الجمهوريون الأميركيون يتسببون بحرب بين إيران وإسرائيل؟

حسناء بو حرفوش

سلّط مقال على موقع “ذا أرتيكل” (The Article) الإلكتروني الأميركي الضوء على ارتفاع حدة العلاقات المشحونة على خلفية خطر الانتشار النووي. ووفقا للمقال، “استغرقت خطة العمل الشاملة المشتركة عقدا من الزمن للتفاوض وتقليص إنتاج إيران من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة والمطلوب للرؤوس الحربية النووية، وبالتالي انخفضت مخاطر الحرب مع (إسرائيل). وأصبحت المواقع النووية الإيرانية في بداية الخطة الأكثر مراقبة في العالم. حينها، أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن مستوى عال من الامتثال الإيراني الذي استمر لعدة أشهر حتى بعد الانسحاب الأميركي. لقد نجحت خطة العمل الشاملة المشتركة نوعا ما لكن ما لبث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والحزب الجمهوري أن دمرا إنجازا ديبلوماسيا فعالا بشكل تعسفي.

وحاول الاتحاد الأوروبي التخفيف من آثار عقوبات ترامب الجديدة لكن من دون جدوى. وعلى الرغم من شحنات النفط الإيرانية التي تنتهك العقوبات والتي تتوجه إلى دول مثل الصين، تلقى الاقتصاد الإيراني ضربة كبيرة، لكن هذا الواقع لعب لصالح ألد أعداء الولايات المتحدة، الحرس الثوري الإسلامي. وتسبّب تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها وفرض عقوبات جديدة منهكة ضد إيران بنتيجتين، إحداهما مباشرة والأخرى غير مباشرة.

بداية، ردت الجمهورية الإسلامية بتحريك أجهزتها الطاردة المركزية المتقدمة. أما النتيجة الثانية فغير مباشرة، حيث ألقى المتشددون في إيران باللوم على الرئيس المعتدل نسبيا حسن روحاني لثقته بالأميركيين وعلى الحالة المحفوفة بالمخاطر التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات الجديدة. نتيجة لذلك، خسر روحاني الانتخابات الرئاسية عام 2021، بينما وقع مستقبل إيران النووي في أيدي المتشددين، وعلى رأسهم الرئيس الجديد ابراهيم رئيسي.

وبتشجيع من سياسة “الضغط الأقصى” التي ينتهجها ترامب، استقبلت (إسرائيل) انتخاب رئيسي بهجوم بمسيرة على أحد مواقع تصنيع أجهزة طرد مركزي متطورة، واغتيال علماء ايرانيين واستهداف منشأة نووية تحت الأرض في نطنز. وشكلت خلفية هذه الأعمال العسكرية تدهورا تدريجيا في الوقت الذي خفّضت إيران فيه مدة الاختراق، من سنة إلى أقل من ثلاثة أشهر. وبالتالي، زاد التهديد المتمثل بوجود إيران مسلحة نوويا بشكل كبير ومعه احتمال نشوب صراع إسرائيلي إيراني كبير.

ويجتمع ديبلوماسيون من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا في فيينا منذ 27 كانون الأول 2021، لعقد جلسة ثامنة من المحادثات في محاولة لإعادة إنشاء نسخة من خطة العمل الشاملة المشتركة. لكن ايران ترفض التفاوض مباشرة مع الأميركيين حتى رفع عقوبات ترامب. ويبدو أن الرئيس رئيسي عازم على أن يصبح المرشد الأعلى المقبل لبلاده. وتتمحور مخاوف هذا الأخير ومخاوف كبير المفاوضين الإيرانيين حول الأمن القومي وتجنب أي خلاف كبير بين رئيسي والمرشد الأعلى الحالي، علي خامنئي. ومن هنا ارتسمت الخطوط الإيرانية الحمراء بشأن إعادة إنشاء خطة العمل الشاملة المشتركة:

أولاً، الرفع الكامل للعقوبات، ثم تمرير فترة للتحقق من رفعها بشكل تام، بالإضافة إلى ضمان أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن الاتفاقية مرة أخرى. وبالنظر إلى الموقف العدواني للحزب الجمهوري مع ترامب والترشيح الرئاسي المحتمل عام 2024، والتصنيفات المنخفضة الحالية لبايدن، فإن هذا الضمان مستحيل ويجب أن يعرف الإيرانيون ذلك. ويتحمل ديبلوماسيان ناطقان بالإسبانية عبئا كبيرا في الأسابيع المقبلة: إنريكي مورا، نائب الأمين العام لخدمة العمل الخارجي الأوروبي الذي ينسق المفاوضات، ورافايل ماريانو غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

هذا ويبدو المزاج العام في الشرق الأوسط واعدا أكثر من قبل، إذ خففت الضغوط من إدارة بايدن إلى حد ما من التوترات على الأخص بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج وإيران. لكن هذا يقلق (إسرائيل). وبالتالي، يواجه بايدن خيارا صعبا أيضا. وقد يشكل تسهيل الموقف الأميركي هدية للجمهوريين، لكنه سيكلف الديموقراطيين الأصوات، ويمكن أن يساعد على إعادة ترامب. وتأتي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مركز الصدارة في أي اتفاق وسط تساؤلات حول جاهزية إيران للعودة إلى الامتثال الكامل والاستعداد الإسرائيلي لتجنب حرب مباشرة بين (إسرائيل) وإيران؟ في الوقت الحالي، تركز رسائل المفاوضات التي تصل من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي على التحذير من نفاد الوقت”.

شارك المقال