fbpx

زيارة ميقاتي لتركيا… توقيت حرج وأولويات هرج ومرج

هيام طوق
هيام طوق
تابعنا على الواتساب

في عز أسوأ أزمة بين لبنان ودول الخليج، وفي ظل العزلة العربية وتداعياتها على اللبنانيين بسبب سياسة “حزب الله” ومن ورائه إيران، وسيطرته على القرار الداخلي وتمدّد نفوذه في المنطقة من دون مراعاة علاقات لبنان ومصالحه مع الدول الخليجية، زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تركيا على رأس وفد وزاري، وأجرى محادثات مع الرئيس رجب طيب إردوغان الذي أكد في مؤتمر صحافي مشترك معه، أن بلاده تقف الى جانب لبنان، “ونريد أن نصل إلى كل شرائح المجتمع اللبناني من دون تمييز وفي كل المجالات”.

وحسب المطلعين، فإن مصلحة لبنان أن تكون لديه علاقات جيدة مع كل دول العالم، لكن الزيارة أتت في توقيت حرج جداً خصوصاً أن لبنان ينتظر الرد العربي على الرد اللبناني على المبادرة الكويتية، والتخوف اليوم من أن تُفهم هذه الزيارة على أنها “إدارة ظهر” للدول العربية والانفتاح على تركيا، في حين أن الأولوية كانت تقتضي في هذه المرحلة الدقيقة الانكباب على اعادة ترميم العلاقات مع الدول العربية لأنه بغض النظر عن الأسباب الكثيرة الموجبة لذلك، فإن مصلحة لبنان تتطلب بقاءه تحت المظلة العربية، واعادة وصل ما انقطع، ووضع العلاقات في اطارها الصحيح كما كانت على مدى سنوات طويلة، وفرملة هذا المنعطف الخطير بين لبنان والعرب.

وفيما يؤكد البعض أن تركيا تحاول استغلال الانكفاء العربي عن لبنان وملء هذا الفراغ من خلال أذرعها المحلية لتقوية نفوذها في البلد خدمة لأجندتها، يرى آخرون أن الفراغ العربي مدمّر للبنان واللبنانيين، ولا يمكن لأي دولة أو طرف الحلول مكان الدول العربية خصوصاً الخليجية منها التي وقفت الى جانب لبنان في أسوأ ظروفه وقدمت له ما لم تقدمه أي دولة.

درباس: لا يجوز وضع الزيارة في الخانة السياسية

اعتبر الوزير السابق رشيد درباس أن “زيارة تركيا لا تحتمل المزيد من المعاني والتأويل والتفسير، ولا يجوز وضعها في الخانة السياسية، بل هي رحلة لرئيس حكومة بحاجة الى أي منفذ للمساعدة والمساندة. ولا يجوز أن تفسّر الزيارة بشكل خاطئ لأن رئيس الحكومة مضطر للتواصل مع كل الدول لمساعدة لبنان، لافتاً الى أننا لم نلاحظ أي حركة تركية لملء الفراغ العربي، وهذا أمر غير مطروح”.

فايد: لا يمكن لأي طرف ملء الفراغ العربي

رأى الكاتب والمحلل السياسي راشد فايد أن ” زيارة الرئيس ميقاتي الى تركيا تهدف الى محاولة حصد مواقف ايجابية تترجم بمساعدات أو بعمل تجاري لتعزيز الوضع الاقتصادي في لبنان، معتبراً أن من يتحدث عن الزيارة وكأنها تأتي في إطار عدم المبالاة بالعزلة العربية تجاه لبنان، أمر مبالغ فيه لأن لا أحد يريد الاساءة الى العلاقات مع الدول العربية ودول الخليج تحديداً. انها ترجمات تهدف الى استفزاز العرب، ومن يضع الزيارة في هذا الاطار يكون يصطاد في الماء العكر”.

وأشار الى أن “الزيارة مخطط لها منذ فترة وهي طبيعية في الوضع الراهن علّها تساهم في دعم البلد، وليست تحدياً لأحد، لافتاً الى أن العلاقة التركية مع العرب جيدة حالياً، ولا داعي لهذه المخاوف غير المبررة. الرئيس إردوغان سيزورالسعودية في شباط الجاري وفق ما كان أعلنه شخصياً، وهو كان استقبل في أنقرة في تشرين الثاني الماضي ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في زيارة فتحت صفحة جديدة بين البلدين وتكلّلت بإعلان إماراتي عن إنشاء صندوق استثمار بعشرة مليارات دولار لدعم الاقتصاد التركي”.

وشدّد على أنه “لا يمكن لأي طرف ملء الفراغ العربي، وما قدمه العرب للبنان لا يمكن لأحد أن يجاريهم فيه وتحديداً المملكة العربية السعودية والامارات وقطر والكويت”.

نادر: الأولوية لترميم العلاقات مع الدول العربية

وصف مدير “مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية” سامي نادر الزيارة بأنها “دقيقة في هذه المرحلة، معرباً عن اعتقاده أن الهم الأول للبنان يجب أن يكون إعادة ترميم علاقاته مع الدول العربية قبل أي شيء آخر. وزيارة من هذا النوع تُفسر كما لو أن لبنان يحاول ايجاد البديل أو يعيد نوعاً ما شيئاً في توازن علاقاته الدولية أو يحاول كسر العزلة المفروضة عليه نتيجة سياسات حزب الله التي شكّلت أزمة في المنطقة”.

وشدّد على أن “الأولوية اليوم كان يجب أن تكون في مكان آخر”، وقال: “لا نعرف آفاق الزيارة، لكنها ستصطدم بتساؤلات جهات ثلاث هي على علاقة وثيقة بلبنان: العرب، سيتساءلون عن آفاق الزيارة وأبعادها. وفرنسا التي هي على علاقة مأزومة مع الأتراك ستسأل عن هدف الزيارة الى تركيا حيث يجري الحديث عن دور تركي في اعادة ترميم المرفأ. والأميركيون الذين يساهمون في دعم الجيش”.

ورأى أنه “لا يمنع أن تكون للبنان علاقة متينة مع دول العالم لكن هدفه الأساسي اليوم على المستوى الديبلوماسي، هو الخروج من الأزمة الدولية المفروضة عليه، وهذا يتطلب اعادة ترميم علاقاته مع العالم العربي الذي يشكّل عمقه الاستراتيجي ليس لأن لبنان جزء من العالم العربي فحسب، وانما لأن مصلحته تقتضي اعادة ربط ما انقطع مع الدول العربية خصوصاً أنه كانت هناك مبادرة كويتية في الفترة الاخيرة”.

أضاف: “بعد اعادة هذه العلاقة الى مجاريها الطبيعية يمكن للبنان أن يلعب دور ساعي الخير أو دور الوسيط، لكن ضمن الأولويات. ولو كنت مكان الرئيس ميقاتي لاخترت على الأقل توقيتاً آخر، مع العلم أن الموعد ربما يكون قد اتفق عليه قبل المبادرة الكويتية”.

وأشار الى أن “هناك توسعاً للنفوذ التركي في المشرق وليس في لبنان فحسب، بحيث أن تركيا تمارس سياستها التوسعية بعدما كانت تدير ظهرها للشرق منذ 15 عاماً”.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال