لبنان تحت المجهر العربي والدولي… الالتزام بالمبادرات

هيام طوق
هيام طوق

منذ اشتدّت الأزمات المتنوعة والمتعددة، وباتت تهدد مصير البلاد والعباد، يشهد لبنان حركة ديبلوماسية وسياسية وروحية ناشطة تكاد لا تهدأ بهدف الانقاذ ونشل البلد من دوامة المأزق الذي يتخبط فيه خصوصا ان السلطة تلجأ دوما الى الهروب نحو الامام، واعتماد سياسة تدوير الزوايا في حل المشاكل العالقة، واستخدام التصريحات والعبارات التي يشتمّ منها رائحة التذاكي والازدواجية في المواقف والأفعال.

الاسبوع الحالي تشهد الساحة اللبنانية عددا من الزيارات التي وصفها الخبراء والمحللون بالمهمة ومنها زيارة وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان في الايام المقبلة، وزيارة وزير خارجية الفاتيكان المطران بول ريتشارد غالاغير تهدفان الى الحث على انقاذ لبنان وصيغته، وضرورة التجاوب مع المساعي والمبادرات خصوصا المبادرة الكويتية ذات الطابع الخليجي والعربي والدولي، لجهة استعادة سيادة لبنان، وتنفيذ القرارات الدولية، واجراء الانتخابات النيابية في موعدها في وقت تعتبر أطراف متابعة ان زيارة وزير الخارجية الكويتي كانت بمثابة انذار للمسؤولين لضرورة انقاذ بلادهم.

وفي حين يترقب الجانب اللبناني الرد من دول الخليج على رده على المبادرة الكويتية والعربية والدولية، من المرتقب ان يزور المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين بيروت في إطار وساطة واشنطن بالمفاوضات “غير المباشرة” لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إذ أكد مصدر مطلع لـ”لبنان الكبير” ان هذه الزيارة بأهمية الزيارات الأخرى، وتصب في اطار المساعي لحلحلة العقد اللبنانية، وان كانت تختلف في مسارها ومضمونها.

وسط كل هذه التحركات المكوكية، لا بد من هذه الأسئلة: هل الزيارات على اختلاف شخصياتها ومواقعها تصب نحو هدف واحد؟ وهل هذه الزيارات تأتي في إطار حثّ المسؤولين على الالتزام بالمبادرات التي تشكل خريطة طريق للانقاذ؟ وفي ظل الحركة الداخلية والمفاوضات الخارجية، هل يمكن القول ان لبنان بات على عتبة مرحلة التحولات الكبرى أو انه باق في مرحلة المخاض العسير الى وقت غير محدد؟ 

قيومجيان: نحن في مخاض كبير وفي صلب المواجهة

تحدث رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب “القوات اللبنانية” الوزير السابق ريشار قيومجيان عن الحركة الديبلوماسية تجاه لبنان، مشيرا الى ان “هناك اهتماما مشتركا لمساعدة لبنان، إذ يهدف الموفدون الاجانب الى انقاذ البلد، وكل طرف من زاوية معينة كالفاتيكان وفرنسا اللذين يهتمان بوضع لبنان ويحاولان الانقاذ”.

واعتبر ان “البلد وصل الى درجة غير مسبوقة من الانهيار، لافتا الى ان المبادرة الكويتية ذات البعد الخليجي والدولي اساسية لكن لا يمكنها مساعدة دولة قرارها مصادر وسيادتها منقوصة، وهنا نسأل ان كانت الحكومة جدية في التعاطي مع المبادرة أو ستبقى رهينة بيد حزب الله”.

وشدد على انه “لا يمكن بعد اليوم المضي بخطة تعافي ومساعدة لبنان من دون البحث بالملف السيادي، ونعني به سلاح حزب الله وارتباطه العضوي بالمشروع الايراني في المنطقة، وبالتالي، نحن أمام معادلة: السيادة للافراج عن المساعدات”.

ورأى “اننا في مخاض كبير وفي صلب المواجهة، والانتخابات محطة في هذه المواجهة، من هنا أهميتها. فإما ان تحرّر الدولة عبر مجموعة نيابية لديها رؤية سيادية واصلاحية واما سيذهب البلد الى المزيد من الانهيارات والعزلة العربية والدولية”.

