بلد الوكيل الوحيد

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

تغيرت الأحوال. تغير اللاعبون. تغيرت اللعبة. تغيرت موازين القوى. تغيرت المعادلة. إذن يفترض بل ويجب أن يتغير كل ما كان ثابتاً في الحقبة السابقة. مثل ماذا؟

مثلاً “الوكالات الحصرية”، التي يدل إسمها على كونها إحتكاراً لا يتوافق مع مقولة النظام الاقتصادي الحر، ما لزومها الآن؟ أصلاً ما كان لزومها قبلاً غير تغذية جيوب فئة تختلط في نسيجها “الطائفة مع الطبقة” في كيان أراد “الخياط” الفرنسي أن يكون رئاسياً برلمانياً ديموقراطياً، لكن محكوماً بـ”إمتيازات” سياسية من جهة، بإحتكار مواقع وصلاحيات فوق اللازم، مسنودة بإمتيازات إقتصادية تجارية مالية حصرية.

كان ذلك أيام لبنان العتيق، الكم أرزة العاجقة الكون، أيام “المارونية السياسية” قبل أن يوصلها “موارنة غير سياسيين” الى التهلكة وضياع المجد، لينبني “الطائف” على أنقاض إحباط وخراب مُلك دمره “أولاد عاقون”.

المهم وبلا طول سيرة. صار لبنان في مكان آخر. في السياسة والثقافة والاعلام والمال والاقتصاد… بل في الدولة والسلاح.

المتباكون على “الوكالات الحصرية” لا ينتبهون الى حقيقة أن هذا الامتياز أُريد به منع المنافسة فلا تُمس المقامات، لكن الظروف أسقطت ما هو أكبر من هذه الوكالات بكثير… أسقطت الدولة أساساً حين حُرمت من الحصرية المقدسة لكل دولة: السلاح.

في دولة محرومة من حصرية السلاح. في دولة أضعف من دويلة داخلها. في دولة أصبح “الرأس الماروني” وكيلاً لدى الوكيل الشيعي المحلي للمرجع الإيراني، ما زال هناك من يتفاجأ ويتعجب عندما يدفع “نواب شيعة” بمشروع قانون لإلغاء “الوكالات الحصرية” باعتباره “الإرث” الأخير من المجد اللبناني.

إنه “الزمن الشيعي” للبنان الذي بات “نجمة الهلال الإيراني” حيث يحتكر “حزب الله” حصرية خيار الحرب والسلم، والقدرة الحصرية على تركيب سياسات وحكومات.

صرنا بلا دولة. مؤسساتنا مدفونة. ناسنا يائسون بائسون… وهناك بعد من يتمسك بـ”وكالات حصرية” في وطن صار مشاعاً.

شارك المقال