باسيل يولّعها على كل الجبهات… أزمات أو فقّاعات؟

هيام طوق
هيام طوق

هي انتكاسة أو طعنة أو صفعة وجهها المجلس الدستوري الى “التيار البرتقالي” بعد “اللا قرار” الذي أعلنه، أول من أمس، في الطعن الذي تقدم به “تكتل لبنان القوي” في قانون الانتخاب خصوصا ان رئيس “التيار” جبران باسيل كان يريد حصر تصويت المغتربين بما يسمى “الدائرة السادسة عشرة” ومنعهم من التصويت لـ128 نائبا، في ظل الحديث عن صفقة لتمرير طعون “التيار” مقابل موافقته على تأمين نصاب الجلسة النيابية التي تحيل محاكمة الرؤساء والوزراء الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء او اقالة عدد من القضاة، إلا ان الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن “البرتقالي” المصلحية خصوصا إنه يشهد تراجعا شعبيا في مختلف الدوائر ولا سيما في الشمال الثالثة التي تسجّل فيها نحو 27 ألف مغترب مما يشكل تهديدا حقيقيا للائحة باسيل ضمن منطقته البترون.

وربما ذلك يفسّر الهجوم الذي توجه به باسيل الى الخصوم كما الحليف إذ اعتبر ان “ما حصل هو ضرب للميثاقية وصلاحية رئيس الجمهورية ونكسة للحق وللمنتشرين. ما حصل تم بقرار سياسي واضح من قبل منظومة متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس ميشال عون وعلى رأسها في المجلس الدستوري اليوم كان الثنائي الشيعي، وهذا ما ستكون له مترتّبات سياسية”.

وفي الوقت الذي عمد فيه باسيل منذ بداية العهد الى اطلاق شعار استعادة حقوق المسيحيين والمغتربين بعد الجولات الخارجية الكثيرة التي قام بها حين كان وزيرا للخارجية، وضع نفسه في مواجهة مع المنتشرين كما مع الناخبين في الداخل خصوصا المنتمين الى الطائفة الشيعية والذين يجيّر “حزب الله” أصواتهم لصالح التيار العوني. واليوم كل الناس تسأل عن مصير العلاقة بين “التيار” والحزب عشية الانتخابات النيابية خصوصا ان باسيل صوّب مباشرة في حديثه الى “الثنائي الشيعي” حين توجه اليه بالقول: الا مبرر لعدم انعقاد مجلس الوزراء. ولا يظنّن أحد أن المسرحية التي شاهدناها أمس في عين التينة “مرقت علينا، مش زابطة”. وتحدث عن اتصال قبيل صدور قرار المجلس الدستوري “طرح علينا فيه أن نقبل بالتصويت مع المجلس الأعلى في مجلس النواب مقابل قبول الطعن، فقلت لهم: طالما تعرفون الجواب لماذا تسألون؟ أوقفوا هذه الألاعيب”.

وفي حين تعتبر مصادر ان توعّد باسيل بالرد السياسي بعد الاعياد ليس سوى فقاعة صابون لأن تخليه عن الحزب بمثابة انتحار سياسي، ويخسره أقله 5 مقاعد في الانتخابات النيابية هو الذي خسر كثيرا من شعبيته، وان الهجوم العنيف على مختلف الجبهات ليس سوى تعبير عن أزمة فعلية يعاني منها “التيار”، لم تشأ مصادر “الثنائي” التعليق على كلام باسيل، مكتفية بما قاله رئيس المجلس نبيه بري: “لا تعليق إطلاقاً على ‏كلامه أيش ما حكى”، في محاولة لعدم تسعير النيران مع العهد وزيادة الطين بلة.

