إندبندنت: تصاعد التوتر على عدة جبهات في 2022

حسناء بو حرفوش

توقع مقال بموقع “إندبندنت” الإلكتروني البريطاني “انتهاء موسم السلام والنوايا الحسنة عام 2022″، لافتا إلى ضرورة أخذ بعض المخاطر المقبلة في عين الاعتبار، ومنها “احتمال اندلاع صراع عسكري على واحدة من ثلاثة جبهات حيث المخاطر كبيرة. ووفقا للتحليل الذي يعتبر أن بريطانيا لن تمتلك خيار الحياد في حال اندلاع الصراع، “إذا كان لأوروبا، وللمملكة المتحدة على وجه الخصوص، خصم، فهي روسيا. ولا شك أن التهديد الروسي واضح ويترجم على الأراضي البريطانية من خلال اغتيال معارضي نظام بوتين والهجمات الإلكترونية وصولا إلى نشر القوات التقليدية والنووية لروسيا حول المملكة المتحدة. ومع ذلك، يركز الحلفاء في الولايات المتحدة بدرجة أكبر تصل حد الهوس، على التهديد الصيني.

ويتمثل الخطر الأكثر إلحاحا في العام الجديد بحشد 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية، الذي يضعنا أمام مجموعة من الخيارات العسكرية، من التعدي المحدود إلى الغزو الصريح وتقسيم أوكرانيا. ويبدو أن التهديد أو الواقع المتمثل في عبور الروس للحدود والاستيلاء على الأراضي الأوكرانية يهدف لإقناع الغرب بالقيود المفروضة على انتشار الناتو والاعتراف بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم وربما دونباس، في جنوب شرق أوكرانيا (…) ولا تتمتع أوكرانيا بأي ضمانات من الناتو، كما استبعد الرئيس جو بايدن الرد العسكري من قبل الناتو، والذي قد يستدرج بشكل محتمل، استخدام الأسلحة النووية. لكن ستكون هناك دعوة لتعزيز خط جبهة الناتو وتقديم أي دعم يمكن تقديمه لأوكرانيا من دون الاضطرار إلى خوض غزو روسي.

(…) ومن المرجح أن يختار الغرب خوض أي حرب أوسع نطاقا بأسلحة اقتصادية. وستطبق عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا، بما في ذلك مقاطعة النفط والغاز الروسي، عدا عن التجميد الفعال لجميع المعاملات التجارية مع الغرب من خلال تعليق استخدام البنوك الروسية لنظام تسوية المدفوعات SWIFT. وليس هناك من شك أن أشد أشكال العقوبات الاقتصادية ستضر بالاقتصاد الروسي بشكل كبير وتزيد من تقويض شعبية نظام بوتين. لكن من الصعب أن نرى كيف يمكن لهذه الإجراءات إلحاق الضرر بالثروات الهائلة التي وضعها الحكام الفاسدون في الكرملين، بمن فيهم بوتين، في الخارج. وفي الوقت عينه، لدى الروس خيار تحويل صادراتهم من الغاز إلى آسيا موقتًا، وخصوصا الصين المتعطشة للطاقة، مما يؤدي إلى التقارب بين البلدين. عدا عن ذلك، من الساذج الاعتقاد أن أوروبا يمكن قد “تربح” حربا اقتصادية. لقد بدأ الوزراء البريطانيون بالفعل التخوف من الارتفاع المحتمل لأسعار الطاقة ومن تعطيل خط أنابيب الغاز الذي تم بناؤه حديثا من روسيا إلى ألمانيا (…) كما تشهد زيادة الطلب من الاقتصادات التي تتعافى من قيود كورونا. ويبقى الوقود الأحفوري مصدر نفوذ كبير تنوي روسيا استغلاله.

وفي إيران، تفهم المسألة عينها بوضوح. لقد تسببت العقوبات الأميركية الشديدة بقدر كبير من المعاناة، لكن النظام لا يزال بعيدا عن الانهيار. ولا تزال إيران تقف وراء حلفائها في العراق وسوريا ولبنان وهي مصممة أكثر من أي وقت مضى على تحقيق القدرة على صنع سلاح نووي واستخدام أحدث التقنيات (…) وكانت (إسرائيل) قد أوضحت أنها ستشن ضربة عسكرية استباقية لمنع مثل هذا الخرق النووي. وفي حال لم يكن الإيرانيون يخادعون، من المحتمل أن نشهد شكلا من أشكال النزاع المسلح في الأشهر المقبلة. وحتى الآن، تستمر القوى العظمى بالحثّ على ضبط النفس لكن من السهل أن تنجرف الأمور إلى حرب شرسة. كما يمكن لإيران التسبب في زعزعة الاستقرار مع الاستمرار ببيع نفطها، بشكل أساسي للصين، بأسعار مرتفعة.

(…) وهناك جبهة ثالثة محتملة لمعركة، كما يروّج لها في الولايات المتحدة، وهي تايوان. وعلى الرغم من الضجيج الذي أحدثته القوات الجوية الصينية في الجزيرة، يبقى خطر نشوب نزاع مسلح منخفضا في الوقت الحالي (…) ويعتمد بقاء تايوان على الغموض. وتتبع الجزيرة مسارا مزدهرا وديموقراطيا ومستقلا، ويتظاهر بقية العالم (في الغالب) بأنها جزء من الصين. الاستقلال هو أمر واقع وليس بحكم القانون. لكن الصين أوضحت أن الإعلان الرسمي للاستقلال سيكون ضربا من ضروب الحرب. ويشعر المتشائمون بالقلق من أن الوضع الراهن قد لا يستمر لفترة أطول (…) خصوصا أن الجيل الأصغر من التايوانيين وممثليهم السياسيين يريدون التأكيد على هويتهم المنفصلة (…) وقد يوفر “سوء التفاهم” بشأن تايوان، والناشئ عن السلوك العدواني للصين، ذريعة للمزيد من العقوبات الاقتصادية والديبلوماسية ضد الصين. وسيرغب الجانبان الأميركي والصيني بتجنب الصدام العسكري عندما تكون المخاطر المحيطة بالتصعيد كبيرة وغير مؤكدة، لكن قد تحدث حسابات خاطئة. وعلى أي حال، تركز الولايات المتحدة على أن الصين، وليس روسيا أو إيران، هي العدو الأول. لكن بالنسبة لحلفاء أميركا في أوروبا، ولا سيما بريطانيا، يمثل ذلك وضعا حرجا، خصوصا أن روسيا وحشد القوات المعادية يمثل تهديدا حقيقيا جدا. ومع ذلك، يأتي الرد الأميركي بالتقليل من أهمية المخاطر العسكرية وبالبحث عن طرق سلمية للخروج من الأزمة أو عن أسلحة اقتصادية بدلا من الأسلحة الحقيقية”.

شارك المقال