خطأ الحق التاريخي

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

مع مَن؟ مع الحق أم مع الضحية؟ مع روسيا أم مع أوكرانيا؟

الموقف من حدث كبير، كالحرب الروسية على أوكرانيا، يحتمل عادة خلط التاريخي بالجغرافي بالسياسي بالمقدس، لكن معياره الأقصى يبقى: الإنساني.

فالضالعون في التاريخ، كما الراسخون في الجغرافيا، وكما الجهابذة في السياسة، لا يصلون عادة الى خلاصة إنسانية في قراءة الحدث.

هناك مَن يحتفي بـ”تصحيح خطأ تأريخي”. مَن يهتف ضد “التوسع الجغرافي للناتو”. مَن يعلن “انتهاء القطبية الأحادية”.

والجملة الأبشع: القوة هي التأريخ. بمعنى تصنعه وتكتبه بالدم والأحزان.

وعلى طريقة “أبو ملحم” فإن “الحق قوة”. وعلى نقيض “قديسي الحروب” فان “القوة ليست حقاً”.

وليس لأن روسيا، حين صحت بعد كابوس انهيار امبراطوريتها، اختارت أن تتثاءب فوق الجغرافيا السورية وبأرواح السوريين، لتشارك في خنق واحدة من أطهر الثورات، ننتقم منها الآن بالوقوف ضدها في أوكرانيا.

وليس لأن الولايات المتحدة غزت وقتلت مئات الآلاف بل الملايين من البشر في حروبها على خريطة العالم، وكانت الآن مع أوكرانيا فنستنتج أن أوكرانيا على خطأ.

وليس لأن إسرائيل، المحتلة العنصرية القاتلة، كانت أقرب الى أوكرانيا على الرغم من حساسيات البعد السياسي عن روسيا، تكون أوكرانيا مذنبة.

وليس لأن أوروبا، وقد تهدد أمنها في صميمه وفي لون بشرته، أغفلت كثيراً حقوق ضحايا في نزاعات سابقة، تدافع عن أوكرانيا، وهي أصلاً هنا تدافع عن نفسها، نعتبر أن الوقوف ضد أوكرانيا هو الحق.

التاريخ مليء بالأخطاء، الناجمة في معظمها عن محاولات تصحيح أخطاء تاريخية، في متوالية يحاول كثيرون اختيار مواقف أو وجوه لتمجيدها، فيتشارك الجميع في الطغيان.

ثمة خيط بسيط سهل الادراك والرؤية: هناك روس يقاتلون داخل أوكرانيا، وليس أوكرانيون يقاتلون داخل روسيا. فمَن المعتدي؟ ومَن الضحية؟ فأين الحق؟

شارك المقال