وبعد محاولة الاتصال بعدد من نواب “تكتل لبنان القوي” الذين غادر بعضهم الى الخارج والبعض الآخر لم يشأ الكلام، قال مسؤول سابق في ” التيار الوطني الحر” لـ”لبنان الكبير” ان “الكل في التيار ملتزم حاليا الصمت المطبق، معتبرا ان التيار لا يستطيع القيام بأي شيء لتعويم نفسه بعد قرار المجلس الدستوري. هو يشهد انهيارا تاما، وكل المؤشرات تشير الى ان مقاعده النيابية باتت محدودة حتى ان الخطر يهدد باسيل نفسه من تأمين الحاصل لأن هناك نحو 27 ألف صوت في الدائرة الثالثة سيصوت أغلبهم ضده، وبالتالي، هناك استحالة أن يفوز بمقعده”.

وأشار الى انه “ليس لدى التيار أي حليف سوى حزب الله، والعلاقة بينهما مضطربة حتى لو كانت العلاقة جيدة بينهما، فإن الحزب لم يعد بمقدوره انتشال التيار لأن أزمته أصبحت عميقة وكبيرة جدا، متسائلا: هل التصعيد السياسي بعد الاعياد سيؤدي الى نتيجة ايجابية؟ لا خصوصا ان وضع التيار الانتخابي بات بخطر في كل الدوائر”.

ورأى ان “ما يجري حاليا فيه نوع من الاعدام لوضع التيار السياسي حتى انه أصبح مشكوكا بإمكانية الفوز بـ12 نائبا، مشيرا الى انه لا يمكن العتب على ما قاله باسيل وهجومه في مختلف الاتجاهات لأنه في وضع انهيار، وفي أزمة شديدة، والأهم اليوم ما هي المخارج والمنافذ التي يمكن أن تنقذهم؟ لا مخارج”.

ولم يوفر باسيل في هجومه “القوات اللبنانية” حين قال: “لبعض الفرحين بانهم حققوا انجازا اليوم بعدما كانوا عام 2017 تبنّوا القانون الانتخابي اذا كان الامر صحيحا لماذا يحتفلون بالتعديل؟ هكذا فرحوا في 13 تشرين وبإسقاط الارثوذكسي واليوم يعبرون عن فرحهم بضرب صلاحية اساسية لرئيس الجمهورية”.

وردّ النائب جورج عقيص عبر “لبنان الكبير”، مشيرا الى ان “ما صرح به باسيل لا يستحق الرد. حين يقول اننا كنا فرحين بـ13 تشرين، نقول له ان مغامراتكم أوصلتنا الى دخول السوريين. هو لا يزال يعيش أسير الماضي وأحقاده. ليس هذا الخطاب الذي يجب ان يتوجه به الى الشعب في عز أزماتنا”.

وشدد على انه “من حق المغتربين ان يصوتوا للنواب الـ128، ويشاركوا في العملية السياسية وبإعادة انتاج السلطة بعد ان اضطروا الى ترك البلد قسرا. وأتى قرار المجلس الدستوري لرفع الظلم عنهم”.

وعن مشاركتهم في اقرار القانون سنة 2017، لفت الى انه “بعد تصويتنا على بند اقتراع المغتربين لست نواب، رأينا في ترتيب الاولويات انه من حق المنتشرين تغيير السلطة السياسية في الداخل، وتعديل موقفنا جاء لصالح الصواب ولا حرج لدينا في ذلك. وفي كل الاحوال، ربط باسيل آنذاك اقرار القانون بالموافقة على هذا البند، وهو وافق على تعليقه عام 2018. لو كان حريصا على تصويت المغتربين لست نواب، لماذا قبل ان يتم تعليق هذا البند سنة 2018 ورضي ان يصوت المغتربون للنواب الـ128”.

وأكد عقيص “اننا لم ندخل في أي صفقات بل باسيل كان شريكا فيها وهو الذي ساهم في المحاصصة في المجلس الدستوري. لا يمكنه ان يرمي ما هو فيه على غيره، معتبرا ان النكتة التي يتحدث عنها انه مختلف مع حركة أمل والرئيس بري ومتحالف مع حزب الله، والجميع يعلم انه يُطلق عليهما الثنائي الشيعي، لم تعد مقبولة، مشيرا الى ان باسيل يحصد نتيجة خياراته السابقة”.

شارك المقال