إشرب شاي يا حج

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

في طلة سريعة أفقية على المواقع الإعلامية والاخبارية، أمس، استوقفني كلام في 3 محطات لم أدرك فوراً إن كان هناك رابط بينها:

محطة أولى:

فجأة تعلن السفارة الأميركية في دمشق أن آذار الحالي هو شهر المحاسبة.

ففي تغريدة عبر حسابها الرسمي على “تويتر” قالت السفارة الاثنين الماضي، إن شهر آذار الحالي سيكون “شهر المحاسبة”، وإن الإفلات من العقاب “سينتهي” في سوريا.

واعتبرت السفارة في التغريدة أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، ارتكب خلال الـ11 عاماً الماضية جرائم ضد السوريين، بتعذيبهم، لتؤكد أنها ستسلط الضوء على “كيفية قيام السوريين والمجتمع الدولي بمتابعة المساءلة عن هذه الجرائم”.

“شو عدا ما بدا” لتشهر الولايات المتحدة سيف المحاسبة ضد نظام الأسد الذي ما تمادى أصلاً في جرائمه طوال 11 عاماً الا لأن العالم الغربي، الديموقراطي إفتراضاً، غضّ أطرافه وبلع ضميره وهو يراقب ساكناً جرائم النظام وحلفائه الإيرانيين والروس ضد السوريين الذين حلموا بالتغيير والحرية؟

أهي صحوة ضمير على وقع الصور الآتية واللاحقة من أوكرانيا لما يمكن أن يحصل في يوميات الحرب الروسية؟

أهي لعبة “واحدة بواحدة” في حال افترض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بإمكانه محاسبة الأوكرانيين شعباً ورئيساً؟

محطة ثانية:

محلل سياسي روسي اسمه ألكسندر نازاروف كتب مقالة بعنوان “ابوكالبسي”: لا داعي للاستغراب… إنها الحرب العالمية الثالثة قد بدأت لتوها!.

يقول نازاروف: “الغرب يشطب روسيا وكل الحضارة الروسية وكل ما هو روسي من تاريخها على أقل تقدير، وسيحاول محوها من تاريخ العالم. يدور الحديث عن التدمير المادي لكل شيء روسي في العالم، كما قام الرومان القدماء برش الأرض بالملح، بعد استيلائهم على قرطاج، حتى لا ينمو أي شيء آخر هناك. تلك هي معركة النهاية”.

يضيف نازاروف: “إن هدف الولايات المتحدة الأميركية هو تحييد روسيا من خلال جرّها إلى صراع في أوكرانيا، وما يتبعه ذلك من حرب لاحقة بين روسيا وأوروبا، أو على الأقل مع القطع الكامل للعلاقات الاقتصادية الروسية الأوروبية. فلطالما كان منع التحالف الروسي الألماني هو المهمة الرئيسية للأنغلو ساكسون على مدى قرنين من الزمان”.

وإذ تعبق سموم التاريخ في قراءة نازاروف فانه يتابع: “ومع الأسف الشديد، فقد فازت الولايات المتحدة بهذه الجولة، ونجحت في تنفيذ انقلاب بأوكرانيا في العام 2014، والآن، من خلال دميتها في كييف، تمكنت من فرض صراع عسكري على روسيا”.

يعني المؤامرة واضحة تماماً. كمن يرى عاصفة آتية فيفتح شبابيكه وأبوابه لتهوئة داره حتى اذا ضربت العاصفة وحل الدمار صار يلوم “طواحين الهواء” عند جيرانه.

والأنكى بل الأصلف أن يتذكر المحلل عبارتين لبوتين: الأولى، “إذا كان القتال أمراً لا مفر منه، فعليك أن تضرب أولاً”؛ الثانية، “ما الحاجة بنا إلى عالم ليس به روسيا”.

ويبشرنا المحلل “الفج الواقعي” أنه “وبالنظر إلى تسارع الأحداث، أتوقع نشوب حرب نووية، أو على الأقل وضعاً ملتهباً، يقف فيه العالم على شفا حرب نووية، في موعد لا يتجاوز الصيف، وربما قبل ذلك، بالوضع في الاعتبار إيقاع تدهور الاقتصاد الروسي، فكلما تسارع، اقتربنا”.

إقتربنا من الفناء؟ ربما يهون مصيرنا إذا غرفنا من كؤوس الفودكا فلا ندري بما نصاب.

محطة ثالثة:

الأردني عبد الإله الشبول، ابن الـ88 عاماً، قطع على نفسه وعداً منذ العام 1967: ألا يشرب الشاي، وهو المولع به، إلا في القدس بعد أن تتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.

55 عاماً التزم الشبول بعهده. لكن المناضلين والمقاومين بكل أشكالهم واتجاهاتهم لم يلتزموا بوعد تحرير القدس.

الحج عبد الاله ملتزم بموقفه. ربما لو أحد أنبأه بما يتوقع المحلل الروسي لكان إقتنع بأن يحرر نفسه من العهد، وكسب بضع كؤوس من الشاي.

كلنا ننتظر. بعضنا يريد محاسبة. بعضنا يريد مجداً والا الفناء. بعضنا يريد قدساً وشاياً.

شارك المقال