فعلها رفيق… وفعلها سعد!

عبد السلام موسى

لعلها ليست من سبيل المصادفة أن تحلّ ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2022، ولبنان في زمنه الأسوأ، بعدما عاش زمناً جميلاً لم يرق للمتربصين بهوية لبنان الوطنية والعربية.

اللبنانيون يعيشون في “لبنانات”. مارد الطائفية والمذهبية يخرج أخيراً من “القمقم”، ينفث سمومه في وجه اللبنانيين. يهول عليهم، يرعبهم، يرهبهم، ينجح في شد عصب بيئته، لكنه يفشل فشلاً ذريعاً في دفع بيئات أخرى الى التعصب، لأنها ببساطة، من مدرسة رفيق الحريري.

عندما قال رفيق الحريري “ما حدا أكبر من بلدو”، تحولت المقولة إلى أمثولة، أقلّه وسط أبناء طائفته، وهو عابر للطوائف، وفي صفوف تياره ومحبيه والمؤمنين بمشروعه الوطني الكبير. لذلك، فإن ذكرى 14 شباط تحمل في سنويتها الـ 17، رسائل إنسانية ووطنية مكتوبٌ في عنوانها :”لا خوف على أبناء الرئيس الشهيد”، سواء كانوا من أبناء الطائفة السنّية، أو من أبناء الطوائف اللبنانية الأخرى الذين ما زالوا يعتبرون أنهم ينتمون وينهلون من هذه الجامعة الوطنية الكبرى، ويجعلونها نبراساً يهتدون بها في المحن والأزمات، متماهين مع خير خلف، هو الرئيس سعد الحريري، الذي اعتادوا أن يسألوا معه “ماذا كان ليفعل رفيق الحريري؟”… ويفعلوا”.

بكل بساطة، ماذا كان ليفعل رفيق الحريري في هذا الزمن الرديء؟!، وماذا كان المطلوب من الرئيس سعد الحريري، الذي يقتدي به، أن يفعل؟!

هل كان يُخيّل للغيارى والحيارى، أن رفيق الحريري، الذي حمل همّ الوطن على أكتافه، ودفع دمه بلا منةٍ ثمناً لقيامة لبنان، سيقف مكتوف الأيدي، وهو يشهد على نفوذٍ خارجي يخطف طائفة ويحولها إلى منصةٍ لابتلاع الطوائف الأخرى، وتغيير وجه لبنان العربي، وجعله وقوداً لـ”حرب الآخرين على لبنان”، ولا يتخذ حيال كل ذلك، موقفاً صادماً وشجاعاً، علّه يعيد “الفئة الضالّة” إلى جادة الصواب.

هذا ما فعله سعد الحريري، وهو ما كان سيفعله رفيق الحريري، وسبق أن فعله.

ما أشبه الـ 1998 والـ 2004 بـالـ 2022. يومذاك اعتكف الرئيس الشهيد ليوجه رسالة صارخة، احتجاجاً على تمادي نظام الوصاية اللبناني – السوري في إجرامه بحق لبنان واللبنانيين. واليوم، يتماهى سعد الحريري مع اعتكاف والده الشهيد، بتعليقه العمل السياسي والمسؤولية المباشرة في السلطة، اعتراضاً شديداً على تمادي نظام الوصاية اللبناني – الإيراني في دفع لبنان رسمياً إلى جهنم… وبئس المصير.

أما وقد اتخذ سعد الحريري قراره، تحت عنوان “لا يغيّر الله ما في قوم حتى يغيّروا ما بانفسهم”، فإن رفيق الحريري في عليائه، وسعد الحريري على أرض جمهوره، ومعهما كل الوطنيين الصادقين الذين آمنوا بلبنان وطناً نهائياً، يُطمئنون فرقة الباطنيين والشتّامين والمتربصين والضالين، بأن للبنان رفيق الحريري ربٌ يحميه، وأن الطائفة السنّية التي يتباكون “دموع التماسيح” عليها، هي اليوم أقوى بخياراتها الوطنية وراء سعد الحريري، ولن تكون، كما يتوهمون ويتمنون، طائفة هائمة على وجهها، يمكن العبث بثوابتها الوطنية والعربية، والتشكيك برموزها وقادتها ومرجعيتها، من قبل فئة ارتضت أن يكون ولاتها ليس كما يُولّى على اللبنانيين.

شارك المقال