إلغاء الوكالات الحصرية بين وجهتي نظر مؤيدة ومعارضة

محمد شمس الدين

أخيراً، أقر مجلس النواب مشروع قانون المنافسة، الذي يتضمن إلغاء الوكالات الحصرية، ولكن يبدو أن المشروع مرّ على الرغم من اعتراض بعض القوى، أو الموافقة عليه على مضض. كتلة “التنمية والتحرير” هي أكثر الكتل جهداً لإقرار القانون، بينما أكبر المعارضين هما “القوات” و”التيار الوطني الحر”، فما خلفيات الاعتراض عليه؟ وماذا تقول كتلة “التنمية والتحرير”؟.

شدد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيزار أبي خليل في حديث لموقع “لبنان الكبير” على عدم وجود رفض من التكتل لقانون المنافسة، بل هناك خلاف على المادة 5 منه، “وقد توصلنا الى صيغة يقبل بها الجميع ومر القانون”.

أضاف: “المشكلة كانت في بعض فقرات المادة الخامسة من القانون، التي تنص على إلغاء الوكالات الحصرية، وتحديداً في الفقرة الرابعة منها، التي تُعنى بحماية الاستثمار اللبناني، فالبعض إما لم يفهم هذا الموضوع أو لديه أجنداته الخاصة. هذه الفقرة تقول انه إذا كان لدى الوكيل القديم خلاف مع المعمل الأساسي في الخارج، وبعد صدور حكم قضائي مبرم، يستطيع توقيف تخليص البضائع لهذا المعمل أو الماركة المعينة حتى يتم التعويض عليه. مثال على ذلك، فلنفترض أن X أخذ وكالة شركة سيارات معينة، والعقد معها يلزمه بفتح عدة معارض في البلد، وبتكاليف استثمارية معينة، ولنفترض أن تكاليفه 5 ملايين دولار، وبما أنه لا توجد وكالات حصرية يذهب Y أيضاً ويستحصل على وكالة من الشركة، ومن دون سابق إنذار تلغي الشركة العقد مع X، وهنا يرفع دعوى عليها في بلد المنشأ للحصول على تعويض بسبب كلفة استثماره، وبما أنه لا سلطة للبنان في ذلك البلد، فالنفوذ الوحيد الذي يملكه هو الدولة اللبنانية، وبذلك يرفع دعوى للاستحصال على حكم قضائي مبرم، يمنع دخول البضائع من الشركة إلا بعد أن تحل قضيته معها، كي لا يتخسر كلفة استثماره، وهذه الطريقة هي لحماية التجار اللبنانيين وليس الوكالات الحصرية”.

وعما اذا كان رئيس الجمهورية سيرد القانون الى المجلس النيابي كما حصل في السابق، قال أبي خليل: “لا أستطيع التحدث نيابة عن الرئيس، ومن جهتي أنا لا يزال هناك ما يزعجني في هذا القانون، وهو أن الاستيراد يجب أن يكون من بلد المنشأ وليس عبر وكيل إقليمي، فلبنان بلد صغير وبالتالي الوكيل لأي دولة في الإقليم سيكون لديه سعر أرخص بكثير من أي وكيل لبناني، ما يعني أن الوكيل الذي يستورد من بلد المنشأ لن يستطيع منافسة الوكيل الإقليمي، وهذا الأمر قد يضرب المنافسة”. وأكد أن “كل تعليقاتنا وانتقاداتنا للقانون ليست طائفية كما يسوّق البعض، الموضوع تقني بحت، ونحن صوّتنا مع إلغاء الوكالات الحصرية، ولكن في بعض البنود نريد حماية الاستثمار اللبناني”.

من جهتها، اعتبرت عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب عناية عز الدين أنه “لا يجوز تحت ستار حماية الاستثمار اللبناني أن يتم تعطيل المشروع، وكذلك لا يمكن عدم تحديد مهلة في الملف القضائي بين الوكيل والشركة الأم”. وأكدت “أننا لسنا ضد أن يحصل التاجر اللبناني على حقوقه من الشركة، فليقاضها ويتولى هو والشركة أمرهما، ولكن كتسوية قبلنا بتحديد مدة ثلاث سنوات لمنع استيراد البضائع نفسها”.

أضافت: “اقتصادنا لم يكن حراً، هذه كذبة، بل كان اقتصاداً احتكارياً، يكبّل أي حركة انتاجية في البلد، لأن كل المواد التي يمكن استعمالها في الانتاج هناك من يتحكم بأسعارها، بينما نريد أن نعدل الميزان التجاري، ونحسن الانتاج المحلي، ونخفض الاستيراد ونزيد التصدير، وهؤلاء التجار أنفسهم يمكنهم أن يساهموا في عملية الاستثمار الداخلي والانتاج. الهدف من المشروع فتح باب وجعل الاقتصاد مرناً، وإعطاء فرصة للشباب الناشئ للابتكار، الذي كانت الدولة تقتله، فأي شاب لديه فكرة مبتكرة يريد تنفيذها، كان يصطدم بخضوع كل مستلزماتها لوكالات حصرية ولسوق تسيطر عليها عصابات”.

وعن امكان رد رئيس الجمهورية القانون الى المجلس النيابي كما حصل في السابق، رأت عز الدين في هذا الأمر “تحايلاً على القانون، لكي تبقى الوكالات الحصرية”. وقالت: “يريدون تفخيخ القانون ببعض المواد كي لا يتغير شيء، ما المانع من أن يتم استيراد البضائع من وسيط بسعر أفضل؟، وأصلاً هناك أطر عدة ترعى هذه القوانين وتراقب الوكلاء. على كل حال، هم لم يثيروا هذه النقطة في الجلسة النيابية الأخيرة، بل أثاروها في اللجان سابقاً، ونتمنى أن يذهب القانون إلى التنفيذ، فهو لم يقتصر على إلغاء الوكالات الحصرية عن القطاع الخاص فحسب، بل حتى عن الدولة، بحيث لم تعد الدولة وحدها مسؤولة عن الانتاجية في الكهرباء والمياه والميدل إيست إلخ..، وأصبح كل ذلك خاضعاً للاستثمار”.

إذاً، مر مشروع إلغاء الوكالات الحصرية، وهو أمر مهم للشعب اللبناني الذي كان تحت رحمة مافيا المحتكرين لسنوات طويلة. وإذا كان هناك بعض الأمور التقنية التي يمكن أن تظلم بعض المستثمرين اللبنانيين، فيمكن تعديلها بعد تبيانها خلال الممارسة، على أمل ألا تتم العرقلة في السلطة التنفيذية.

شارك المقال