جولة غوتيريش… العين بصيرة والتزامات السلطة قصيرة

هيام طوق
هيام طوق

هي لقاءات ومحادثات وزيارات ومباحثات دولية من أجل انقاذ لبنان إلا انه على ما يبدو الحركة تبقى بلا بركة من دون ارادة داخلية بوضع البلد على سكة الاصلاح، والاستمرار في سياسة ربط قضاياه الصغيرة والكبيرة بالمحاور الاقليمية والدولية، والتحكم بمصيره في الشاردة والواردة، من دون ان يرفّ جفن السلطة من جعله دمية تتقاذفها المصالح في ملاعب الدول الكبرى، لتأتي النتيجة “واحد صفر لصالح الجميع الا البلد المنهار”.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي يجول على المسؤولين السياسيين والروحيين اضافة الى أنشطة عديدة سيقوم بها على مدى أربعة أيام، تأتي زيارته في اطار المساعي الدولية لدعم الشعب اللبناني، وهو العارف بالبير وغطاه، والمطلع على الشؤون الداخلية عن كثب بعد ان عمل كمفوض سامٍ لشؤون اللاجئين، والذي يكنّ محبة خاصة لبلد الأرز، ويتألم لرؤية ما وصل اليه حسب مصدر مطلع لـ”لبنان الكبير” إلا انه على الرغم من أهمية موقعه ومسؤولياته، تبقى الزيارة محدودة التأثير والمفاعيل وربما لن تتخطى المساعدات الانسانية التي سيحثّ المجتمع الدولي على الاستمرار فيها وزيادة الدعم في ظل العواصف الهوجاء التي تقضي على الأخضر واليابس كما على الحجر والبشر في لبنان، خصوصا في ظل هيمنة فريق على الدولة، وانعدام وجود فريق واسع متضامن معاكس يرفع الصوت عاليا نحو المجتمع الدولي والامم المتحدة، ويقول: “لبنان تحت الاحتلال وليس في اليد حيلة، ونحن بحاجة الى مظلة دولية تعيده الى موقعه التاريخي الطبيعي”. حينها فقط يمكن أن نلمس نتائج ايجابية، وخير دليل، فإن كل المبادرات على أهميتها لن تثمر فرجا ولا تبدو بوادر الفرج في الافق المظلم الذي سيشتد ظلاما طالما استمر اللبنانيون في انتهاج سياسة كم الأفواه كما يؤكد المصدر لأن المشكلة منا وفينا، وعلينا المبادرة كي يساعدنا العالم.

وعلى الرغم من أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وصف زيارة غوتيريش “بالمهمة والمثيرة وهو مشكور عليها”، وعلى الرغم من ان غوتيريش وجّه أكثر من رسالة سياسية في زيارته التضامنية مع لبنان كأهمية الانتخابات النيابية حيث يقول انها ستكون مفصلية، وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، وعدم ترهيب القضاء ولا سيما في قضية انفجارالمرفأ، ودور “اليونيفيل”، كما سيحث السلطة على تطبيق القرارات الدولية ومنها 1701 و1559 كما لفت مصدر متابع للزيارة لـ”لبنان الكبير”، إلا ان المرجع الأممي الأرفع لا يحمل في جعبته مبادرة ما باتجاه لبنان ان كان لناحية تفعيل عمل الحكومة أو التحقيق في المرفأ أو تطبيق القرارات الدولية لأن ذلك يحتاج الى ظروف اقليمية ودولية مواتية على الرغم من ان الأرضية تتحضر للقيام بشيء ما من أجل لبنان الا ان ذلك لم تتضح صورته بعد.

علم الدين: الحركة بلا بركة والبلد مرهون للسلاح

قال النائب عثمان علم الدين: “اننا في بلد مغتصب، وتبقى الحركة الديبلوماسية بلا بركة لأن البلد مرهون لقوة السلاح وطالما السلاح موجود لا أمل في القيامة، معتبرا ان كل ما يمكن أن يطالب به الامين العام للأمم المتحدة، كلمة الحل والربط فيه بيد حزب الله القادر على التعطيل”.

