بين اتفاق القاهرة وثلاثية الهلاك

الراجح
الراجح

سمحت الخلافات بين اللبنانيين أمام المقاومة الفلسطينية بالتسلّل الى قلب الأزمة اللبنانية واستغلالها لمصالحها الخاصة القاضية بالهيمنة على القرار اللبناني وتوسيع قاعدة زبائنيتها الاسلامية واليسارية. فاستخدمت أساليب التخوين (ضغط نفسي وجسدي، اغتيالات الخ…) والترغيب (دعم نفوذ سياسيين وقبضايات الأزقة والشوارع وزعمائها، تسليح المسلمين واليساريين ومدّهم بالأموال الشهرية والمساعدات العينية)، وكان جزء من الأموال التي تتسلمها “منظمة التحرير الفلسطينية” في لبنان يُصرف على استقطاب الموالين والمناصرين لاستخدامهم كأدوات لها والاختباء وراءهم في الكثير من الأحيان.

وبتصعيد العمل العسكري للمقاومة من لبنان ضد اسرائيل وبالتالي تصاعد ضربات الثأر الاسرائيلية الموجعة ضد هذا البلد وسكانه، ازدادت التناقضات بين السلطة اللبنانية والفلسطينيين وجاء التعبير عن ذلك بالاشتباكات الدامية بين الجيش اللبناني والمقاومة. وفي أيار 1969، ألقى الرئيس شارل حلو خطاباً أكد فيه أن لبنان يؤيد المقاومة طالما أن سيادته آمنة ومصانة ومحترمة (عكس الرئيس اليوم الذي يؤيد “حزب الله” على حساب السيادة واحترام الدولة). وبما أن المقاومة الفلسطينية لم تحترم هذه السيادة كان كلام الرئيس حلو يعني أنه ضد أنشطتها ووجودها العسكري في البلاد. هذا ما وضع لبنان في موضع الاتهام عربياً ومن قبل المقاومة والمسلمين، بأن سياسته ما هي الا مؤامرة أميركية للقضاء على المقاومة، ولهذا أذعن الرئيس اللبناني لضغوط سوريا ومصر عليه لتوقيع “اتفاق القاهرة” مع “منظمة التحرير الفلسطينية” في 3 تشرين الثاني عام 1969.

– أعطى اتفاق القاهرة قوة للمقاومة الفلسطينية لتوطيد نفوذها العسكري ولانتشارها على كل الأراضي اللبنانية تقريباً.

– أدى الاتفاق الى انفراط “الحلف الثلاثي” بسبب معارضة ريمون اده له واعتباره بداية كارثة في لبنان.

– تسبّب الاتفاق بجرح الديموقراطية التي ميّزت لبنان في محيطه العربي بموافقة المجلس النيابي على “اتفاق القاهرة” في 4 كانون الأول 1969 من دون أن يطّلع عليه.

– أزاح الاتفاق الستارة عن مشكلة الانقسام الطائفي حول الهوية والسياسة الخارجية في لبنان وأعاد الوضع الى ما كان عليه عقب انشاء “دولة لبنان الكبير”.

ان استراتيجية “منظمة التحرير الفلسطينية” ازاء لبنان واعتباره دولة مواجهة وتجاوزات فصائلها وممارساتهم واستعراضاتهم وتحدّي الدولة اللبنانية، مواطنين وأجهزة أمنية، سرعان ما جعلت من “اتفاق القاهرة” وثيقة جوفاء كان يكفي أن يندلع حادث بسيط ليشعل صداماً لا تُعرف نهايته… هل تجدون فارقاً عن ثلاثية شعب وجيش ومقاومة؟.

ما أشبه اليوم بالأمس…

شارك المقال