هل ينتصر “قابيل” مجدّداً؟

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

ليس أصعب من 14 شباط هذه السنة. هي مناسبة جمعت طوال سنوات، منذ العام 2005 “عشاق” لبنان المستقل السيد الحر، المتعدّد بناسه على الرغم من ضيق أرضه. مناسبة حب من قبل كثيرين للرئيس الشهيد رفيق الحريري لما قدمه، وعرفان جميل من قبل كثيرين لشهادة الحريري التي حرّرت البلد من وصاية النظام السوري.

من 14 شباط وُلد 14 آذار تاريخاً كثير الدلالات لـ”شعوب” لبنانية، مقابل 8 آذار كثير الدلالات لـ”شعوب” لبنانية أخرى… والكل في جغرافيا واحدة قسراً، بقراءات متباينة لتاريخ “غير مشترك”، التبس مراراً، بين صيغة وميثاق وطائف ومشاريع كلما فشل أحدها أخذ الجميع الى إحتراب أهلي.

“لبنان أولاً” كان السقف الذي خلط أهواءً متعددة بمسمى “14 آذار”، لم تصمد طويلاً أمام وعورة الدروب السياسية وإشتهاء السلطة والمزايدات بشعارات الحقوق بعدما أفلت “المارونية السياسية” وصار الكرسي والمجد رهناً بقوى جديدة مستقوية ترفع من تشاء وتُنزل من شاء.

كانت نكبة 14 آذار حين طبخ “الحكيم” اتفاق معراب واضطر الحريري الإبن الى تجرّع سم هذا الاتفاق بوصول ميشال عون الى الرئاسة. كانت ذروة إنتصارات “مرشد” جمهورية 8 آذار لبنانياً وإقليمياً.

في كل “14 شباط” كان الرهان على تجديد “إرث” رفيق الحريري، وبالتالي الأمل بولادة فكرة جديدة أو رهان جديد يعيد التوازن الى مشروع الدولة بعدما داسته بندقية الدويلة.

لكن في “14 شباط 2022” سيكون المشهد مؤلماً وربما غرائبياً بعض الشيء. سيكون حاضراً “الوريث” الذي رفع لواء “لبنان أولاً” ودفع أثماناً سياسياً أوصلته الى خيار تعليق العمل السياسي والعودة الى الجمهور الى القاعدة إنطلاقاً من “بيت الوسط”.

وسيكون حاضراً مشروع “سوا للبنان” لصاحبه بهاء رفيق الحريري، الذي رأى في الانتخابات النيابية فرصة للمضاربة بعد 17 سنة غاب فيها كلياً عن لبنان واللبنانيين وعن شؤون وشجون “الحريريين” من السنّة والطوائف الأخرى.

بين “لبنان أولاً” عند الضريح في ساحة الشهداء وعند الشعلة، مكان الاغتيال أمام “فينيسيا”، ستكون المناسبة حدثاً مشهوداً بين “الأوفياء” للشهيد الذين ساروا مع سعد رفيق الحريري، وبين “سوا للبنان” كحركة ميسورة الدولارات تتوسل الأزمة المعيشية الخانقة لشراء الضمائر والأصوات علّها تنجح في طعن الشقيق في الظهر وترث جمهوره حياً، فينتصر “قابيل” من جديد.

شارك المقال