بكركي تهدف للوحدة والشراكة… ولا تستهدف الدستور والطائف

هيام طوق
هيام طوق

لطالما شكّل تفسير الدستور اللبناني سجالا بين الأطراف والاحزاب والجهات السياسية، وتزداد حدة هذه السجالات كلما نشب صراعا حول توزيع الصلاحيات في المؤسسات الدستورية مما أغرق البلد في فترات شغور دستوري متنقلا من مؤسسة الى أخرى، وما رافق ذلك من شلل وتعطيل.

ومنذ سنوات خصوصا بعد مرحلة الـ2005 وانسحاب الجيش السوري، انقسم اللبنانيون بين من يطالب بتعديل الثغر في الدستور كي يسير البلد على السكة الصحيحة، وبين من يعتبر عملية التعديل غير واردة وغير ممكنة في الظروف الصعبة، وفي ظل الأزمات المعقدة والمتوالية التي يمر بها البلد.

وبعيدا عن هذا الانقسام، وعن الحسابات الخاصة لهذا الفريق أو ذاك، هناك لجان في بكركي تدرس وتناقش الوضع اللبناني، وتقوّم تجاربه على مدى سنوات وفي مختلف المحطات التاريخية، وتبدي رأيها في مستقبل لبنان، وتقدم اقتراحات لتعزيز الوحدة الوطنية، لكن ليس لها علاقة بتعديل الدستور إذ ان بكركي لا تدخل في هذا النوع من التفاصيل بل ما يهمها مستقبل لبنان ومصيره. وبالتالي، كل ما جرى تداوله عن ان هناك لجنة في بكركي تضع وثيقة لتعديل الدستور واتفاق الطائف لا يمت الى الحقيقة بصلة، وهو عار عن الصحة جملة وتفصيلا وفق ما أكده مصدر مطلع لـ”لبنان الكبير”.

“بكركي تعمل على تعديل الدستور”، خبر انتشر عبر بعض وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وأحدث بلبلة في الوسط السياسي. وللاضاءة على ما يجري في بكركي، والاطلاع من مصادر متابعة وموثوقة، على الوثيقة ومضمونها وهدفها، والتي جاءت تحت عنوان “قبل فوات الأوان”، وتضمنت نقاطا عدة، منها تغيير النظام، اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، الاستراتيجية الدفاعية، تواصل “لبنان الكبير” مع مصدر قريب من بكركي الذي أوضح ان “كل الاخبار التي تم تداولها عن ان بكركي تضع وثيقة لتعديل الدستور واتفاق الطائف عارية عن الصحة لان تعديل الدستور مناط بالدولة، بالمجلس النيابي وبهيئة حوار في مسار دستوري معين، وليس من شأن البطريركية المارونية التي لديها رأي في كل ما يختص بمصير لبنان ودستوره ونظامه، كما كان لديها رأي بتأسيس لبنان لا بل هي التي كانت مؤسسة للكيان، وكما كان لديها رأي بالدستور والميثاق الوطني سنة 1943 وباتفاق الطائف سنة 1981، اليوم أي شيء يطرأ على صعيد النظام، فمن الطبيعي ان يكون للبطريركية المؤتمنة على الكيان اللبناني الواحد، رأيها الوازن والمؤثر والحاسم”.

وأشار الى ان “في بكركي لجان موجودة منذ فترة طويلة من أكثر من 15 عاما، ومنها لجنة استراتيجية وسياسية وقانونية واقتصادية وتربوية، ومنذ سنة أنشأ البطريرك الراعي لجنة جديدة هي “لقاء الحياد والمؤتمر” بعد ان طرح موضوع الحياد والمؤتمر الدولي من أجل لبنان، ومنسقها العام الوزير السابق سجعان قزي. كل هذ اللجان، تدرس الوضع اللبناني، وتقوّم تجاربه على مدى سنوات، بدءا من لبنان الكبير الى تجربة الاستقلال الى تجربة اتفاق الطائف الى تجربة الدولة المركزية. ومن الطبيعي ان يكون لهذه اللجان رأيها في مستقبل لبنان، وتقدم اقتراحات لتعزيز الوحدة الوطنية في اطار جديد أعلنه البطريرك الراعي المتمثل باللامركزية الموسعة، الحياد، التشريع المدني، والمؤتمر الدولي”.

وأكد المصدر ان “هذه الاقتراحات لا تستهدف دستور 1943 ولا دستور الطائف انما تهدف الى اعطاء عمر جديد للبنان الذي يعاني اليوم من الانهيار الكياني والوطني والاقتصادي والحضاري والاجتماعي. الحدود اليوم مشرعة وسائبة، الدولة محاصرة ومُهيمن عليها، المؤسسات الدستورية تتصارع فيما بينها، والمؤسسات التنظيمية معطلة، والحكومة ليس لديها فعل اصلاحي في البلد، والناس خائفة على مصيرها. كل ذلك، يدفع بعض الجهات الى التمسك بالوحدة المركزية، وجهات أخرى تطالب بلامركزية ادارية محصورة، والبعض يريد لامركزية موسعة، وأطراف تطرح الفيدرالية، وقوى تطرح الانفصال وانشاء دويلات. لكل هذا، وحرصا من البطريرك الراعي على وحدة لبنان وعلى الشراكة الوطنية، تدرس اللجان كيفية انقاذ لبنان والحفاظ عليه. والاعمال التي تقوم بها اللجان ليس لها علاقة بتعديل الدستور والبحث في صلاحيات رئيس الجمهورية أو انتزاع صلاحيات من رئيس الحكومة أو من المجلس النيابي أو البحث في مسار القوانين. كلها أمور تفصيلية لا تدخل بكركي في هذا النوع من التفاصيل بل تتحدث عن مستقبل لبنان ومصيره ونظرتها الفلسفية والتاريخية والمستقبلية للبلد”.

وتابع: “في حال طرح تعديل الميثاق الوطني أو دستور 1943 أو اتفاق الطائف، فالدراسات موجودة لدى الدولة، ومنذ سنوات تضمنت الدراسات ثُغَر الطائف، وما يجب ان يعدل فيه دستوريا وقانونيا، لكن البطريركية المارونية لا تدخل في هذه الامور إلا انه في حال حصل التعديل الذي تقوم به هيئة حوار وطني أو مجلس نواب حينها تعطي بكركي رأيها قبولا أو رفضا”.

ورأى ان “هناك عشرات التعديلات التي حصلت على اتفاق الطائف، ومن هو حريص على الطائف عليه المحافظة عليه وأن يطبقه بشكل صحيح. والتعديل الفعلي اليوم هو ان “الثنائي الشيعي” يقرر جدول الاعمال وقبل به رئيس الحكومة المؤتمن على الطائف في حين ان رئيس الحكومة يرفض لرئيس الجمهورية المشاركة في وضع جدول الاعمال”.

وشدد المصدر على ان “فكرة التعديل الدستوري لا ترد الى ذهن البطريرك الماروني انما فكرة انقاذ لبنان إذ يأتي التعديل جزءا منها وليس هو الاساس. انها عملية انقاذ اذ ليس تعديل الدستور ما سينقذ لبنان انما يجب ان توضع خطة للانقاذ، واذا احتاجت هذه الخطة لتعديل دستور يُبحث فيها، لكن ليس الهدف تعديل الدستور انما الهدف الانقاذ”.

شارك المقال