جنبلاط يحَمّل القيادة الروسية رسالة وهذا ما تم بحثه

عبدالله ملاعب

عام 2015، دخلت روسيا الاتحادية منطقة الشرق الاوسط عسكريا عبر البوابة السورية، ومنذ ذلك التاريخ تعاظم اهتمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالشرق الأوسط لكون أمنه واستقراره من استقرار روسيا ومحيطها الحيوي. في لبنان، كان لروسيا في السنوات الماضية تأثيرات عدة وأبدت إهتماما بلبنان من عدة جوانب ولا سيما من الجانب السياسي المرتبط بالازمة السورية وملف النازحين.

عام 2021، دخلت روسيا على خط تشكيل الحكومة التي لم تبصر النور إذ زار الرئيس سعد الحريري روسيا في نيسان 2021 وإلتقى الرئيس فلاديمير بوتين وعددا من كبار الديبلوماسيين الروس. ونقل عن الروس آنذاك “إن موسكو ترفض إعطاء الثلث المعطّل في الحكومة لأي طرف سياسي كان، لأن هذا الأمر سيُعطّل عمل الحكومة مستقبلاً”. وسجل الكرملين حينها موقفا هاما في الملف الحكومي ونشط التنسيق الفرنسي الروسي في الساحة اللبنانية عبر دمتري بيسكوف الناطق باسم الرئاسة الروسية.

الرئيس ميقاتي لم يزر روسيا منذ تشكيله الحكومة لكن وزير خارجيته زارها في تشرين الثاني 2021، حيث عقد عدة اجتماعات مع قياديين روس وتسلم صور الأقمار الصناعية الروسية لمرفأ بيروت وتلقى وعودا بأن تدخل الشركات الروسية على خط الاستثمار في قطاعات انتاجية عديدة في لبنان وفي إعادة بناء مرفأ بيروت.

أما آخر زيارة لبنانية الى موسكو فكانت لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الثلاثاء الماضي والتي أكدت اهتمام روسيا بالساحة اللبنانية. وتقول مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ”لبنان الكبير” أن لقاء وليد جنبلاط بوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الذي اتسم بالود والصراحة “طبيعي لأن ما يجمع الحزب التقدمي الاشتراكي بروسيا تاريخي والعلاقة وطيدة ومستمرة وتعززت مع تعاظم الدور الروسي في الشرق الاوسط بعد الأحداث في سوريا”.

بيان الخارجية الروسية الذي صدر بعد اللقاء أشار إلى أن لافروف “شدّد في الاجتماع على التزام روسيا الثابت بتحقيق تسوية شاملة ومستدامة للنزاعات الاقليمية، مشيرا الى أن البحث طال عودة اللاجئين السويين الى ديارهم”.

في هذا الإطار، أشارت مصادر مطلعة على اللقاء لـ”لبنان الكبير” أن “الاجتماع تضمن بحثا في الملفين الفلسطيني والسوري إذ أكد جنبلاط في معرض الحديث الروسي عن التسوية الشاملة للنزاعات الاقليمية على مركزية القضية الفلسطينية وبُعدها العربي إذ تم التطرق الى الملف الفلسطيني بدقة ولا سيما في ما يخص الحصار المفروض على غزة وضرورة انهائه”. وإستنادا الى ما جرى بحثه في الملف الفلسطيني، أجرى جنبلاط في اليوم التالي اتصالا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد فيه على موقف لبنان الداعم والمناصر للقضية الوطينة الفلسطينية. وأضاف المصدر “إن اللقاء تناول الملف السوري أيضا ولاسيما لجهة دروز سوريا إذ أن جنبلاط في تواصله مع القيادة الروسية يشدد دائما على نقطتين أساسيتين وهما: حفظ وصون النسيج الاجتماعي للسويداء والمحيط وتأمين سبل حماية هذه البيئة”.

واستشرف جنبلاط واقع المنطقة والاقليم وسط حرص الروس على صوغ تسوية شاملة للنزاعات الاقليمية مع جميع القوى المؤثرة في المنطقة. إلا أن الملف الإقليمي وعلى أهميته لم يطغَ على الملف اللبناني كما أكدت مصار متابعة للقاء لـ”لبنان الكبير”. جنبلاط تمنى على الروس دعم الجيش اللبناني الذي يعاني ظروفا صعبة طالت حتى الغذاء. وحمّل روسيا التي تلعب سياسة ضابط الايقاع في المنطقة رسالة مفادها المساهمة في تأمين استقرار لبنان السياسي عبر كف يد القوى التي تستخدم لبنان كورقة ضغط في مفاوضاتها.

كلام جنبلاط أتى عشية القمة الروسية – الايرانية التي عقدت في موسكو في اليوم التالي بين الرئيسين بوتين ورئيسي، إذ تمنى على الوزير سيرغي لافروف ومبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف الحديث مع القوى الاقليمية القادرة على دعم استعادة عمل المؤسسات اللبنانية ولا سيما بعد تراجع الثنائي الشيعي عن خيار مقاطعة مجلس الوزراء. وأبلغ جنبلاط لافروف موقفه بضرورة حث الإيرانيين على الكف عن إستخدام لبنان كورقة ضغط في مفاوضاتهم في فيينا وغيرها، فبالنسبة لجنبلاط لا امكانية لمعالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان إن بقي البلد ساحة رسائل وصندوق بريد بيد الإيرانيين.

شارك المقال