شعب مخطوف

زاهر أبو حمدة

في هجمة مرتدة، أطلق نشطاء وسم #خطفوا_غزة كرد أولي على وسم #خطفوا_المنظمة. في بادئ الأمر، عملت الماكينة الإعلامية لحركة حماس ومعارضو السلطة على استغلال المباحثات الفصائلية في الجزائر وعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، لتوجيه الرأي العام إلى أن القيادة في المقاطعة خطفت الممثل الشرعي للشعب. لكن الردّ كان في توجيه السهام لحماس بأنها خطفت غزة. وتحت الوسم المستمر في التفاعل لأكثر من أسبوع عبّر خصوم التنظيم الحاكم في القطاع منذ 15 عاماً، عن واقعهم وتمكّن “النشطاء التويتريون” من نقل معاناة مليوني انسان محاصرون في غزة.

صحيح أن غالبية المغردين يعلنون رفضهم لحكم حماس، لكن الكلام يندرج تحت المطالب المشروعة ولا سيما أنها خدماتية يومية وليس هناك اختلافا أو خلافا على المقاومة. وبالتالي، وجب على قيادة الحركة أن تستمع إلى خطاب المظاهرة الافتراضية قبل أن تتحول إلى واقعية. هذه صرخة طبيعية لناس هدفهم أن يعيشوا مثل أبناء المسؤولين أو حياة كريمة على أقل تقدير. والمقصود في الحياة الكريمة ألا يتسوّل المواطن الغزي، وأن تؤمن له الطعام والكهرباء والاستشفاء والتعليم ومسكن وفرص عمل. يعني أن تكون الضروريات مؤمنة بعيداً عن الكماليات أو ما يخص الترفيه. ولو كنت مستشاراً لدى قيادة حماس، لطلبت جمع جميع التغريدات ودراسة حاجات الناس بدلا من الهجوم المضاد واتهام المحتاجين بالخيانة، لأن المقاومة مهما كانت قوتها وشعبيتها تحتاج لبيئة حاضنة ومن واجبها تقديم الإجابات على الأسئلة الكثيرة في غزة وحولها.

يتّضح للجميع ومن دون دراسات واستطلاعات رأي، أن الفرد يفكر بحاجته وهي أولوياته قبل التفكير بالأولويات الجماعية والاهداف القومية. ومعروف أن الشعب لديه وعي جماعي مكتمل بالتضحية والفداء، وهذا ظهر في ظل الحروب المستمرة على غزة. لكن إن كان لا بد من الظلم فليكن عاماً على الجميع وليس على جزء من الشعب. فمن النكد والقهر أن تجد نجل المسؤول الفلاني يملك عمله الخاص في العواصم المختلفة والمسؤول نفسه يحضّ الناس على الصبر والصمود. ومن الغباء أن تجد المسؤول العلاني يهنأ بالكهرباء والسيارات الفارهة والمسكن الجميل بينما آلاف العائلات من دون مأوى وسط البرد الشديد. هي مقارنات بسيطة بين الخواص والعوام، تخطر على بال كل من يُعلي صوته للمطالبة بحقوقه الأساسية.

وهذا ليس في غزة فقط، إنما في الضفة والقدس والشتات. هناك حالة من الانفصال المعنوي بين أولياء الأمر ورعيتهم. ولأن الشعب لم يختر ممثليه بعد وقف العملية الديموقراطية، وجب توقع أن تتحول الصرخات الى انتفاضات على الرغم من محاولات تسييس المطالب. وهذا جرس انذار للجميع أن الحراك الاجتماعي أهم من الحراك السياسي، فبدلا من أن يكون بوجه الاحتلال يُحتمل أن يكون ضد القيادات الهرمية، فالشعب المخطوف سينتزع قراره ويكسر قيده ولعل ذلك اقترب.

شارك المقال