هل يعيد بايدن ارتكاب أخطاء كلينتون وأوباما مع إيران؟

حسناء بو حرفوش

لا بد للرئيس الأميركي جو بايدن من العودة إلى وثيقتين حديثتين قبل الذهاب أبعد من ذلك في التعبير عن رغبته بإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لصفقة الأسلحة النووية: التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية عن الإرهاب، ومشروع الميزانية الذي قدمه الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي لعام 2022 – 2023، حسب مقال نشر بموقع “تاون هول” (Town Hall) الأميركي.

ووفقا للمحلل الأميركي وكاتب المقال ويس مارتن: “يعرّف التقرير الأميركي حول مكافحة الإرهاب إيران كـ “دولة راعية للإرهاب”، وهو تصنيف صدر للمرة الأولى عام 1984. كما يذكر على وجه التحديد الدعم الذي تقدمه طهران لحزب الله، والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة ومختلف الجماعات المقاتلة في العراق وسوريا وفي أماكن أخرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط. كما يتناول تصنيف وزارة الخارجية الأميركية للحرس الثوري الإيراني عام 2019 كـ”منظمة إرهابية أجنبية”. وقبيل هذا التصنيف مباشرة، أصدرت وزارة الدفاع الأميركية دراستها التي تحدّد تورط الحرس الثوري الإيراني بمقتل 603 من العناصر الأميركيين في العراق منذ عام 2003.

ويظهر إيمان الرئيس بايدن وتمسكه بالتفاوض مع إيران فشله التام في فهم فلسفة الشرق الأوسط، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تقف حاليا في موقع قوة، بينما يصمم الرئيس الإيراني الذي تم تنصيبه حديثا على تغيير هذا الوضع. والأهم من ذلك أن الميزانية التي يقترحها تثبت نية رئيسي زيادة التزام إيران بتوسيع الأعمال العدائية في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم. ويتّضح ذلك جليا من خلال تقسيم الميزانية إلى قسمين: الجزء الأول مخصص “للميزانية الحكومية العامة” التي تمول العمليات الإدارية اليومية القياسية. أما الجزء الثاني، فهو يرقى إلى حد “صيانة النظام الأصولي”، ويخصص لتمويل كل القمع الداخلي الإيراني والتصدير الدولي للعمليات العسكرية. ويشمل هذا الجزء النفقات التقليدية للجيش التقليدي والحرس الثوري الإيراني، ووزارة المخابرات والأمن ومنظمات الدعم الأخرى. ويخصص رئيسي في ميزانيته ضعف التمويل للجزء الثاني مقارنة بالأول. وبالتالي، يجب على الرئيس بايدن أن يدرك أن برنامج التطوير النووي يقع ضمن هذا الجزء الثاني، ويجب أن ينظر إليه كتحذير من الإشارات السيئة المرتقبة.

وزعمت إيران على مدى عقود أن أبحاثها النووية تخدم أغراض بحوث الطاقة الذرية السلمية. وقد حققت النجاح لناحية استهزاء إيران بالبيت الأبيض بصفقات أسلحة نووية مع إدارتي الرئيسين الأميركيين السابقين كلينتون وأوباما، وبلغ هذا الاستهزاء ذروته مع اعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة. وتجنّب أوباما موافقة مجلس الشيوخ المفوضة من خلال الزعم أن خطة العمل الشاملة المشتركة لم تكن معاهدة، بل هي صفقة (…) ومع ذلك، انتهكت إيران، التي تتحكم في توقيت ومكان عمليات التفتيش باستمرار خطة العمل الشاملة المشتركة. ويتطلع الرئيس بايدن إلى إعادة تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة. ومن أجل المساعدة على تحقيق ذلك، أعيدت نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان حيث كانت قد عملت في تمثيل الولايات المتحدة على مستوى رفيع خلال المفاوضات حول الأسلحة النووية مع كوريا الشمالية. ولم يتحقق حينها بالتأكيد نجاح مذهل، إذ أصبحت كوريا الشمالية حاليا دولة مسلحة نوويا. وقد سجل إخفاقان متواليان لشيرمان على مستوى المفاوضات حول الأسلحة النووية، ويبدو أن بايدن عازم على جعلها تتولى قيادة الإخفاق الثالث.

بالعودة إلى إيران، سيحصل رئيسي على موازنته من قبل البرلمان، وسيستمر مناهضو النظام والقادة السياسيون الذين اختلفوا مع الحكومة الإيرانية بمواجهة السجن والعقاب. وبمجرد أن يمتلك رئيسي الأسلحة النووية، سيجد نفسه في موقع قوة وسينتهي تظاهره بالمشاركة بالمفاوضات. لقد شكل الانسحاب غير الكفء من أفغانستان أكبر خطأ لبايدن في الشرق الأوسط في العام 2021. وسيتمثل أكبر خطأ يرتكبه في المنطقة في العام 2022 بإعادة الدخول في صفقة مع إيران، ذلك أن صفقة كهذه ستسمح بالتأكيد لإيران بإكمال بحثها وتطويره لتصبح قوة نووية. وتتوفر بين يدي بايدن وثيقتان توفران بسهولة المعلومات اللازمة لقيادة بايدن باتجاه اتخاذ القرار السليم.

ويبقى السؤال: هل يطّلع على الوثيقتين ويتخذ الإجراء الصحيح أم يعيد ارتكاب أخطاء كلينتون وأوباما؟”.

المصدر: townhall

شارك المقال