حكومة “غير معنية” مكبّلة بعهد جهنم

محمد شمس الدين

“غير معنيين”، بهذه الجملة خرج الرئيس نجيب ميقاتي اثر لقاء الرئيس نبيه بري، وعلى الرغم من أن جوابه كان ردا على سؤال حول صفقة مزعومة تمت تقضي بمقايضة ملف المحقق العدلي طارق البيطار بانتخابات المغتربين وحصرهم بـ٦ مقاعد، إلا أنها وصف دقيق لحكومة ميقاتي اليوم.

بعيدا عن الصورة السيئة التي تعطيها هذه الصفقة المزعومة عن لبنان، وبعيدا عن العدالة واهالي الضحايا والتمثيل النيابي الصحيح، بل كل معايير الدولة التي قد تنسفها صفقة كهذه، فإن حكومة الرئيس ميقاتي غير معنية فعلا، لا بوجع الناس ولا بالنهوض بالبلد، هي حكومة معلقة على حبال إقليمية، تحافظ على الوضع القائم، عملها فقط الوصول إلى إجراء الانتخابات، لا إصلاحات، لا صندوق نقد، لا نهوض، ولا إنقاذ بأي معنى حقيقي.

هذه الحكومة فرضها تعنت عهد جهنم، الذي رفض أي مبادرة، بل أي طرح قدمه الرئيس سعد الحريري قبل قراءته حتى، بحجج تكنوقراطية تارة وبميثاقية تارة أخرى، واضعا كذبة حقوق المسيحيين عنوانا عريضا للتعطيل.

الغريب ليس أداء العهد فقد اعتاد اللبنانيون على اللامنطق منه، لكن الغريب أن يقبل الرئيس ميقاتي تولي حكومة كهذه من أصله، معتمدا فقط على الدعم الفرنسي، وكأن إيمانويل ماكرون هو جاك شيراك. ولربما ظنّ ميقاتي أنه يملك نفس قوة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعلاقاته الإقليمية، وغاب عنه أن لبنان شاء أم أبى هو في مهبّ عواصف الإقليم، وأن أي حكومة لا تأتي متوازنة مع الأطراف في المنطقة ستفشل فشلا ذريعا، فكيف إذا كانت حكومة غير مرضي عنها كليا من دول الخليج؟ بل أن بعض هذه الدول تعتبرها حكومة إيرانية بامتياز، هذا عدا عن أن عناصر الحكومة ليست متوافقة فيما بينها، وهي ليس لديها رؤية اقتصادية موحدة، وهناك اختلاف على أهم الملفات الاقتصادية، من توزيع الخسائر، الكابيتال كونترول، الهيركات، عجز الكهرباء، وحتى البطاقة التمويلية ليس هناك اتفاقا على كيفية تمويلها، لذلك وعلى الرغم من حاجة البلد إلى حكومة، لأن الفراغ قاتل، إلا أن حكومة مكبلة بغطرسة العهد وإعلاء مصلحته فوق المصلحة اللبنانية، هي حكومة تمرير الوقت لا أكثر.

“اللحم الميت لا يشعر بحرارة النار”، وهكذا هم اللبنانيون اليوم، لحمهم مات في جهنم العهد القوي، ولا ميقاتي ولا أي رئيس حكومة آخر سيستطيع تحقيق أي إنجاز في هذا العهد، وحسان دياب هو أكبر دليل على ذلك، فهو لم يكن حياديا ولا خصما، بل كان موظفا عند العهد، ولم يستطع أن ينجز أي ملف، وذلك لأن عهد جهنم مستعد لإبادة شعب بأكمله كرمى ولي العهد.

شارك المقال