أكلاف الوقت المستقطع!

رامي الريّس

إلى متى التعطيل الحكومي والمؤسساتي؟ وإلى متى تستمر هذه “المونة” الزائدة على البلاد والعباد من دون أي إكتراث إلى التدهور اليومي غير المسبوق في العملة الوطنيّة والوضع الاقتصادي والاجتماعي؟ إلى متى ستستمر بعض القوى في إختطاف القرار الوطني اللبناني وتستثمره لصالح حساباتها المصلحيّة والفئويّة الخاصة التي لا تعكس سوى مصالح المحاور الاقليميّة التي تنتمي إليها؟

إن الاختلال العميق في موازين القوى المحليّة صار يشكل عبئاً على الواقع السياسي الداخلي المأزوم أصلاً والذي يُنذر بالمزيد من التدهور طالما أن القوى الممسكة بزمام السلطة لا تملك الرغبة والارادة لإخراج البلاد من عنق الزجاجة وهي تسعى بكل ما تملك من قوّة للذهاب به في الإتجاهات التي تتناسب مع رؤيتها ومصالحها.

غريبٌ كيف أن بعض الجهات والمرجعيّات الرئاسيّة لم تعد تعارض الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء في ظل الانقسام العميق الذي قد يفجّر الحكومة من داخلها بينما هي كانت الرائدة في تكريس مفهوم التعطيل الذي تعاني منه البلاد وقد تحوّل إلى عرفٍ في ظل الحالات المتكررة للتعطيل وشل المؤسسات.

وغريبٌ أيضاً كيف أن الجهات التي تعطّل مجلس الوزراء وتحمّله أكثر من طاقته وتريد إقحامه في مسارات لا تدخل ضمن نطاق اختصاصه لا تستشعر أن الوضع الراهن لا يحتمل المزيد من المناكفات السياسيّة والتجاذبات التي تشلّ المؤسسات وتحوّلها إلى رهينة لحسابها، فلا تطلق سراحها إلا بعد تحقيق مبتغاها.

كيف يُطلب من مجلس الوزراء إقالة قاض؟ أليس في ذلك تداخل في الصلاحيات الدستوريّة وتشابك في العمل المؤسساتي؟ ألم يسمع هؤلاء بذاك المبدأ الدستوري الشهير الذي تُبنى عليه كل أحكام الدساتير ألا وهو فصل السلطات ثم تعاونها وتوازنها؟ إلى متى سوف تستمر سياسة الدوس على الدستور ومضامينه ومندرجاته؟ كم من العقود سوف يستغرق بناء ثقاقة دستوريّة لدى العاملين في الشأن العام الذي من المفترض أن يتعاملوا مع الدستور بالكثير من الحذر والدقة والاحترام؟

لبنان بات في قعر الهاوية، ولا يزال ينحدر نحو الأعماق، وليس من مخلص. إن عدم انعقاد مجلس الوزراء يعطّل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويؤخر كل الخطوات الاصلاحيّة المرتجاة والمنتظرة التي يمكن من خلال إعادة بناء الإقتصاد تدريجيّاً والخروج من دوامة التراجع والانهيار وإحياء الحد الأدنى من الثقة لبناء مستقبل أفضل.

ثمّة خطوات يمكن إتخاذها قادرة بالحد الأدنى على لجم التدهور. لا يمكن أن يبقى التراجع متواصلاً في الوقت المستقطع من الآن ولغاية إجراء الانتخابات النيابيّة في فصل الربيع. الفاتورة سوف تكون كبيرة للغاية وتسديدها سيكون مكفلاً جداً.

المطلوب وقفة مع الذات… مع الضمير، لكنه ليس موجوداً.

شارك المقال