يكاد يكون حزب ” القوات اللبنانية” من بين الأكثر حماسة للانتخابات النيابية المقبلة لان رئيس الحزب سمير جعجع والنواب في كتلة “الجمهورية القوية” لم يتركوا مناسبة إلا وطالبوا فيها بضرورة اجراء الانتخابات الأمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، حتى انهم دعوا مرارا وتكرارا الى انتخابات مبكرة لتغيير المجموعة الحاكمة، وفرز مجلس نيابي جديد يعكس نبض الناس على أن يتولى هذا البرلمان انتخاب رئيس جديد للجمهورية علّه حينها يمكن تخليص البلاد والعباد من الرحلة “الجهنّمية” التي دفعهم اليها “العهد”.
وحسب المحللين السياسيين، فإن ” القوات” سيكون من بين أكثر الرابحين من الانتخابات لأن عدد كتلته النيابية سيتوسع أكثر فأكثر، مستفيدا من التصريحات والمواقف النارية التي أتت على لسان مسؤولين في “التيار الوطني الحر” والتي لم تكن على قدر آمال الشارع المسيحي خصوصا بعد أحداث الطيونة، وبالتالي، ستتحول المنافسة بين الحزبين المسيحيين الأقوى على الساحة اللبنانية الى معركة أكثر شراسة وأكثر حدة.
ولو أسقطنا حسابات الأطراف التي تؤكد ان الانتخابات ستجري في موعدها لا محالة في حين ان أطراف أخرى تعتبر ان الجهات المتضررة من هذا الاستحقاق ستعرقله بشتى الطرق، وان البرلمان سيمدد لنفسه أسوة بما جرى أعوام 2009 و2013 و2014 من خلال قانون صادر عنه، فإن ” القوات” يحضر “لوائح لا شائبة فيها في الأكثرية الساحقة من المناطق”، وفق جعجع الذي دعا “القواتيين إلى بذل كل الجهود تحضيراً لهذا الاستحقاق لأجل الناس ولأجلنا ولأجل البلد كي لا نعيش في جهنم الذي وضعنا فيه (حزب الله) وعون في السنوات الأخيرة”، على الرغم من ان صورة التحالفات لم تتضح بعد ولم يتم الاعلان عن أسماء المرشحين في الدوائر.
ووسط الارتياح “القواتي” لخوض المعركة النيابية التي حدد وزير الداخلية والبلديات تاريخ اجرائها في 15 أيار 2022، هناك أطراف تقول ان عدم تحالف “القوات” مع “المستقبل” سيؤدي الى خسارته مقاعد في عكار وبعلبك – الهرمل كما سيفقده عدم تحالفه مع “المستقبل” و”الاشتراكي” مقعدا في دائرة عاليه – الشوف إضافة الى ان خطر الفوز سيلاحق مقعد بعبدا. مع الاشارة الى انه يؤخذ على “القوات” انه يستفيد من “المستقبل” و”الاشتراكي” من دون إعطائهما أي مقابل في أي دائرة.
في ظل المعلومات المتناقضة، لا بد من الاستفسار حول واقع “القوات” الانتخابي خصوصا انه لم يعلن تحالفه مع الحلفاء التقليديين إلا ان مصادر قواتية تقول لـ”لبنان الكبير” ان التواصل قائم مع الجميع باستثناء “حزب الله”، وهناك تقارب مع “الاشتراكي” على باب التحالف نظرا لأهمية الجبل والتعايش والمصالحة التي أقامها البطريرك نصر الله صفير في الجبل كما هناك قنوات تواصل مع “المستقبل”، لكن علينا الجلوس والتحدث بعمق الامور وبإدارة الدولة وبالملفات كافة بحيث انه انطلاقا من هذه المناقشات والاتفاقيات، يمكن أن تتشكل أكثرية تغييرية في البلد لمحاربة الفساد والسلطة، وليس الاكتفاء بالتحالف الانتخابي على الرغم من ان هناك تقاربا كبيرا بين “القوات” و”المستقبل” على مستوى السيادة والنظرة العامة للبنان.
وشدد النائب عماد واكيم في حديث لـ”لبنان الكبير” على “اننا متحمسون لاجراء الانتخابات لاعادة تكوين السلطة ، مشيرا الى ان القوات متقدمة في مختلف الدوائر خصوصا ان الحزب في هذه المرحلة يتخطى الحدود الطائفية، وبالتالي كتلة القوات ستتوسع”. ورأى ان “الأهم من ذلك كله ان الغطاء المسيحي سيسقط عن حزب الله، وستكون له ترجمة كبيرة في السياسة اذ ان التيار العوني لن يكون لديه أكثرية نواب مسيحيين لأن الحزب كان يجيّر لصالحه مقاعد عدة”.
واعتبر ان “الانتخابات سينتج عنها، الى جانب ممثلي الاحزاب والتيارات، مجموعة من المعارضين الذين أفرزتهم الثورة لتتألف حكما جبهة في البرلمان من المعارضين لمواجهة من سيتبقى من السلطة، وبالتالي، نحن نعوّل كثيرا على الانتخابات لأن امكانية التغيير واردة وبشكل كبير من دون ان ننسى الصوت الاغترابي الذي له تأثيره الفعلي في نتائج الانتخابات”.
وسأل: “كيف يمكن أن يحصل كل ما حصل، ومن هم في السلطة استمروا في مراكزهم؟ نحن طالبنا بانتخابات مبكرة، وكان يجب على السلطة ان تذهب نحو هذا الخيار بغض النظر عن الرابح والخاسر لأن البلد في حالة انهيار، والناس على قاب قوسين من المجاعة، مؤكدا على اننا متفائلون بتحقيق كتلة نيابية أوسع من الحالية”.
من جهته، أشار أمين السر العام في الحزب التقدمي الإشتراكي ظافر ناصر الى ان ” رئيس الحزب أعلن من فترة ان التحالف الطبيعي سيكون مع القوات والمستقبل الا ان الامور الاجرائية والتفاصيل والاسماء ليست واضحة بعد”. وأشار الى ” اننا والقوات في المبدأ سنكون سويا على الرغم من انه لم يعلن أي شيء رسمي بعد، والأمور تحتاج الى المزيد من الدراسة كما اننا بانتظار القرار النهائي للرئيس سعد الحريري فيما خص الانتخابات لنبني على الشيء مقتضاه”.
ورأى انه “من المبكر الحديث عن نتائج انتخابات وتشكيل جبهة معارضة في البرلمان”.
ولم يشأ التعليق على واقع القوات الانتخابي “انما الجو يقول ان القوات لديها فرصة في توسيع كتلتها، لكن لا يمكن افتراض أي شيء مسبقا لأن الناس التي لديها نقمة كبيرة على الوضع تقرر ممثليها في صناديق الاقتراع”.
ولفت مدير شركة “ستاتيستكس ليبانون” ربيع الهبر الى ان “كتلة القوات لن تتوسع انما ستبقى على عددها أو تكون أقل في الانتخابات المقبلة، معتبرا ان جبهة المعارضة في البرلمان واردة طالما هناك قوى ستضعف، والاحزاب والتيارات المعارضة والنواب المستقلون سيخوضون الانتخابات، وسيشكلون جبهة معارضة واسعة وسيكون لها تأثيرها”. وقال: “حكما سيكون هناك منافسة على المقاعد بين القوات والتيار الوطني الحر، والتي ستكون متقاربة”.