وشدد على “انني لا أعوّل على أي مبادرة خارجية اذا لم نصل الى قناعة داخلية من كل الاطراف اننا اليوم في بلد ينهار، متسائلا: ماذا ينفع التغني بالانتصار في هذا البلد أو ذاك، ونحن نخسر بلدنا؟ على الحزب ان يعود الى لبنانيته، وان يعود الى ولائه للوطن من دون سواه، وأن يعمل لمصلحته وليس لمصلحة محور آخر، والا سيكون الآتي أعظم، والى المزيد من الانهيار”.

واعتبر ان ” كل المبادرات والحركة الدولية تجاه لبنان لا قيمة لها طالما السلاح هو المتحكم بالقرارات. اليوم البلد في حالة انهيار، والحكومة معطلة بسبب حزب الله الذي يربط انعقاد الجلسات بتطيير القاضي طارق البيطار . هناك قرار عربي ودولي بعدم مساعدة لبنان بسبب هذا السلاح، مشيرا الى ان المبادرات لا تنفع في ظل السلاح، ووصلنا الى وضع خطير جدا فالناس في مكان والمسؤولون في مكان آخر”.

وسأل: “هل الدولة قادرة على اتخاذ قرار لناحية ترسيم الحدود البحرية على سبيل المثال؟، داعيا الرئيس نجيب ميقاتي الى الاستقالة لأنه غير قادر حتى على تصريف الاعمال، وذلك كي لا يكون جزءا من الانهيار”.

درباس: موقف موحد للمتضررين من الهيمنة وازدواجية السلطة

أوضح الوزير السابق رشيد درباس ان “غوتيريش يعرف ان المسألة الأمنية في لبنان في غاية الخطورة، لذلك أعتقد انه أتى ليعبّر عن ارادة دولية للحفاظ على الأمن وعلى الاجهزة الامنية. وهذا بمقدور الامم المتحدة اليوم ان تؤمن بعض المساعدات لعدم انهيار البلد الا ان هذا الامر موقت ولا يحول دون الانهيار الكلي الا اذا كان هناك تسوية سياسية ووعي سياسي للتخريب الذي يقوم به البعض. وهذا ليس بيد اللبنانيين فقط اذ نحن موجودون على فالق سياسي عاطل فيه مد وجزر بين الايرانيين والخليجيين، والقوى الداخلية مرتهنة وبسبب هذا الارتهان لا تملك قوة القرار”.

ورأى ان “ما يستطيع القيام به الأمين العام للأمم المتحدة حاليا هو تقديم المساعدات الانسانية، واعطاء النصائح السياسية الا انها غير كافية. هو يقوم بإسناد انساني وأمني، وهذا الامر جيد علما ان لبنان يجب أن يستفيد من وجود غوتيريش في لبنان خصوصا انه يكنّ محبة خاصة لبلدنا، مشيرا الى انه على المسؤولين أن يعرفوا ان كلام الامين العام يعبّر عن إرادة دولية، واذا أرادوا ان يخالفوا هذه الارادة، فليتحملوا نتائج قراراتهم”.

وكشف: “لقد أرسلت للأمين العام رسالة في أحد الأيام، وتحدثت فيها عن موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي من الحياد، وأعتقد انه تواصل مع البطريرك. نحن حاليا بحاجة لمظلة خصوصا ان المظلة العربية مكشوفة، ولا يمكن أن نبقى مرتهنين الى أبد الآبدين”.

وعن التسويات وامكان عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، أكد ان “الامور واردة لكن لا شيء جدياً حتى الآن، وكل ذلك يبقى في اطار التكهنات”.

وشدد درباس على “ضرورة ان تتفق كل القوى اللبنانية المتضررة من هذا المشروع، على الأقل على موقف سياسي موحد، يقدّم للمجتمع الدولي. ذلك سيكون عاملا مساعدا، ويشكل بداية جيدة لوضع القطار على السكة الصحيحة، لكن للأسف نرى استمرار المسؤولين الذين هم ضد الهيمنة الايرانية أو ضد ازدواجية السلطة، في التلهي في تفاصيل تافهة. عليهم ان يعلنوا ان لبنان لا يمكنه ان يستمر ساحة لا نعرف مصيرها، متحدثا عن تشكيل جبهة تكون أعرض وأوسع مما عرف بـ14 آذار لأن أعداد المتضررين أكبر، متسائلا: “هل الغطاء المسيحي القوي الذي كان موجودا في السابق لحزب الله هو موجود اليوم كما كان؟”.

شارك المقال