دولة عون الإنتقالية

الراجح
الراجح

يا فخامة الجنرال لم تقم دولة لبنانية واحدة منذ وعد الجنرال غورو الفرنسي المحفور اسمه على بلاطة نهر الكلب حتى بيان الشيخ بيار الجميل في 17 شباط 1975 بالإستفتاء حول بقاء او زوال الدولة الفلسطينية التي كانت قائمة في لبنان.

وكما قال الرئيس صائب سلام في احد تصريحاته: “عملنا لبناء دولة. لكن هذه الدولة لم تقم، بل انتعشت محلها فكرة المزرعة” (حديث مع غسان تويني – تلفزيون لبنان – صيف 1993).

يا فخامة الجنرال ما سمي بالوضع اللبناني كان مزيجاً من حالتين، حالة داخلية – وحالة خارجية. المزرعة التي تحدث عنها صائب بك سلام كانت محكومة وتدار من وجهاء العهدين العثماني والفرنسي من دون اي حساسية طائفية او مذهبية.

كانت المزرعة بلغة اهل الريف “بالشراكة” بين لفيف العائلات ومصالح إقطاع الارض والمدارس والمستشفيات والمصارف والإكليروس بجميع عمائمه و”قلاونسه” وكان ما يعرف بالدولة اللبنانية في خدمة هذه العناصر لا العكس.

هذا في الحالة الداخلية، اما الحالة الخارجية فبدأت بالاستقلال اللبناني عينه الذي ساهمت فيه بريطانيا ورضي به الطرف اللبناني وتحديداً الموارنة ولو على مضض. ومنذ ذاك الحين نرى ان رؤساء لبنان انتاج خارجي من كميل شمعون الى فخامتكم (مع السماح من اتفاق معراب).

المسؤول لا يخاف ولا يتردد وإلا سيبقى سجيناً داخل سور المزرعة كما هي حالتك الآن والمسؤول ايضاً له صفتان اساسيتان: الرؤيا لما هو ابعد من محيطه والشجاعة في اتخاذ القرار (بس انت ما خلوك).

يا فخامة الجنرال انت ما بين الأعوام 1988 – 1990 كنت الحاكم المنفرد فماذا فعلت؟ “حرب التحرير” كانت حرباً للتدمير… الجنوح لإمتلاك السلطة دفعك الى “حرب الإلغاء” وبنتيجتها سقط ما كان عصياً على السوريين “المنطقة الشرقية” وانهارت العملة الوطنية وتدمرت ادارات الدولة واللائحة لا تنتهي.

يا فخامة الجنرال ليتك لم تخرج على اللبنانيين في اطلالتك الاخيرة/ هذا لا يعني ان اطلالاتك السابقة كانت افضل حالاً/ لتذكرنا بإتفاق الطائف وبأهمية اللامركزية الموسعة وبمشروع الاستراتيجية الدفاعية المزمع اقامتها بين الدولة اللبنانية وبين دولة حزب الله علماً ان اتفاق الطائف الذي ذكرت والذي لم تكن يوماً من المعترفين به لا لشيء إلا لأنه قلص صلاحيات رئيس الجمهورية ولم ترَ شيئاً آخر في هذا الاتفاق ولم تلحظ يوماً ما غفله الاتفاق لكونه لم يتطرق ولو بكلمة واحدة للجانبين الاقتصادي والاجتماعي اللذين من دونهما يسقط كل اتفاق – اي اتفاق – ويفشل اي حاكم لأي قبيلة او طائفة انتمى…

يا فخامة الجنرال النظام الديموقراطي ليس مجرد برلمان وثلاثة رؤساء وكم شرطي بلدية، إنه اكثر من ذلك بكثير: مساواة الناس في الحقوق والواجبات وقبل ذلك ادخالهم الى الوطن من خلال انصافهم اقتصادياً واجتماعياً عبر نظام اساسه العدل والكفاية… لكنك كما وصفك سفير بريطانيا في لبنان ألن جون رامسي والذي عرفك عن كثب إذ قال انك “رجل قد ينصت لكنه لا يسمع… إن طبعه معقّد حقاً”.

شارك المقال