نصرالله وجمعية نشر ثقافة السلام

عالية منصور

من يستمع لخطاب الامين العام لحزب الله يظن ان الجمهورية الاسلامية في ايران هي جمعية خيرية تعمل على نشر ثقافة السلام والمحبة والتضامن بين شعوب المنطقة، يتحدث عن قاسم سليماني قائد فيلق القدس، فتظنه رسول تلك الجمعية لضمان استقرار المنطقة وتحقيق الازدهار للشعوب المحرومة، وان فيلق القدس ليس الا ذراع الجمعية في نشر ثقافتها.

نصر الله يدرك ان الناس تدرك ان ايران ليست سوى دولة مصدرة للارهاب، قد يجد بعضا من جمهوره لا كله يعيش في الـ”لالا لاند” ويصدق ما يقوله نصرالله عن ايران وسليماني، فحتى جمهوره يعرف ان سليماني كان قاتلا، وان ما يجمعهم به هو شراكته مع حزب الله بنشر الارهاب وكل ما يعنيه ذلك من فساد من التهريب الى تجارة المخدرات.

يقول نصرالله “ان اميركا صنعت داعش في العراق وسوريا والمنطقة باعتراف ترامب وبومبيو وقادة عسكريين كبار في الولايات المتحدة لاختراع الحجة لإعادة جيوشها وقواتها وطيرانها إلى العراق”، لكن لم يخبرنا متى اعترف ترامب بذلك. يتجاهل نصرالله حقيقة ان داعش وُجدت قبل ترامب.

ليس ذلك وحسب، بل يؤكد نصرالله ان “الأجهزة الأمنية العراقية تعرف أن المخابرات السعودية كانت ترسل السيارات المفخخة إلى العراق وكانت تدير ارسال الانتحاريين إليه، وان ايران ارسلت رجالها ليُقتلوا في العراق دفاعا عن الرجال والنساء والأطفال”، يبدو ان الامور قد اختلطت عليه بسبب نقص فيتامين دال وابتعاده عن الشمس كما الحقيقة، فالحقيقة أعلنها حليفه السابق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عندما اتهم نظام بشار الاسد بتصدير الارهاب الى العراق، وان عملية تفجير بغداد التي تبنّتها الدولة الاسلامية في العراق، قبل قيام الثورة السورية وقبل مجيء ترامب، كان المتهم بها هو نظام بشار الاسد، وهذا ليس سرا ولا اتهاما سعوديا اميركيا امبرياليا صهيونيا، بل هذا الكلام جاء على لسان من ينتمي لنفس المحور الايراني، محور جمعية المحبة والاخاء الايرانية.

يتهم السعودية وملكها بتصدير الارهاب، فهل أسد الله الأسدي الذي ادين مؤخرا في بلجيكا بتهمة محاولة ارتكاب عمل إرهابي في فرنسا كان يستهدف معارضين إيرانيين هو ديبلوماسي سعودي ام ايراني؟ وهذا ليس الا مثالا واحدا، وهناك عشرات العمليات الموثقة. هذا هو الارهاب يا سيد حسن الذي ترعاه الدول، فاسدي ليس ايرانيا تصرف من تلقاء نفسه، بل هو ديبلوماسي ارسلته دولته للقيام بعمل ارهابي، والسعودية لم ترسل الباصات لنقل الدواعش من جرود عرسال معززين مكرمين، بل انت من فعلت.

ويستمر نصرالله بابتعاده عن الحقيقة بعد الشرق عن الغرب، ويتابع “الإرهابي ايها اللبنانيون هو الذي يحتجز عشرات أو مئات الآلاف من اللبنانيين (الموجودون في السعودية) ويتخذهم رهائن ويهدد بهم دولة لبنان كل يوم”، لكن لم يذكر متى هددت السعودية او غيرها من دول الخليج بترحيل اللبنانيين او غيرهم طالما انهم يلتزمون بالقانون كأي دولة في العالم، اقله بهذه النقطة جاءه الرد من جميع اللبنانيين الذين يدركون ان من يعيش في مناطق سيطرة الحزب هم الرهائن، بل ان لبنان كله صار رهينة بسبب سياسات ايران وذراعها حزب الله.

أما عن سوريا فكعادته وكما طبيعة المهمة التي وجد من اجلها، تحدث عن “الاحتلال الاميركي” وتجاهل احتلال ميليشياته هو وايران، تحدث عن الوضع المعيشي السيء ونسي انه اينما حل وحزبه حل الخراب، تحدث عن قيصر ونسي صور قيصر، نسي مئات آلاف الشهداء وبكى شريكه بقتلهم.

“هل هناك عاقل يساوي بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الايرانية”، وبهذه الجزئية من السؤال لا بد ان نتفق معه، فحتى ابنة سليماني وابنة المهندس يشتمون الولايات المتحدة باستخدام الايفون الاميركي، وحتى هو نفسه وحزبه تفاخروا مرارا بانهم يتعاملون بالدولار الاميركي لا بعملة ايران التي لم تعد تساوي ثمن طباعتها.

أما قوله “ان حادثة الاغتيال أسست لمرحلة جديدة من الوعي والبصيرة ومن معرفة العدو الأساسي ومن الصراع، وان من أمر ونفّذ جريمة اغتيال القائدين سليماني والمهندس سينالون جزاءهم في الدنيا قبل الآخرة هذا وعد الأحرار”، ففي الشق الاول هو محق، وما الردود في كل مكان على من يبكي سليماني الا دليل على ان الشعوب وعت حقيقة ايران وميلشياتها، اما في الشق الثاني فحمى الله الجميع، لبنان والمملكة وشعوب المنطقة من التهديدات، فتاريخ الحزب وايران من الكويت الى الخبر وبيروت ودمشق وغيرهم يشهد.

شارك المقال