن شروط الاصلاحات لن تطبّق”.

وأكد علامة ان “سنة 2022 ستكون بداية انفراجات اذا استطاعت السلطة ان تعدّل من أدائها وتذهب باتجاه تنفيذ الاصلاحات واعادة هيكلة المصارف والشروع في الحوكمة الرشيدة، وإلا فسيحصل انفجار على مستوى كل الازمات التي تراكمت والتي قد تطيح لبنان وشعبه”.

شارك المقال