وأشار قيومجيان الى ان “هناك أحداثا كبيرة تحصل على الصعيد الاقليمي والدولي من محادثات فيينا وتهديد روسيا باجتياح أوكرانيا الى اطلاق الصواريخ على الامارات والاستمرار في الاعتداء المسلح على دول الخليج، كلها أمور لا نعرف الى اين ستذهب، في لبنان هناك تحول أساسي يتجلى في الانتخابات النيابية لتغيير ميزان القوى القائم. لذلك أيا تكن التطورات الدولية، علينا التمسك بموقفنا المطالب بتحرير الدولة المخطوفة واعادة بنائها واسترداد مؤسساتها الشرعية”. 

عبود: الحركة الديبلوماسية مباركة والمهم ملاقاتها بإصلاحات

لفت الوزير السابق فادي عبود الى ان “الحركة الديبلوماسية تجاه لبنان لافتة ومباركة وفي محلها، لكن المهم ان يلاقي الداخل اللبناني هذه الحركة بإجراءات اصلاحية، وانا ليس لدي ثقة ان لدى الحكومة النية والمعرفة للاصلاح. لا أرى اجراءات فعلية يمكن البناء عليها للتفاؤل في الشأن الاقتصادي”.

وتحدث عن الموازنة “التي لم نلمس فيها أي نوع من الاصلاح، وإذا لم ننطلق بإصلاحات جدية لا أحد يأخذنا على محمل الجد أو يساعدنا للنهوض مجددا، معتبرا انه اذا كانت دول الخليج لا تريد اتخاذ اجراءات ضد لبنان، فليشجعهم السياسيون والاعلام اللبناني على ذلك”.

وقال: “ننتظر الموقف الواقعي من دول الخليج بعيدا عن التسريبات، ولا أعتقد انه سيكون هناك ردود فعل سلبية تجاه لبنان”.

عبد القادر: على السلطة إيقاف التذاكي والازدواجية

وأوضح العميد نزار عبد القادر ان “الحركة الديبلوماسية تؤكد على ضرورتين: أولا، ان تتحرك السلطات للتجاوب مع المساعي خاصة لجهة استعادة سيادة لبنان من خلال تنفيذ القرارات الدولية. ثانيا، التأكيد على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية التي تعتبر مرحلة مهمة اذا كان هناك من أمل للتغيير بطريقة ديموقراطية، مشيرا الى ان المؤسسات الدولية والدعم الاميركي والفرنسي والتهاون بمطالب صندوق النقد الدولي مع لبنان، يؤكد ان لا أحد يريد ان يتحول لبنان الى دولة فاشلة لأنهم يدركون ان الشعب لا يستأهل مثل هذه المعاملة، وان يعيش في هذه الظروف التي أوصلته اليها الطبقة السياسية الفاسدة”.

ولفت الى ان “لبنان تحت المجهر العربي والدولي، والورقة الكويتية طرحت مسائل هامة ومصيرية، وعلى السلطة اللبنانية ان تتعاطى معها بجدية، مشيرا الى ان الفاتيكان بزيارة وزير خارجيته يستكمل الحديث الذي جرى بين البابا ورئيس الحكومة في الفاتيكان الحريص على حماية الصيغة اللبنانية، لكن الحرص ترافقه هواجس كبيرة حول السيادة ومستقبل الدولة. أما فرنسا التي تبذل كل الجهود لمساعدة لبنان، فتحاول حاليا الحث على التجاوب مع المجتمع الدولي ومع الدول الخليجية”.

وسأل: “هل يتعاطى المسؤولون اللبنانيون بجدية مع الوضع القائم ومع المبادرات التي في حال عدم تلقفها سيتحمل الشعب مأساة كبيرة ؟، مشددا على ان على السلطة إيقاف التذاكي الذي لم يعد ينفع ولا يعطي نتيجة مع الدول العربية كما المطلوب ايقاف الازدواجية حيث الكلام ليس له صلة بالفعل”.

وختم عبد القادر “اننا أمام خطر خسارة هذا العطف والتفهم وهذه المحبة للبنان وشعبه من قبل القيادات في الدول الخليجية وكل الداعمين من اجل الخروج من الازمات المالية والاقتصادية”.

شارك المقال