صواريخ نصر الله “غير الدقيقة”… هذه المرة!

عبد السلام موسى

“من نكد الدهر”، العبارة الشهيرة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، المردودة له وعليه هذه المرة، تتجدد الملحمة اللبنانية فصولاً لا تكتمل.

الأراضي اللبنانية التي يستبيح نصرالله حرمتها الوطنية والسيادية، ويحولها من ساحة إيرانية مفتوحة ومتصلة ببعضها البعض من لبنان الى سوريا مروراً بالعراق، الى مصنع للصواريخ الدقيقة والمسيرات، التي أصبحت بالشكل صناعة لبنانية، لكنها (١٠٠% إيرانية)!

لم يكن ينقص اللبنانيين المكتوين بنار جهنم سوى هذا الإعلان لنصر الله، الذي أراد من خلاله أن يهدد العدو الإسرائيلي، كما قال، لكن تهديده لم يأتٍ في “الزمان والمكان المناسبين”، ويبدو “بلا رصيد” ومكشوفاً أمام اللبنانيين، وهم يرونه “يبلع الموسى” حيال فضيحة التفريط بحقوق لبنان البحرية، على يد حليفه في “تفاهم مار مخايل”، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بتخلّيه عن الخط 29 وتراجعه إلى الخط 23، وما يتردد عن أن هدف عون من ذلك، وبتسهيل من حليفه “حزب الله”، إجراء مقايضة مع واشنطن، في مقابل رفع العقوبات المفروضة على الصهر جبران باسيل، وإعادة تعويمه سياسياً، ولا سيما أنه أدلى بدلوه، وبشكل قبيح، لتبرير فعل عمه من أجله، والذي يرتقي، بنظر اللبنانيين إلى مرتبة “الخيانة العظمى”، قائلاً بأن “المي الي تحتها بترول الها قيمة، أما المي الي ما في تحتا غاز وبترول فما إلها قيمة!”.

إذاً، وببساطة مطلقة، لم يكن “التهديد” موجهاً الى العدو الإسرائيلي بقدر ما كان موجهاً الى الداخل اللبناني. فالعدو يعلم بوجود صواريخ وبوجود مسيرات ومعامل ايرانية للتصنيع الحربي على الأراضي اللبنانية، لكن السيد، شاء عن سابق تصور وتصميم، أن يوجه رسالة إلى الجيش اللبناني، ومعه الشعب اللبناني أيضاً، أي الى قطبين من أقطاب “المثلث الإيراني”، بأنني أملك ما لا تملكون، وأصنع ما تعجزون عن تصنيعه!

المضحك المبكي، أن السيد نصر الله الذي كان وعده صادقاً بإيصال اللبنانيين إلى جهنم، دعاهم من فترة ليست ببعيدة، إلى “الجهاد الزراعي” على الشرفات والسطوح، لتخطي الأزمة الاقتصادية الصعبة، فيما هو “مرتاح على وضعه”، وغارق في تصنيع المسيرات والصواريخ الدقيقة، أي غارق في “الجهاد الإيراني” الذي حوّل حياة اللبنانيين إلى جحيم، ولم يقدم لهم سوى الدمار والتعطيل وضرب علاقاتهم مع الأشقاء العرب.

من المقاومة إلى “المقاولة بالدماء” في حروب إيران التخريبية في العالم العربي، ومن تجارة المازوت الى تجارة المسيرات “لمن يريد أن يشتري”، يجعل نصر الله من المقاومة “سوبر ماركت إيراني” ومعرضاً للمنتجات الحربية والترهيب الأمني على الأرص اللبنانية.

في المحصلة، الخطوط الطويلة والعريضة و”الغليظة” لخطب نصرالله، تجتمع حول خلاصة واحدة “الأرض لي الأمر لي”، معطوفة على “أنا أمامكم وخلفكم فأين المفر؟!”، غير أن خطابه الأخير الذي يأخذ طابع “التحدي الحربجي”، في زمن سقوط “بندقية المقاومة” سابقاً… ولا من يلتقطها، في الوحول اللبنانية قبل أن يشهرها في وجه اللبنانيين، كان يمكن أن يمر، كما مرّ غيره من الخطابات الرنانة الطنانة الوضعية الإلهية… لكنه لم يمر!

شارك المقال